الإرهابي الوزير إيتمار بن غفير، أحد أتباع
وتلاميذ الإرهابيين كاهانا حي وباروخ غولد شتاين مجرم مذبحة الحرم الإبراهيمي في
الخليل، يدنس المسجد الأقصى المبارك فجر يوم الثلاثاء ٣/١/٢٠٢٣، بموافقة رئيس
وزراء كيان الإرهاب والعنصرية "إسرائيل" بنيامين نتنياهو ذي التاريخ
الأسود، مدشِّناً حقبة جديدة من التهديد والوعيد والتهويد والتوسع الاستيطاني
والإرهاب والهمجية والوحشية الصهيونية، تنفذها حكومة نتنياهو "اليمينية ـ
الدينية ـ المتطرفة"، المتجذرة في العنصرية والنازية الجديدة والشوفينية
البغيضة والإرهاب المستمر.
ما قام به "وزير الأمن القومي
الإسرائيلي"، ليس تصرفاً شخصياً لمستوطن عنصري، متطرف دينياً يُسمَّى إيتمار
بن غفير يحرض على تغيير الأوضاع في المسجد الأقصى والقدس، بل هو تصرف وزير في
حكومة، وقام بعمله باسمها بعد موافقة رئيسها، وهي حكومة أنتجتَها ومنحتها الثقة أكثرية
برلمانية جاءت نتيجة انتخابات عامة، وهذا يشير بوضوح إلى هُوية الأكثرية التي
انتخبتها، وتشكلت تلك الحكومة من أحزاب يمينية ـ دينية ـ مُتطرفة، تحالفت بناءً
على اتفاقيات موقعة مستمدة من عقيدتها وأهدافها السياسية.. ومن ثم فهو تصرف حكومة
أعلنت برنامجَها الاستيطاني التوسعي الخطير الذي يشمل تغيير الوضع القائم في
المسجد الأقصى، وتهويد
القدس، والتوسع الاستيطاني الشامل في الضفة الغربية والنقب
والجليل والجولان السوري المُحتَل.. وقد أكد نتنياهو رئيس هذه الحكومة، في خطابه
أمام الكنيست بعد نيل الثقة، نهجَها العدواني وبرنامجها وسياستها التي تستهدف
الفلسطينيين ومقدساتهم وأرضهم وممتلكاتهم وحقوقهم ووجودهم.
إن ما قامت به حكومة نتنياهو "
اليمينية - الدينية - العنصرية"، عبر الوزير بن غفير من تدنيس للمسجد الأقصى
المبارك ليس "اقتحاماً / استفزازياً" وانتهاكاً لحرمة المسجد الأقصى،
ومساً بمشاعر الفلسطينيين فقط، بل هو إعلان وإعلام لهم خاصة، وللعرب والمسلمين
عامة، بأن مرحلة الحسم الصهيونية الأخطر قد بدأت، فحكومة نتنياهو الشوفينية لن
تبقي من فلسطين وتاريخها وهويتها وثقافة شعبها ومقدساته وتاريخه شيئاً إلَّا
وتهوِّده فالكل لها.. وأن على الفلسطينيين أن يفهموا من خطاب نتنياهو بعد أن نالت
حكومته ثقة الكنيست، أن "إسرائيل" ستجلب الدول العربية واحدة بعد الأخرى
إلى الاعتراف بها وتطبيع العلاقات معها، ولن تبقى دولة عربية تناصرهم أو تستطيع أن
تقدم لهم عوناً أو أملاً، وما عليهم إلا أن يستسلموا وإلّا..
