صحافة دولية

انترسيبت: بايدن يتجاهل اعتراض أصحاب الأرض في موقع بناء سفارة القدس

يأتي التخطيط الأمريكي للبناء على أراض فلسطينية رغم دعمها للقرارات الدولية - جيتي
نشر موقع "ذي انترسيبت" تقريرا أعدته أليس سيبري قالت فيه إن إدارة جو بايدن تمضي قدما لبناء مجمع دائم لسفارة واشنطن في القدس المحتلة، تماشيا مع خطة الرئيس الأمريكي السابق دونالد ترامب، مؤكدة أن الإدارة الأمريكية الحالية لم تستمع لاعتراضات أصحاب الأرض الحقيقيين (بينهم أمريكيون).

وأشار التقرير إلى أن حكومة الاحتلال لديها مقرات في القدس المحتلة، لكن الفلسطينيين يعتبرون المدينة عاصمتهم، إذ تعتبر المدينة محل خلاف بناء على القانون الدولي، وهو ما أبقى السفارة الأمريكية مثل بقية السفارات في تل أبيب.

وأكد التقرير أن خطط السفارة الجديدة والتي عملت الإدارة الحالية على دفعها بهدوء في الأسابيع الماضية، ستعزز سياسة ترامب التي عكست الموقف الأمريكي التقليدي وخرقت سابقة أمريكية حول وضعية القدس وعمليات مصادرة الأراضي الفلسطينية غير القانونية.

وأوضح أن بناء السفارة سيجعل الولايات المتحدة لاعبا ناشطا في عمليات مصادرة أراضي الفلسطينيين، لأن المجمع سيتم على أراض فلسطينية مصادرة والتي لا يزال أحفاد المالكين الأصليين بمن فيهم عدد من المواطنين الأمريكيين يطالبون بها.

وقالت سهاد بشارة، مديرة مركز حقوق الإنسان "عدالة": "لا يزال لأحفاد ملاك الأراضي الحق في هذه الممتلكات بناء على القانون الدولي"، مضيفة "من خلال المضي بالخطة لبناء السفارة، تسهم الولايات المتحدة وبنشاط في عمليات مصادرة هذه الأراضي، والتعدي على حقوق المواطنين".

وبحسب خطة تقدمت بها وزارة الخارجية الأمريكية للسلطات الإسرائيلية، يمكن بناء المجمع الدبلوماسي على منطقة عشبية تعرف بـ "ثكنات ألنبي"، على اسم القائد العسكري البريطاني والتي استأجرها من العائلات الفلسطينية.

وهي مسجلة في دولة "إسرائيل" وأجرتها للولايات المتحدة بعد مصادرتها من مالكيها الفلسطينيين بناء على قانون أملاك الغائبين الصادر عام 1950، وهو القانون الذي انتقد بشكل واسع وسمح لإسرائيل كي تزعم ملكية أراضي عائلات فلسطينية مهجرة.

وقالت بشارة: "تمت مصادرة الأرض بطريقة غير قانونية"، مضيفة أن قانون أملاك الغائبين، صمم بطريقة عنصرية لمصادرة الممتلكات الفلسطينية لمصلحة إسرائيل وعمليات تهويد المنطقة.

وفي بيان أرسل بعد صدور التقرير من المتحدثة باسم وزارة الخارجية راشيل روبن جاء فيه: "لم تقرر الولايات المتحدة المكان الذي ستبحث عنه، وتاريخ المكان سيكون من ضمن العوامل التي تقرر اختيارنا للموقع".

وأكدت روبن أن بايدن سيثبت قرار ترامب نقل السفارة: "موقف الولايات المتحدة هو أن سفارتنا ستبقى في القدس التي اعترفنا بها كعاصمة لإسرائيل".

ونشرت سلطات الاحتلال في الشهر الماضي مقترحا مفصلا قدمته الخارجية الأمريكية عام 2021 ويشمل استعراض 3- دي لمستقبل مجمع السفارة المتعدد.

ومنح الكشف الرأي العام وعائلات الموقع الأصلي فترة اعتراض على الملف تنتهي بكانون الثاني/يناير. ويقوم أحفاد ملاك الأراضي بتقديم اعتراضات منذ تعويم فكرة نقل السفارة أولا في التسعينات من القرن الماضي ثم التخلي عنها. وتعي السلطات الأمريكية باعتراضات أصحاب الأرض، على الأقل في حينه.

وفي بداية العام الحالي، كشف الباحثون في مركز عدالة، مواد أرشيفية إضافية بما فيها سجلات الملكية والتي تزيل أي شكوك حول ملاك الأرض الحقيقيين.

وواحد من الأمريكيين الذين لديهم حق في الأرض التي ستبنى عليها السفارة الأمريكية، رشيد الخالدي، المؤرخ المعروف والأستاذ في جامعة كولومبيا والذي قامت عائلته إلى جانب عائلات فلسطينية أخرى بالاتصال مع السلطات الأمريكية لإلغاء الخطة.

وطلبت العائلات مقابلة وزير الخارجية أنطوني بلينكن والسفير الأمريكي في إسرائيل توم نايدز، بدون جواب.

وقالت روبن، المتحدثة باسم الخارجية إنها لا تستطيع التعليق على المراسلات الخاصة، مع أن الرسالة لوارثي الأرض هي عامة.

وقال الخالدي: "هذا بلد يعتقد أن الملكية الخاصة مقدسة". وتساءل: "لماذا تشعر الحكومة الأمريكية أن أملاكا خاصة للفلسطينيين الأمريكيين، أمريكيين حدث أنهم من أصول فلسطينية، بأنها تسمح لحكومة أجنبية أخذها منهم ثم تستأجرها من هذه الحكومة الأجنبية؟".

