قالت
مجلة "
أتلايار" الإسبانية إن كلا من
روسيا وإيران تحاولان توحيد أنظمتهما
المصرفية من أجل الحد من تأثير
الدولار وتجنب العقوبات الغربية.
وأضافت
المجلة، في التقرير الذي ترجمته "عربي21"، إن الحرب في أوكرانيا جعلت علاقة
روسيا وإيران أكثر قربا بطرق مختلفة، ولعل العلاقة الأسوأ سمعة حاليا بين البلدين تتعلق
بالتعاون في الأمور العسكرية بعد حصول الجيش الروسي على طائرات بدون طيار
إيرانية.
ومع ذلك، فإن هذا التعاون يصل إلى مجالات أخرى، مثل التمويل أو المال.
تعتبر
كلا من روسيا وإيران أكثر دول العالم تعرضا للعقوبات؛ حيث أدت العقوبات التي فرضتها
حكومة دونالد ترامب على النظام الإيراني إلى عزل طهران عن نظام "سويفت" بين
البنوك، وقد تكرر نفس السيناريو مع روسيا بعد غزو أوكرانيا. لهذا السبب، فقد اتخذ البلدان
الخطوات ذات الصلة للبدء في ربط أنظمتهما المصرفية.
وأوضحت
المجلة أنه لطالما سعت موسكو وطهران إلى تحقيق هذا الهدف حتى قبل الحرب في أوكرانيا؛
حيث التقى الرئيس الإيراني إبراهيم رئيسي في موسكو بالفعل في كانون الثاني/ يناير
2022 مع نظيره الروسي فلاديمير بوتين لمناقشة "المسائل النقدية والمصرفية".
ومع
ذلك، فإن السبب الرئيسي للاجتماع تمثل في الانتهاء من اتفاقية لتعزيز التبادل التجاري
بقيمة 10 مليارات دولار سنويا، وفقا لما أوردته صحيفة "ميدل إيست مونيتور"،
كما أفاد رئيسي بأنهما ناقشا وضع إجراءات لمواجهة هيمنة الدولار الأمريكي وكذلك الآليات
التي تضمن استمرارية التجارة بين البلدين وعملاتهما الوطنية.
بعد
مرور شهر من الاجتماع، قررت روسيا غزو أوكرانيا وهو القرار الذي جعلها الدولة الأكثر
معاقبة في العالم حتى إنها تجاوزت إيران. ومع تقدم الحرب، فإن المفاوضات المتعلقة
بالاتفاق النووي أصبحت أكثر تعقيدا وابتعدت طهران أكثر فأكثر عن الغرب. وعلى الرغم من الجهود
الدبلوماسية، فإن الطرفين لم يتوصلا إلى نتيجة.
وأوضحت
المجلة أنه في هذه الأثناء، بدأت إيران وروسيا بتعزيز علاقاتهما بشكل ملحوظ في مختلف
القطاعات.
وبهدف
استمرار التعاون في الشؤون المالية، التقى محافظ البنك المركزي الإيراني علي صالح آبادي
خلال شهر تمّوز/ يوليو الماضي، مع نظيره الروسي ألكسندر نوفاك في موسكو، حيث ناقشا
موضوع استخدام العملات الوطنية. وصرّح صالح أبادي لوكالة أنباء "إبينا" الاقتصادية
الإيرانية، التي وصفت أنباء الاجتماع بأنها "خطة إيرانية روسية مشتركة للتخلي
عن الدولار واليورو" قائلَا: "سنرى قريباً تنفيذ الاتفاقات التي تم التوصل
إليها".
بعد
ذلك؛ زار بوتين نفسه إيران في أول رحلة له خارج روسيا منذ بدء غزو أوكرانيا، ثم أكد
المرشد الأعلى الإيراني علي خامنئي أن الدولار "يجب أن يسحب تدريجياً من التجارة
العالمية"، وفق ما أوردته "غلف تايمز".
في الواقع،
استعدت روسيا للوضع الحالي منذ فترة طويلة، لذلك قررت تطوير نظام تبادل وطني بين البنوك،
نظام المراسلة المالية لبنك روسيا، البديل لنظام سويفت، والذي تم تنفيذه لأول مرة سنة
2014. منذ ذلك الحين، حاولت موسكو توسيع هذا النظام ليشمل شركاءها في بريكس وحلفاءها
الآسيويين وكل من الاتحاد الاقتصادي الأوراسي ومنظمة شنغهاي للتعاون. وذلك على الرغم
من أن إيران، بلا شك، هي الشريك الذي زاد التعاون معه أكثر في هذا الصدد.
بالإضافة
إلى ذلك، فإنه بحسب المجلة، تتفاوض موسكو وطهران على دمج نظام "مير" للدفع الروسي،
الذي تم إنشاؤه سنة 2014، ونظام "شتاب" المصرفي الإيراني الذي تأسس سنة
2002. لن تسهل هذه الصفقة التبادلات المصرفية والمالية بين إيران وروسيا فحسب، بل ستسمح
أيضًا للنظام بالتجارة مع دول أخرى.
وتم دمج
أعضاء من الاتحاد الاقتصادي الأوراسي في نظام "مير" للدفع الروسي التي تحافظ
على اتفاقية تجارة حرة مع طهران، مثل أرمينيا أو بيلاروسيا وكازاخستان وقيرغيزستان.
ونقلت وكالة الإعلام الروسية عن نائب وزير الخارجية الإيراني للدبلوماسية الاقتصادية،
مهدي سفاري، قوله: "أعتقد أن نظام الدفع هذا سيتم تفعيله قريبًا في إيران".
ومع
ذلك، فإنه حتى لو عزز هذا التعاون العلاقات بين طهران وموسكو على المستوى الثنائي أو في
إطار الاتحاد الاقتصادي الأوراسي، فإن مؤسسة "جيمس تاون" تسلط الضوء على
أنه "لا يمكنها الاستجابة لجميع التحديات المالية والمصرفية والتجارية الناجمة
عن ضرائب العقوبات الغربية لكلا البلدين".
وأفادت
المجلة بأن كلا من إيران وروسيا تحاولان تفادي العقوبات الغربية وتقليل اعتمادهما على
الدولار؛ حيث يعتبر الدولار الأمريكي هو العملة المهيمنة في التجارة العالمية، على
الرغم من أن هذا قد يتغير في المستقبل تمامًا كما تغير النظام العالمي الذي تم إنشاؤه
بعد نهاية الحرب الباردة.
واختتمت
المجلة التقرير بقولها إن الرئيس الصيني شي جين بينغ يحاول حاليا بالفعل مواجهة تأثير
الدولار باليوان، وهي عملة يأمل أن يتمكن من استخدامها قريبًا لشراء نفط الخليج، فخلال
قمة مع الدول العربية في الرياض، أكّد الزعيم الصيني على إدخال اليوان في تجارة الطاقة
وهو ما يمكن أن يضعف الدولار الأمريكي، وقال شي إن بكين ستواصل استيراد كميات كبيرة
من النفط والغاز من دول الخليج وستدفع باليوان الصيني، وفقا لبيان صادر عن وزارة الخارجية
الصينية.