كتب

كيف تحولت اليابان إلى دولة إمبريالية في عصر الإمبرياليات الأوروبية؟ (1من2)

تميزت اليابان بالانفتاح المدروس على الثقافات العالمية، واحترام الثقافات الأخرى ومنها الثقافة العربية
الكتاب: "اليابان بين الحربين العالميتين: دراسة في التاريخ السياسي والاقتصادي والاجتماعي 1918-1945"
الكاتب: د. أمل عفيف بوغنام 
قدمه: د. مسعود ضاهر
الناشر: الدار العربية للعلوم ناشرون، بيروت- لبنان، الطبعة الأولى مايو 2020
(567 صفحة من القطع الكبير).


لقد استفادت النهضة اليابانية التي حققها المصلح الإمبراطوري مايجي (1868- 1912) في النصف الثاني من القرن التاسع عشر من الثورات الصناعية، والعلمية، والفكرية، والإعلامية، وثورات التواصل المتعاقبة في الدول الأوروبية قبل غيرها من دول العالم.وكانت الدول الأوروبية سباقة في تدشبن عصر الحداثة الغربية ،إذأطلقت مقولات فكرية وثقافية أفروتها الثورات الديمقراطية البرجوازية،تمحورت حول مفاهيم العدالة، والمساواة، والإخاء، والمواطنة، والديموقراطية، وحقوق الإنسان، وضمان الحريات الفردية والعامة، واحترام المعتقدات الدينية والخصوصيات اللغوية.

رغم السيطرة الاستعمارية المبكرة لبعض الدول الأوروبية على غالبية دول العالم، التي أكدت عدم رغبة الغرب الاستعماري في تطبيق مفاهيم الثورة الديمقراطية وقيمها، إذ جمع الغرب بين القوة الثقافية والاقتصادية الناعمة إلى جانب القوة العسكرية المدمرة بهدف ديمومة سيطرته أطول فترة ممكنة، ثم أنشأ مؤسسات غربية الانتماء وعالمية النفوذ، وأطلق دينامية فاعلة أدت إلى ولادة النظام العالمي البريطاني الذي بزغ فجر نشوء الإمبراطورية البريطانية، وتشكل نتيجة مؤتمر فيينا عام 1815، الذي كان من شأنه إعادة تقسيم أوروبا بعد هزيمة نابليون بونابرت في معركة واترلو، وبعد مؤتمر برلين عام 1885، الذي قسم القارة الإفريقية بين القوى الاستعمارية الأوروبية على أساس تفوقها العنصري.

ثم جاء من بعده النظام العالمي الأمريكي، الذي نشأ بعد انهيار النظام العالمي البريطاني بعد حربين عالميتين ، حيث بدأت الولايات المتحدة الجديد في تشكيل النظام العالمي الليبرالي الأمريكي من خلال مؤتمرين رئيسيين: عقد المؤتمر الأول في برايتونوودز في مقاطعة نوهامشير البريطانية عام 1944، حيث أنشأت 44 دولة حليفة تمويلاً دوليًا للنظام الذي يجسده البنك الدولي.

وعقب نهاية الحرب العالمية الثانية، عام 1945، اعتمدت 50 دولة ميثاق الأمم المتحدة ووعدتْ الشعوب بحرية تكوين دولها ، وفي الموافقة على إعلان آخر عام 1948، حين أكدت على احترام كونية حقوق الإنسان .وبوضوح ، فإنَّ قيام النظام الدولي المكون من 193 دولة يمثل تقدمًا هائلاً بعد العصور الإمبراطورية التي حكمت العشرات منها البشرية.

وسرعان ما تأسست وتطورت مؤسسات عالمية في إطار الأمم المتحدة، وفي مجالات التجارة، والثقافة، والعمل، وحقوق الإنسان، والبورصات العالمية، والمحاكم الدولية، والإعلام العالمي، وصندوق النقد الدولي، والبنك الدولي، ومنظمة التجارة العالمية، وكثير غيرها، وشكلت الدبلوماسية الناعمة شريكاً فاعلاً ساهم في ديمومة الهيمنة الغربية انطلاقاً من مخزون معرفي وعلمي هائل تشكل خلال الحقبات التاريخية المتعاقبة.