إنه التحدي المُعلن ليس للفلسطينيين فقط بل
للعرب والمسلمين، والنذير بخطر محدق وشر مستطير.. ونتنياهو يعي جيداً أنه يذهب إلى
أبعد مما يسبب انفجاراً أكبر بكثير من ذلك الذي أحدثه تدنيس إرئيل شارون للمسجد
الأقصى وكلف الكثير من الدماء، لكن له حساباته، فهو يفعل ذلك بتخطيط مدروس يبني
على حسابات عسكرية ـ أمنية إجرامية ترمي إلى جعل الفلسطينيين يستسلمون لأن جيش
الاحتلال سيبطش بهم من دون رحمة، والأوضاع والمتغيرات التي حدثت في بلدان عربية
جعلت بعضها شبه مشلولة يعيش أزمات وانقسامات وصراعات دموية تمنعها من مناصرة الشعب
الفلسطيني وبعضها يعطي ظهره للشعب والقضية.. هذا إضافة إلى الدعم الغربي المطلق
"لإسرائيل"، وانصراف اهتمام الدول والرأي العام والهيئات الدولية
للاهتمام بالحرب الروسية ـ الأوكرايينية وتفاعلاتها.
وقد ازداد نتنياهو طموحاً وعجرفة وتطاولاً
بعد مساندة ترامب وإدارته له في نقل السفارة الأمريكية إلى القدس، وما عُرف بصفقة
القرن أو صفعته، وفي تطويع دول عربية وجعلها تعترف بـ "إسرائيل" وتطبِّع
العلاقات معها.. فأظهر جنوحاً سياسياً، وغَطرسة ووقاحة غير مسبوقة منذ اليوم الأول
لحكومته الجديدة، فوصف قرار الجمعية العامة للأمم المتحدة الذي أحالت بموجبه موضوع
الاحتلال الصهيوني لفلسطين وحق الشعب الفلسطيني في تقرير مصيره إلى المحكمة العليا
في لاهاي لبيان رأيها بذلك، وصفه بأنه قرار حقير، وأن قرار المحكمة العليا لن يلزم
دولته بشيء لأنها ليست دولة احتلال في وطنها"؟!..
نعم قال: "في وطنها؟!؟"، يعني
فلسطين العربية.؟! فنتنياهو المتجاهل للتاريخ، المُنَشَّأ في الكذب والتزوير
والتلفيق لاختراع تاريخ، يعرف أنه متحدر من يهود الخزر الذين يسميهم أرثر كوستلر
"القبيلة الثالثة عشرة"، وأنه المُحتل القادم إلى فلسطين من الولايات
المتحدة الأمريكة.. "نتنياهو العجيب هذا ومَن هم على شاكلته، يدعي أن فلسطين
وطنه وليست وطن الفلسطينيين التاريخي؟!".
وهكذا حسب صناعة / فبركة تاريخ، ونتيجية
الاستعمار والتواطؤ الدولي، وتراكم الكذب والافتراء وتشويه الوقائع وتزوير الوثائق
والقفز فوق التاريخ وطغيان القوة العمياء.. هكذا.. يصبح للهُجْنَة العنصرية
ولصهاينة الخزر تاريخ في فلسطين، وتصبح "القدس" عاصمتهم، وأنهم ليسو
محتلين في "وطنهم"؟! ويصبح الفلسطينيون بلا وطن ولا تاريخ، وتصبح فلسطين
الكنعانية ـ العربية التي هي الجزء الجنوبي من سورية الطبيعية أي "بلاد
الشام" التي قسّمها اتفاق الوزيرين البريطاني والفرنسي "سايكس
وبيكو" عام 1916 إلى أربعة دول "سوريا ولبنان وفلسطين وشرق
الأردن".. تصبح فلسطين وطناً قومياً لليهود بموجب وعد بلفور، ثم دولة بتواطؤ
استعماري ودولي ودعم غربي و"شرقي" غير محدود.؟!
"وما فلسطين إلَّا الأرض العربية الوطن التاريخي للشعب العربي الفلسطيني، ووطنه الذي لا وطن له سواه.. وما هي إلَّا أرض محتلة وستعود لشعبها وأمتها العربية مهما امتد التآمر واشتد، وطال الزمن وغَلَت التضحيات".
