تشهد
مصر هذه الأيام تسابقا محموما وسريعا من
الأسر لإجراء عقود
الزواج، في ظل التصريحات التي صدرت من السيسي ووزير عدله
بتعديلات قانون الأحوال الشخصية.
وفي هذا الإطار برز مشروع قانون
صندوق دعم
ورعاية
الأسرة المصرية، بما يشمله من رسوم جديدة، ووجود لجنة برئاسة قاض وعضوية
أطباء للتأكد من سلامة التحاليل الطبية وسلامة العقد ومناسبة الشاب للفتاة وإعطاء
الإذن للمأذون الشرعي بتوثيق العقد، فضلا عن إنشاء صندوق يسمى: صندوق دعم ورعاية الأسرة
المصرية، وهو صندوق مستقل، يتبع رئيس الجمهورية، يكون مقره محافظة القاهرة، ويجوز
له إنشاء فروع أو مكاتب أو مراكز نوعية لتحقيق أهدافه في جميع أنحاء الجمهورية،
وفقا لما تحدده اللائحة التنفيذية من ضوابط وإجراءات في هذا الشأن، ويتمتع صندوق الزواج بالشخصية الاعتبارية، والاستقلال الفني والمالي والإداري في ممارسة مهامه وأنشطته
واختصاصاته.
برز مشروع قانون صندوق دعم ورعاية الأسرة المصرية، بما يشمله من رسوم جديدة، ووجود لجنة برئاسة قاض وعضوية أطباء للتأكد من سلامة التحاليل الطبية وسلامة العقد ومناسبة الشاب للفتاة وإعطاء الإذن للمأذون الشرعي بتوثيق العقد، فضلا عن إنشاء صندوق يسمى: صندوق دعم ورعاية الأسرة المصرية، وهو صندوق مستقل، يتبع رئيس الجمهورية
ويصدر
بقواعد وإجراءات تحصيل موارد صندوق الزواج قرار من رئيس الجمهورية، وينشأ له حساب خاص
بالبنك المركزي المصري تودع فيه حصيلة موارده، ويراعي ترحيل الفائض من هذا الحساب
في نهاية كل سنة مالية إلى موازنة الصندوق للسنة المالية التالية، على أن تحدد
المعاملة المالية لرئيس الصندوق ونائبه وأعضائه بقرار من رئيس الجمهورية.
وتتكون
موارد الصندوق من: حصيلة الاشتراكات في نظام تأمين الأسرة المنصوص عليها في المادة
الثانية من القانون، المبالغ التي تؤول إلى الصندوق نفاذا لحكم المادة الثالثة من
القانون، الهبات والوصايا والتبرعات التي يقبلها مجلس إدارة الصندوق، ما يخصص في
الموازنة العامة للدولة لدعم الصندوق، عائد استثمار فلوس صندوق الزواج.
كما
بينت مواد مشروع القانون تفاصيل عقوبة مخالفة قانون صندوق الزواج، حيث نصت على
أنه يعاقب بالحبس أو بالغرامة التي لا تقل عن 20 ألف جنيه ولا تزيد عن 50 ألف
جنيه، كل من يخالف أحكام هذا القانون من الزوج أو المأذون أو الموثق أو الحاضن أو
المستفيد من الحضانة أو من المخاطبين بأحكام هذا القانون.
وهكذا
يضرب السيسي ما تبقي من الأحوال الشخصية الشرعية في مقتل -متغنيا بالميثاق الغليظ-
في ظل وضعه العراقيل أمام العفاف وتحصين الشباب، ونقل حق الزواج من الزوج وولي
الزوجة إلى القاضي، وإغرامه بإنشاء الصناديق ومغارتها بعيدا عن الموازنة العامة
للدولة والرقابة المالية الفعالة.