في هذا الكتاب الجديد، الذي يحمل العنوان التالي: اليابان بين الحربين العالميتين، ،الذي يتكون من مقدمة منهجية،ومن ستة فصول كبيرة، وخاتمة وعدة ملاحق،ويشمل 568صفحة من القطع الكبير،تستهدف  الدكتورة أمل عفيف بوغانم  في دراستها الأكاديمية هذه، البحث في الأسباب المباشرة التي دفعت اليابان إلى خوض الحرب العالمية الثانية في مواجهة الإمبريالية الأمريكية الصاعدة ، بعد أن كانت طوال فترة حكم المصلح مايجي (1868-1912)،حتى نهاية  الحرب العالمية الأولى على مهادنتها، وتحاشي الدخول في نزاعات بين البلدين ،وفي خط متوازنٍ عملت على الاقتباس من العلوم العصرية والتكنولوجيا الغربية وتوطينها ثم الإبداع فيها مع التمسك بكل ما هو إيجابي في التراث التقليدي الياباني، والاعتماد فلسفة الثقافة التقليدية اليابانية التي ركزت على مبدأ الانسجام بين الإنسان والطبيعية، إذْيفاخر اليابانيون بتراثهم الإنساني العريق، وبأنَّ بلدهم لم تطأه أقدام الغزاة قبل هزيمة اليابان في الحرب العالمية الثانية.

تميزت اليابان بالانفتاح المدروس على الثقافات العالمية، واحترام الثقافات الأخرى ومنها الثقافة العربية وتقدير دورها في بناء الحضارة الإنسانية، وأكدت النخب اليابانية على أن تراث العصر الذهبي يمكن توظيفه بصورة عقلانية ليساهم في بناء مستقبل أفضل، وهو موقف سليم لتجديد النهضة العربية على قاعدة التوازن بين الأصالة والمعاصرة، ويقدم نموذجاً عقلانياً لدور النخب الثقافية في مختلف دول العالم.

لذلك شهدت اليابان تبدلات اجتماعية كبيرة على قاعدة إصلاحات الإمبراطور مايجي، فتحولت من بلد فقير إلى بلد غني، ومن مجتمع تقليدي إلى مجتمع حديث يجمع بين الأصالة والمعاصرة، ونشر المصلحون اليابانيون مبادئ الحرية، والمساواة، والتنمية المستدامة، والديموقراطية، ودعوا إلى تحويل بلدهم إلى دولة ديموقراطية عصرية، واقتبسوا كثيراً عن مؤسسات الولايات المتحدة، والدول الأوروبية في مجالات النظام المالي، والتعليم العصري، والدستور، والتكنولوجيا المتطورة، والانفتاح على ثورات الصناعة، والإعلام، وبذلوا جهوداً مكثفة لردم الهوة الثقافية التي كانت تفصلهم عن الغرب، وأقبل الياباني على دراسة أسرار نجاح الغرب من خلال مصادرها الأصلية، والترجمة عن لغاتها الأم.

أهمية الدراسة

في المقدمة ركزت الباحثة أمل عفيف في هذه  الدراسة القيمة على الكشف عن الدينامية السياسية التي تمتعت بها اليابان إلى أن أصبحت دولة قوية خلال الحرب العالمية الأولى اقتصادياً، واجتماعياً، وعسكرياً، معتمدة على تثقيف الشعب، وتدريبه على العلوم العصرية والتكنولوجية المتطورة، لتحقيق التقدم، كما ركزت الباحثة أيضًا على نتائج الحربية العالميتين في مقارنة بين تجربتي التحديث في اليابان ونتائجهما، والتغييرات التي طرأت على المواقف الدولية، ولا سيما الانقلاب الجذري في الموقف الأميركي تجاه اليابان بعد الحرب العالمية الثانية لتقف بوجه التمدد الشيوعي الروسي، ودعمها للتوجه نحو النهوض الاقتصادي، وإعادة بناء الوطن على أسس الديموقراطية الغربية، كما أنها أرزت مواطن القوة لبناء دولة وفق المعايير المعاصرة مع الأخذ بالاعتبار خصوصية الدول لتكون تجربة التحديث اليابانية مثلاً يُحتذى به، وأهميته أيضاً في التعريف بإنجازات اليابان كدولة آسيوية، سواء في زمن الحرب أو السلم، ومراحل تطورها.