إن ما تعرَّضَ ويتعرض له الفلسطينون هو مخطط
إبادة منظَّم، بطيء ومستمر ومُعتَّم عليه، وسياسة صهيونية مُعْتَمَدة ثابتة تتعاقب
على تنفيذها الحكومات في كيان الإرهاب "إسرائيل".. ويستهدف الشعب
الفلسطيني "مادياً ومعنوياً، جسدياً وروحياً، هوية وعقيدة وثقافة وحضارة.
ووجوداً.".. ففي كل يوم قتلى وجرحى ومعتقلون وملاحقون، وسجناء تغص بهم السجون،
ومداهمة للبيوت، وترويع للأطفال والنساء، واستيلاء على الأرض والممتلكات، وتدنيس
للمقدسات والمقابر، وعبث بالأرواح والحيوات.. ويقوم بهذا جيش الاحتلال وشرطته
والمستوطنون بهمجية ووحشية لا نظير لها، وتشارك بتنفيذه الدولة كلها بأجهزتها
ومؤسساتها وأحزابها وتشريعها وقضائها.. إلخ..
وينبغي أن يوضع هذا البرنامج الإبادي
الإجرامي، المستمر منذ قيام " إسرائيل".. أن يوضع أمام العالم كله بكل
ما ارتكبه بالوثائق والوقائع والحقائق، وبالشعارات والممارسات الصهيونية العنصريين
اليومية المُعلنة، من "الموت للعرب"، و "العربي الطيِّب هو العربي
الميِّت" إلى القتل والانتهاك والتشريد والسجن مدى الحياة بلا محاكمة ولا
تهمة ولا ذنب.. وأن يرفع ذلك الذي استهدف البشر والعمران والتاريخ والثقافة
والتراث و.. و.. إلخ، أن يُرفَع قضايا أمام قضاء دولي نزيه عادل محميٍّ من الترهيب
وإرهاب القوة العمياء، ومن ضغط اللوبيات العنصرية والصهيونية وتهديدها.. قضاء لا
يخاف ولا تفسده المُفسدات.. كما يوضع أمام كل ذي عقل وضمير وموقف وكرامة ومدافع عن
الحقيقة والإنسان في هذا العالم الذي لا يخلوا من أحرار وإنسانيين ومناضلين من أجل
الحرية والعدالة والكرامة.
وكدت أقول أن توضع شعارات الصهاينة: "الموت
للعرب"، و "العربي الطيِّب هو العربي الميِّت"، أمام عرب من العرب
والوا الصهاينة وتخلوا عن فلسطين وشعبها وقضيتها العادلة.. لعلَّ وعسى.. لكن..
استدركت، واستبدلت بذلك تذكير العربي المنتمي الذي لا يزعجه أن يتذكر: "أن
فلسطين عربية الوجه واليد واللسان، وأن شعبها العربي الأصيل المنتمي لأمته وعقيدته
يدافع عن الأمة وعن مقدساتها ويدفع ضريبة الدم، وأنه قاوم ويقاوم وسيقاوم باللحم
والدم، ليستعيد معكم وبكم ومعكم أنتم أحرار الأمة العربية والمنتمين إليها بشرف..
يستعيد فلسطين من البحر إلى النهر، يستعيد الأرض والتاريخ والحرية والاستقلال
والكرامة.. فالشعب العربي الفلسطيني لا وطن له سوى وطنه التاريخي فلسطين.. وما
فلسطين إلَّا أرض عربية محتلة وقضية أمة وأجيالها، ولن تتحرر إلا بالمقاومة وليس
بقرارات من هيئات ومؤسسات ومحاكم دولية.. فانهضوا ولنقف مع إخوتنا ونصمد وننتصر
مهما كثر التآمر واشتد، ومهما طال الزمن وامتد، ومهما غَلَت التضحيات.
والله ولي التوفيق.