يضرب السيسي ما تبقي من الأحوال الشخصية الشرعية في مقتل -متغنيا بالميثاق الغليظ- في ظل وضعه العراقيل أمام العفاف وتحصين الشباب، ونقل حق الزواج من الزوج وولي الزوجة إلى القاضي، وإغرامه بإنشاء الصناديق ومغارتها بعيدا عن الموازنة العامة للدولة والرقابة المالية الفعالة
إن
السيسي لا حديث له إلا عن تحميل الشعب فاتورة فشلة
الاقتصادي والاجتماعي والسياسي من
خلال تصدير الزيادة السكانية، فلم يكتف بما فعله من إهدار ثروات مصر وربط مصر
بحلقة استدانة لا يعلم سوى الله كيف يعيش في ظلها الجيل الحالي والأجيال
المستقبلية من أجل خرسانات وكباري وتفريعة لقناة السويس وعاصمة إدارية، جعلت من
الشعب مستعبدا باحثا عن لقمة العيش التي أصبحت صعبة المنال.
وقد
أمسك السيسي بتلابيب نظرية "مالتوس" للسكان -التي عفا عليها الزمن- وهو
يسعى بكل قوة لتطبيقها رغم مخالفتها لقيم المجتمع المصري المسلم وضربها الأسرة
والعفة والمجتمع في مقتل. فقد ظهرت في
القرن الثامن عشر نظرية الاقتصادي الإنجليزي الشهير "مالتوس" في السكان،
والتي ادعى فيها أن العالم لا بد أن يشهد كل ربع قرن ما يشبه المجاعة، وذلك نتيجة
ميل سكانه للزيادة وفق متوالية هندسية (على سبيل المثال 1، 2، 4، 8..)، بينما يميل
الغذاء إلى الزيادة وفق متوالية عددية (1، 2، 3، 4..)، ومن ثم فإن وجود فجوة بين
السكان والموارد الغذائية أمر لا مفر منه، وازدياد هذه الفجوة اتساعا بمرور الزمن
أمر لا فكاك عنه، وهو ما ينتج كوارث سكانية هي في حقيقتها أساس الأزمات
الاقتصادية، نتيجة زيادة السكان بسرعة تفوق الإنتاج. ورأى مالتوس أن "قوانين
الطبيعة" ستفعل فعلها لإعادة التوازن وإرجاع الأمور إلى نصابها، عبر تفشي
الأمراض والمجاعات وكثرة الحروب اقتتالا على الموارد تحت سطوة غريزة البقاء عند
الإنسان.
وقد حمل مالتوس المسئولية عن ذلك للفقراء، ودعا الدولة للكف عن تقديم المساعدات الاجتماعية لهم للحيلولة دون استمرارهم في الإنجاب، كما توصل
لحل ينافي الفطرة الإنسانية للمشكلة الاقتصادية من خلال مطالبته بالعزوف عن الزواج
أو تأجيله بهدف الحد من الزيادة السكانية، حتى لا تحصد الطبيعة الرؤوس الزائدة من
خلال الأمراض والأوبئة نتيجة سوء التغذية، أو تحصدها الحروب نتيجة للتصارع على
الموارد الغذائية.
أثبتت التجارب العالمية فشل هذه النظرية، وحتى الدول الغربية التي ظهرت فيها تلك النظرية أصبحت تقدم الدعم المادي والمعنوي من أجل الحث على الزواج والإنجاب، وقد كان لارتفاع نسبة المواليد في دول أوروبا بعد الحرب العالمية الثانية، الفضل في ارتفاع معدلات النمو الاقتصادي خلال الفترة 1945-1973م
لقد أثبتت التجارب العالمية فشل هذه النظرية، وحتى
الدول الغربية التي ظهرت فيها تلك النظرية أصبحت تقدم الدعم المادي والمعنوي من
أجل الحث على الزواج والإنجاب، وقد كان لارتفاع نسبة المواليد في دول أوروبا بعد
الحرب العالمية الثانية، الفضل في ارتفاع معدلات النمو الاقتصادي خلال الفترة 1945-1973م،
حتى سميت تلك الفترة بالثورة الخفية.
