استعرض مستشرق إسرائيلي، العقبات التي تقف أمام انضمام
السعودية إلى مسار
التطبيع مع الاحتلال الإسرائيلي، في الوقت الذي أعلن فيه بنيامين
نتنياهو حكومته
اليمينية المتطرفة.
وتتوافق المحافل السياسية والدبلوماسية أنه في ولايته الأخيرة رئيسا للوزراء، من المتوقع أن يذهب نتنياهو باتجاه إيجاد رابط بين مزيد من اتفاقات التطبيع والمبادرة السعودية لحل الصراع مع الفلسطينيين، وترك بصمته التاريخية، لكن الأمر قد يستدعي منه أن يودع أقصى اليمين، ويقترب أكثر من معسكر الوسط، وهو ما أوضحه في لقائه الأخير على شاشة تلفزيون "العربية" السعودي.
دورون ماتسا، المستشرق والمحاضر في كلية أهافا، زعم أنه بالتزامن مع تشكيل الحكومة الإسرائيلية الجديدة، يتم تهيئة الظروف المثلى لتحقيق الرؤية الصهيونية التي تم تحديدها منذ نهاية القرن التاسع عشر، على أساس فكرة "السلام الاقتصادي"، كما رسمها في الأصل بنيامين زئيف هرتزل، وتبناها جميع رؤساء ومفكري وقادة الحركة الصهيونية، وتقوم في أساسها على الافتراض المتعلق بمساهمة التحديث الاقتصادي الذي يمكن لليهود، كممثلين للقارة الأوروبية، أن يقدموها لشعوب الشرق "المتخلفة".
وأضاف في
مقال نشرته صحيفة يديعوت أحرونوت، وترجمته "عربي21" أن "نتنياهو اليوم يحاول استغلال ما آلت إليه إسرائيل من قوة اقتصادية تكنولوجية يمكن أن تقدم لبلدان المنطقة مزايا وفوائد، وقد أصبحت قضايا الاقتصاد ومستوى المعيشة أكثر أهمية بكثير من مسائل الحقوق السياسية، بجانب اضطرابات المنطقة منذ أحداث الربيع العربي، فضلا عن التهديد الإيراني الذي أوجد مزيدا من تفاعل دول الخليج الغنية مع إسرائيل، وعلى هذه الخلفية، تم إنشاء رؤية الشرق الأوسط الجديد، على أساس التعاون بين أثرياء المنطقة".
وأشار إلى أن "اتفاقيات التطبيع ظهرت إلى حيز الوجود في أيلول/ سبتمبر 2020 على أساس النموذج الاقتصادي النفعي الذي صممه اليمين الإسرائيلي، وتضمن انسحابًا من نموذج السلام الأيديولوجي السياسي، وهو أساس اتفاقيات السلام مع الأردن ومصر، لكن الرؤية الشرق أوسطية الجديدة، القائمة على المنفعة والاقتصاد، حلت محل الأيديولوجية، وأصبحت نقطة جذب ومركز جذب للاعبين إقليميين آخرين مثل السودان والمغرب، أرادوا الانضمام للأوائل، والاستمتاع بالفتات المتساقطة من طاولاتهم".
وتابع، بأنه "ومع انطلاق الحكومة السادسة لنتنياهو فسيسعى لإضافة السعودية لاتفاقيات التطبيع، عقب ما شهدته السنوات الأخيرة من تحركات محدودة مثل السماح للطائرات الإسرائيلية بالتحليق فوق أراضيها".
وذكر أن ثلاثة
عوائق رئيسية قد تحول دون نجاح نتنياهو بضم السعودية لاتفاقات التطبيع، أولها أن السعوديين من الصعب كسر مطالبتهم الدائمة بمبادرة السلام العربية التي تربط التطبيع الإقليمي بتسوية القضية الفلسطينية.
أما العائق الثاني في السياق الدولي، حيث تفتقر تل أبيب حاليا للمظلة الأمريكية، فلدى بايدن حساب مفتوح مع السعوديين، ومن المشكوك أن تكون إدارته على استعداد لتزويدهم بحوافز تجلب العائلة المالكة لاتفاقات التطبيع.
والعائق الثالث، يكمن في أن هذه الفترة في الشرق الأوسط تميزت بعودة سياسات الهوية الكلاسيكية التي تتحدى السياسات الاقتصادية النفعية التي شكلت أساس الاتفاقيات مع دول الخليج.
وتعترض أمنيات نتنياهو بتوسيع رقعة التطبيع مع عدد آخر من الدول العربية جملة تحديات أساسية ذكرها الكاتب أعلاه، لكن ما تشهده الأراضي الفلسطينية المحتلة من هجمات فلسطينية متزايدة، وما حصل للإسرائيليين في مونديال قطر من رفض ونبذ وازدراء، يؤكد أن الشرق الأوسط القديم غير مستعد للاستسلام، فيما النسخة الجديدة منه ليست جاهزة لإعلان النصر الكامل، وهذه حقيقة يدركها الاحتلال أكثر من سواه، مما يضع شكوكا عديدة في نجاح مساره التطبيعي.
في الوقت ذاته، فإن محاولة اليمين الإسرائيلي الذي يدخل السلطة قريبا بالقفز عن القضية الفلسطينية، والانتقال إلى التطبيع مباشرة مع عدد آخر من الدول العربية قد لا يحالفها النجاح، رغم انخفاض سقف التسوية السياسية من حل الدولتين، إلى صفقة القرن، وتعني إقامة الحكم الذاتي، بما لا يعرض أمن الاحتلال للخطر، لكنه قد يوفر إطارا رمزيًا لتسوية القضية الفلسطينية، ويسمح لعناصر مهمة في العالم العربي كالسعودية بدخول اتفاقيات التطبيع.
ولعل العقبة الأساسية الخاصة بتطلعات نتنياهو الشخصية الخاصة بالسعودية إسرائيلية داخلية بحتة، خاصة الهيكل الائتلافي الحالي الناشئ الذي لن يسمح لرئيسه بالذهاب إلى هذا المسار الخاص بالقضية الفلسطينية، رغم انخفاض سقفه كثيرا، مما يجعلنا ننتظر إجراء تغييرات مرتقبة في التركيبة الحكومية الإسرائيلية، ولكن بعد مرور بعض الوقت.