وتكمن أهمية هذه الدراسة أيضاً في محاولتها تحليل المعطيات ومعرفة الظروف التي سمحت لليابان بأن تصبح إحدى الدول الكبرى، والأوضاع التي كانت وراء توسعاتها العسكرية، كما شملت البحث في أسباب تبدل مواقف الدول الغربية تجاه اليابان، وموقف اليابان من دول الحلفاء، وفهم الجدلية القائمة بين التوسعات الإمبريالية اليابانية ودور تطور القطاع الصناعي، الذي أثار اهتمام الباحثين، وكذلك في أسباب فشل اليابان في تحقيق "المجال المشترك لشرق آسيا العظيم" وتزعم الدول الآسيوية واستقطابها تحت شعار "آسيا للآسيويين" لقطع الطريق أمام الدول الغربية بامتلاك مصالح لها في المنطقة، وسقوط مشروعها التوسعي بالرغم من وجود نقاط مشتركة بين الدول الآسيوية تحملها على التعاون من أجل مقاومة الاحتلال الغربي.

فإذا كان العالم محكوماً بالمصالح الغربية، تحاول هذه الدراسة توثيق التاريخ الياباني الذي حمل الكثير من الباحثين الغربيين على دراسته، لفهمه من مصادره الأصلية رغم صعوبة الحصول عليها، وتحليل العلاقات اليابانية  الأمريكية، وعلاقتها بالمجتمع الدولي، وعلاقة اليابان بدول الجوار، وتخوف الولايات المتحدة من مشروع يوحد اليابان والصين، وتطور علاقاتها الدبلوماسية مع المجتمع الدولي بعد الحرب العالمية الثانية ونتائجها المدمرة؛ فتكون اليابان في تاريخها قد حققت انعطافات عديدة ليستمر مسارها التطوري في تقدمه الطبيعي مع توقفه في فترة الدمار، والذي يبرز عنصري الاستمرارية والتغيير وأثرهما في التطور الاجتماعي.

كما تقدّم هذه الدراسة بعضاً من الدروس التي يمكن أن يستفيد منها العالم العربي والإسلامي في تحقيق الإنجازات، لتغيير واقعه ونفض غبار الاستعمارالغربي عن كاهله، وإيجاد السبل للإفلات من القبضة الغربية، وصناعة وطن بكل مقوماته، كما يقدم هذا البحث عرضاً للأحداث السياسية والتطورات الأمنية، والتجاذبات السياسية الداخلية التي قادت إلى العسكريتارية، ومحاولة تحقيق أحلامها التوسعية عن طريق الحروب الشاملة، واتحاد القوات الغربية التي أنزلت بها الخسائر الفادحة في نهاية الحرب العالمية الثانية.

منذ بداية الحرب اليابانية ـ الروسية حاولت اليابان ضمان موقعها في كوريا بالإضافة إلى منشوريا، لما لكل من منشوريا وكوريا من أهمية اقتصادية، ومواقع استراتيجية سيكون لها أثر كبير في المرحلة الممتدة ما بين الحربين العالميتين.
وقامت منهجية الباحثة أمل عفيف في دراستها هذه على التحليل الموضوعي العلمي الجدلي في دراسة الحقبة الممتدة بين الحربين العالميتين (1914-1945)، وتغطية الأحداث والتطورات العسكرية والسياسية التي مرت بها اليابان، من خلال تسلسل الأحداث، وتفنيد أسبابها، بحيث تتضافر ظروف عدة لإنتاج الحدث.

ـ مدرسة ما بعد الحداثة تؤكد على إمكانية فهم السياسة الخارجية من زوايا متعددة؛ إحداها التحليل العلمي المقارن للسياسة الخارجية.

ـ هناك مجموعة من التحولات الجذرية التي أنتجت آثاراً عميقة على العلوم الاجتماعية، وفي مقدمتها علم السياسة الخارجية، وكانت سبباً في بروزها للاستفادة منها.