وأضاف: "فعلوا هذا بهدوء ولم يعلنوا عنه" و"لكن يجب على الأمريكيين العاديين أن تكون لهم الفرصة للقرار: هل نريد من حكومتنا أخذ أرض مسروقة من مواطنين أمريكيين للسفارة الأمريكية؟".

ولم تعترف الولايات المتحدة حتى الآن، بشكل خاص أو علني بالمزاعم التي تقدم بها ملاك ثكنات "ألنبي" الحقيقيين بمن فيهم مواطنون أمريكيون.

وفي التصريحات العلنية، قال مسؤولو وزارة الخارجية الأمريكية إنهم يدرسون خططا حول المجمع الدبلوماسي الجديد ويقومون بالتدقيق حول المواقع المحتملة.

وإلى جانب ثكنات "ألنبي"، تدرس الخارجية موقعا ثانيا في حي أرنونا القريب من الموقع المؤقت للسفارة الحالية. لكن النسخة الإسرائيلية تحدثت عن خطط الأمريكيين لتطوير الموقعين "مجمع لمكاتب السفارة أما المجمع الآخر فسيستخدم لأغراض أخرى وسيتم تطويره بعد بناء السفارة" وبناء على ما أخبر ممثلو الخارجية المسؤولين الإسرائيليين وبحسب النسخة العبرية، بشكل يقترح أن الموقع الثاني سيخصص لسكن الدبلوماسيين وطاقم السفارة.

ويعلق الموقع أن الحكومة الأمريكية استثمرت كثيرا في الخطط لبناء المجمع على الأرض المتنازع عليها. ففي العام الماضي ومن خلال لقاء عبر تطبيق زوم قدم بحضور عمدة القدس وشارك فيه أربعة ممثلين عن الخارجية، عرضوا خطة أشاروا فيها للمنفعة التي ستحصل عليها المنطقة تجاريا من بناء المجمع دونما الإشارة لأصحاب الأرض الحقيقيين.

واشتمل العرض على سلايدات و3-دي لشكل المجمع المتعدد، وهو عرض مفصل حيث فصل أثر المجمع على حركة السير وخططا لحماية الأشجار.

وقدم خطط بناء المجمع والوثائق المتعلقة به، جيمس كانيا، الضابط في الخدمات الخارجية، الذي فصل في صفحته على لينكدإن أعماله التي شملت متابعة "مشاريع عقارات وإعمار ضمت بناء مقر السفير الأمريكي بـ17 مليون دولار لتحديث مقر مفرزة البحرية الأمريكية في القدس" وكذا "العمل كمدير لوجيستي لنقل السفارة من تل أبيب إلى القدس"، ولم يعلق كانيا بناء على طلب الموقع.
والجهة المصممة لكل من موقع ثكنات ألنبي وأرنونا هي الشركة المعمارية ومقرها شيكاغو "كرويك ساكسون بارتنرز" وبالتعاون مع شركة هندسة معمارية في إسرائيل.

ورفضت الشركة الأمريكية التعليق. ويعلق الموقع أن وزارة الخارجية، ورغم تصريحاتها الغامضة حول الموقع تمضي في خطط الضغط على السلطات الإسرائيلية للموافقة رغم الاعتراضات من ملاك الأرض الحقيقيين.

ويعلق خالدي "يحاولون عمل هذا بطريقة هادئة" و"يتظاهرون بعدم مشاركتهم. مع أن سجلات التخطيط أعدتها الحكومة الأمريكية. واحدة منها تحمل شعار السفارة الأمريكية في إسرائيل. وهذا محض كذب، فهذا جهد أمريكي مع سلطات التنظيم الإسرائيلية بالطبع".

ويأتي التخطيط الأمريكي للبناء على أراض فلسطينية رغم دعمها لقرار في مجلس الأمن الدولي يدعم حق اللاجئين الفلسطينيين الذين شردوا من بلادهم بعد النكبة، ولكنها لم تفعل أي شيء لمنع إسرائيل من مصادرة أراضيهم، بما في ذلك التوسع الاستيطاني في الضفة الغربية والقدس المحتلة.

وأكد الموقع أن بناء أمريكا سفارتها على أراض مسروقة، سيكون ضربة أخرى لشرعية أمريكا المتراجعة بالمنطقة. وحتى ترامب، ظلت أمريكا مع بقية دول العالم ترى أن مصير القدس يقرر عبر المفاوضات برعاية الأمم المتحدة، كما ورفضت قرار القدس ضم القدس الشرقية من طرف واحد بعد عام 1967، لكن ترامب حطم هذا الإجماع عندما اعترف بالقدس كعاصمة لإسرائيل إلى جانب اعترافه بمرتفعات الجولان كمنطقة تابعة للسيادة الإسرائيلية.

والتزمت إدارة بايدن الصمت حول تحركات ترامب. وعلق خالدي "لم يقولوا: تواصل الولايات المتحدة الاعتراف بضم مرتفعات الجولان والولايات المتحدة تعترف بشكل كامل بضم القدس كما أعلنت إدارة ترامب. ولكنهم لم يبتعدوا بالممارسة عن هذه السياسات". و"السؤال هو إن كانت ستصبح (هذه السياسات) دائمة في ظل الإدارة الحالية؟".
الأكثر قراءة اليوم
الأكثر قراءة في أسبوع