بعد
قرار الجمعية العامة للأمم المتحدة بطلب رأي قانوني من محكمة العدل الدولية للنظر في
شرعية "
الاحتلال الإسرائيلي"، عبرت أوساط قانونية وإسرائيلية عن تخوفها أن
يؤدي ذلك لشيوع رأي عام دولي قوي ضد دولة الاحتلال من شأنه أن يعزز حركة المقاطعة،
والموقف السلبي تجاهها، بما في ذلك حلفاءها، مما يستدعي من الحكومة الجديدة مواجهة
جملة من التحديات المتوقعة.
مع العلم
أن الافتراض الإسرائيلي السائد أن الرأي الدولي سيتضمن تصريحات انتقادية حول عدم شرعية
سلوك الاحتلال في الضفة الغربية والقدس المحتلة، وحول خطوات الضم التي يقوم بها، ويمكن
أن تلحق قرارات المحكمة القاسية أضرارًا كبيرة بعلاقات الاحتلال الخارجية، وتستخدم
كذخيرة من قبل حركة المقاطعة (BDS) ، في الوقت ذاته
فإن ما قد يؤثر سلباً على رأي المحكمة الدولية تصريحات وأفعال الحكومة الجديدة التي
تتنصل صراحة من القانون الدولي، أو تشير ضمنًا أنه ليس لديها نية لإنهاء السيطرة على
الفلسطينيين.
بينينا
شارفيت باروخ وأوري باري الباحثان القانونيان في
معهد دراسات الأمن القومي بجامعة تل
أبيب، أكدا أن "الرأي القضائي الدولي سيبحث في التبعات القانونية الناشئة عن انتهاك
إسرائيل المستمر لحق الشعب الفلسطيني في تقرير المصير، من الاحتلال المطول والاستيطان
والضم، بما في ذلك الإجراءات الهادفة لتغيير التركيبة الديمغرافية وطبيعة ومكانة القدس،
واعتماد تشريعات وتدابير تمييزية ضد الفلسطينيين؛ وتأثير هذه الانتهاكات على الوضع
القانوني للأراضي المحتلة، والتداعيات المحتملة لذلك على دول العالم والأمم المتحدة
في نظرتهم لإسرائيل".
وأضافا
في دراسة ترجمتها "عربي21" أنها "المرة الثانية التي تطلب فيها الجمعية
العامة للأمم المتحدة من المحكمة الدولية رأيها بشأن إسرائيل، وقد كانت المرة الأولى
في 2004 بشأن إقامة جدار الفصل العنصري في الضفة الغربية، وقررت بأنه يخلق واقعة ضمّ
فعلي، ويشكل انتهاكًا للقانون الدولي، بما في ذلك التزام إسرائيل باحترام حق الفلسطينيين
في تقرير المصير، وقوانين الحرب وحقوق الإنسان، وقررت أن المستوطنات انتهاك للقانون
الدولي".
وأوضحا
أنه "صحيح أن هذا الرأي لم يؤد لاتخاذ إجراءات عملية ضد إسرائيل، لكنه ما زال
يستخدم كمرجع لعرض عدم شرعية سلوكها في الأراضي المحتلة من قبل منتقديها، واليوم في
القرار الجديد يمكن التقدير أن الإجراء سيستغرق سنة أو سنتين، وسيتضمن تصريحات انتقادية
حول عدم شرعية السلوك الإسرائيلي، ورغم أن طلب الرأي لا يشير بشكل مباشر للفصل العنصري،
لكنه يشير لتشريعات وتدابير تمييزية، والتمسك بالتمييز المنهجي والقمع على أساس الهوية
القومية والإثنية والعرقية والدينية".
وأشارا
إلى أن "هذه الصيغة القانونية تسمح للادعاء بالقول إن إسرائيل تحتفظ بنظام الفصل
العنصري في أراضي الضفة الغربية، وتوقع أن تدعو الفتوى الأمم المتحدة والدول والمنظمات
الأخرى لاتخاذ خطوات عملية الضغط عليها لوقف نشاطها غير القانوني، وقد توصي بفرض عقوبات
عليها، رغم وجود حق النقض (الفيتو) للولايات المتحدة، لكن القرارات القاسية من المحكمة
قد تلحق ضررا كبيرا بالعلاقات الخارجية لإسرائيل، بما في ذلك تآكل دعمها من قبل حلفائها".
وأكدا
أن "هناك إجراءات استباقية للقرار القضائي الدولي تمثلت بما أقدم عليه الأوروبيون
من تجميد مسودة اتفاقية متقدمة لتبادل المعلومات، بسبب الخلاف حول استخدام المعلومات
في أراضي الضفة الغربية، مما قد يشجع على تحركات دبلوماسية فلسطينية أحادية الجانب،
مثل تقديم طلب العضوية الكاملة في الأمم المتحدة، ورفع مستوى البعثات في دول العالم،
كما سيستخدم الرأي النقدي كذخيرة من قبل حركة المقاطعة، وأطراف أخرى تروج لمبادرات
لاتخاذ إجراءات ضد إسرائيل".
الخلاصة
الإسرائيلية أنه يمكن لسياسة الحكومة الجديدة وسلوكها أن تؤثر على محتوى القرارات نفسها،
ودرجة خطورتها، خاصة درجة دعم وتبني محتوى الرأي في الساحة العالمية، لأن ما صدر حتى
الآن عنها من تصريحات وخطوات تشير لتنصلها صراحة من القانون الدولي، وتوحي بأنه ليس
لديها نية لإنهاء السيطرة على الفلسطينيين، وهو ما سيستخدم ضدها في الحملة الدولية،
وسيجعل من الصعب حشد التأييد لمواقفها في مواجهة الرأي العام، وقد يؤدي لتفاقم الضرر
الذي يلحق بها بشكل كبير.
التخوف
الإسرائيلي أن يسهم تطبيق التشريعات الجديدة التي يدفع بها ائتلاف اليمين المتطرف بتراكم
الإجراءات التي تنتهك حقوق الفلسطينيين بشكل صارخ، بما في ذلك الاستيلاء على الأراضي
الخاصة لأغراض الاستيطان، وإجراءات العقاب الجماعي؛ مما سيعتبر حجة مركزية ضد إسرائيل
في الحملة الدولية، في ضوء حقيقة أن الفلسطينيين يمكنهم الحصول على رد إيجابي على مطالبهم
من محكمة دولية محترفة.