كما اعتمدت الدراسة على المنهج التاريخي كأداة لتحليل وربط الأحداث بالنتائج، عبر التسلسل الزمني للتطور البشري، وذلك بالاستفادة من المنهج السياسي في تحليل دراسة موقع اليابان بعد الحرب العالمية الأولى اعتبرت كإحدى الدول الكبرى في معاهدة فرساي (1918)، ومؤتمر واشنطن (1921)، بعد أن تفلتت من قيود الاتفاقيات المجحفة، وعقدت تحالفات جديدة ضمنت بها دعم بريطانيا في سياستها التوسعية على حساب الصين. وسيطرت على العلاقات الدولية مشاعر الخوف من الآخر، وأخذت الدول بسياسة التسلح من الباب الواسع، وعقد التحالفات لضمان مصالحها الاقتصادية.

فترة حكم الإمبراطور تايشو Taisho في اليابان (1912- 1918)
وصول الإمبراطور تايشو Yoshihito إلى الحكم  (1912)

في (30 تموز عام 1912)، توفي الإمبراطور مايجي Meiji المتنور بعد أن وحَّد البلاد وقادها بحكمة، واستعان بالمصلحين في الداخل والخبراء من الخارج من أجل تحقيق النهضة اليابانية الصناعية و الديمقراطية ، وحكمها بحزم ووضعها على سكة التحديث، من خلال اتخاذه خطوات إصلاحية كانت بمثابة ركائز أساسية لبناء دولة عصرية، وجمع بين السلطة المدنية والعسكرية، إضافة إلى القدسية الموروثة. على الرغم من أن هذه الأفكار الواردة والحديثة التي نقلها اليابانيون عن الغرب، كادت أن تحدث هزات اجتماعية بين ما هو موروث وما هو حديث؛ إلا أن رغبة اليابانيين في الإصلاح في ظل قداسة الإمبراطور المتيقظ لتفاصيل الأمور قادت إلى تحديد المهام، وفصل السلطات، حين منع الجيش من التدخل في الشؤون السياسية.كان الإمبراطور مايجي أبا لخمسة عشر ولدا من خمس نساء، مات منهم أحد عشر.

تقول الباحثة أمل عفيف في تحليلها لتحول اليابان إلى قوة مؤثرة إقليميًا ودوليًا، :"اتبعت اليابان سياسة اقتناص الفرص حيث تسمح الظروف؛ فبعد أن شاركت مشاركة فعالة في إخماد انتفاضة )1899 ـ 1901(Boxer   في الصين، تدخلت اليابان في بداية القرن العشرين في انتفاضة Boxer بطلب من كل من الولايات المتحدة وبريطانيا، وقد ظهرت بداية كحركة معادية للمسيحية، "فهم هذا الطلب كدعوة لليابان للانضمام إلى نادي القوى المتحضرة، ومشاركتها كانت بهدف إدخال الحضارة الغربية". وساهمت إلى جانب اليابان كل من روسيا وألمانيا، في هذه الحملة التي أعادت الجنود اليابانيين إلى الصين، وإلى بيجين Beijing تحديداً.

ووضعت هذه الحملة مجدداً اليابان في مواجهة روسيا وألمانيا. لكن اليابان سعت إلى تطبيق وجهة نظر جديدة في العلاقات الخارجية، علاقات متوازنة بين البلدان الآسيوية؛ مما أعطاها دوراً في تحضر الشعوب الآسيوية، "فتوصلوا إلى بروتوكول Boxer الذي وضع حداً لما يسمى بتقسيم الصين، ودعمت القوى الأجنبية الحكومة في بيجين بينما كانت اليابان تروج لتحديث البلاد". حصل ذلك في بداية القرن العشرين، مما أكسب اليابان سمعة دولية حسنة بين الدول الإمبريالية وأصبحت "بوليس الشرق الأقصى"، وتوافق دورها مع السياستين الأميركية والبريطانية في المنطقة؛ حيث جهدت أميركا لضمان مصالحها دون الدخول في صراع طويل، فاكتفت اليابان بالتدخل لدعم الشرعية والقضاء على الثوار وبذلك تضمن استمرار العمل بالاتفاقيات، وخاصة التي عقدتها مع الصين. ولقد سعت الولايات المتحدة منذ بداية القرن العشرين إلى إيجاد مفهوم سياسة "الباب المفتوح في الصين".

 وأصبح هدف السياسة الأمريكية الرسمية تجاه الشرق الأقصى في النصف الأول من القرن العشرين تحرير الأسواق التجارية. وفي المقابل، بذلت الحكومة اليابانية جهودها لدى السلطات البريطانية للتخلي عن الاتفاقيات السابقة وأبرمت معها تحالفات جديدة. ترافق ذلك مع بداية الحرب الأهلية في كوريا؛ وحاولت اليابان الحصول على مركز مميز فيها، لكن المنافسة الروسية وضعت حداً للأطماع اليابانية، التي جاءت كرد فعل على الاستغلال الذي تعرضت له الصين من قبل القوى الغربية (ص 58ـ 59).

أظهرت اليابان قدرتها العسكرية أمام الدول الغربية، وباتت موقع ثقة لديهم، بعد الحروب التي خاضتها مع الصين وروسيا، والتي أدت إلى تغيير ميزان القوى في شرق آسيا.
وبالمقابل شعرت بريطانيا بالحذر تجاه مسألة الشرق الأقصى، وأرسلت بالاتفاق مع الحكومة الصينية، سفنها الحربية لترسو في ميناء بورت آرثر Port Arthur، وطالبت بتكريس سياسة "الباب المفتوح" الذي كان بمثابة مذهب مونرو Monroe الذي وضعته الولايات المتحدة، والذي يضع آلية لكيفية التعامل مع الدول الأكثر رعاية، وهو نظام دوائر النفوذ والاهتمام بسلامة الأراضي الصينية والسلام العالمي بشكل غير مباشر. "أما مذهب "الباب المفتوح" فهو مبدأ تجاري وسياسي على نسق مذهب مونرو، وأصبح قانوناً دولياً". ومن الواضح أن كلاً من بريطانيا والولايات المتحدة كانت تتجه سياسياً إلى الاتفاق مع اليابان خوفاً من الغرق في الوحول الصينية والعالم على أبواب حرب عالمية أولى.

أظهرت اليابان قدرتها العسكرية أمام الدول الغربية، وباتت موقع ثقة لديهم، بعد الحروب التي خاضتها مع الصين وروسيا، والتي أدت إلى تغيير ميزان القوى في شرق آسيا. كما أراد اليابانيون تقوية موقعهم في كوريا. وكان رئيس الوزراء إيتو هيروبيمي Ito Hirobumi من مؤيدي هذه الفكرة، فبدأت المباحثات مع الروس، على أن تمنح روسيا الأسبقية في منشوريا، مقابل سحب قواتها من كوريا. واستفادت اليابان من التحالفات الدولية، والاتفاقيات المعقودة بين الدول التي راحت تستعد للحرب العالمية الأولى، ومنها تحالفها مع بريطانيا. وهذا يؤكد على أن اليابان أصبحت مسيطرة بشكل كامل على كوريا، واستطاعت وضع قيود على سكة الحديد أنشأتها.

ففي (13 تموز 1911)، وقع التحالف الياباني ـ الإنجليزي كما عملت اليابان على التخلص من الاتفاقيات المجحفة ـ التي عقدتها في حقبة حكم الإمبراطور مايجي ـ وإلغاء حقوق الأجانب في اليابان، وقد تم ذلك في عام (1911)، بسبب التطور في العلاقات اليابانية مع كل من الولايات المتحدة وبريطانيا، وعادت إلى معيار الذهب وبدأ البنك الياباني بإصدار الأوراق النقدية القابلة للتحويل. وكانت هذه الخطوة أحد أهم التطورات التي أثرت على العلاقات اليابانية - الصينية بعد الحرب العالمية الأولى وكنتيجة لمحادثات السلام فيما بعد.

وفي نفس الوقت لم تكن اليابان راغبة في منح روسيا السيطرة على كامل منشوريا، كما أصرت الأخيرة على إبقاء قواتها في كوريا. ومنذ بداية الحرب اليابانية ـ الروسية حاولت اليابان ضمان موقعها في كوريا بالإضافة إلى منشوريا، لما لكل من منشوريا وكوريا من أهمية اقتصادية، ومواقع استراتيجية سيكون لها أثر كبير في المرحلة الممتدة ما بين الحربين العالميتين.
الأكثر قراءة اليوم
الأكثر قراءة في أسبوع