إن المشكلة الاقتصادية في مصر ليست بسبب السكان،
فالشعب المصري يملك من المهارات ما يمكنه من التقدم بالبلاد، ولكن أصل المشكلة
الاقتصادية في قيادة البلاد وعسكرة الاقتصاد، والحَوَل التنموي بالاتجاه نحو
مشروعات لا تحقق قيمة مضافة، وفي الوقت نفسه تعتمد في تمويلها على الديون فصرنا
نعيش مرحلة ديون بلا تنمية بامتياز. والأَولى الإنفاق الحكومي على التعليم
والتدريب والصحة، حيث إن تعليم وتدريب وتأهيل العنصر البشري والمحافظة على صحته
يجعله أكثر إنتاجية وإنتاجا، فهذه النفقات هي نفقات استثمار وليست نفقات تشغيل.
إن صندوق الزواج في مصر والذي يسير في ظل نظرية مالتوس، يفتح
الباب للعلاقات غير الشرعية خارج إطار الزواج من خلال وضعه العراقيل أمام الميثاق
الغليظ، هذا الميثاق الذي تدعمه حكومات العالم المحترمة -حتى في الغرب نفسه- التي
تقدر الإنسان، وقد سبقهم في كل ذلك الخليفة العادل عمر بن عبد العزيز الذي وُلّي
ثلاثين شهرا -وليس سنوات كلها عجاف- فقد كتب عمر بن عبد العزيز إلى عبد الحميد بن
عبد الرحمن وهو في العراق: أن أخرج للناس أعطياتهم، فكتب إليه عبد الحميد: إني قد
أخرجت للناس أعطياتهم وقد بقي في بيت المال مال، فكتب إليه: أن انظر كل من أدان في
غير سفه ولا سرف فاقض عنه، قال: قد قضيت عنهم وبقي في بيت المال مال، فكتب إليه:
أن زوّج كل شاب يريد الزواج، فكتب إليه: إني قد زوجت كل من وجدت وقد بقي في بيت
مال المسلمين مال، فكتب إليه بعد مخرج هذا: أن انظر من كانت عليه جزية فضعف عن
أرضه، فأسلفه ما يقوى به على عمل أرضه، فإنا لا نريدهم لعام ولا لعامين.
مصر تعيش عصر انقلاب الموازين، فالحكومة بدلا من أن تعطي الناس تأخذ من جيوبهم الفارغة، وبدلا من أن تشجع الزواج تضع العراقيل أمامه وتفتح الباب للزنا بالتراضي، وبدلا من علاج مشاكل الناس الاقتصادية تشغل الناس بمواضيع فرعية، وليس بعيدا عنا الحرب الضروس علـى مفسر كتاب الله الشيخ محمد متولي الشعراوي
إن مصر تعيش عصر انقلاب
الموازين، فالحكومة بدلا من أن تعطي الناس تأخذ من جيوبهم الفارغة، وبدلا من أن
تشجع الزواج تضع العراقيل أمامه وتفتح الباب للزنا بالتراضي، وبدلا من علاج مشاكل
الناس الاقتصادية تشغل الناس بمواضيع فرعية، وليس بعيدا عنا الحرب الضروس علـى مفسر
كتاب الله الشيخ محمد متولي الشعراوي -رحمه الله- من إعلام السلطة الذي يتحرك
بالسامسونج لصرف وجوه الناس عن الأزمة الاقتصادية الطاحنة التي علا فيها الدولار
وانتكس الجنيه، وارتفعت فيها الأسعار وانتكس المواطن.
إنها حرب ممنهجة على الدين؛
لم يسلم منها مأذون شرعي دعا الناس للإسراع بالزواج حتى لا يتحملوا تلك التكاليف
الجائرة فسجنوه، أما الفنانة التي أدمنت أدوارا ضد العفة وضُبطت متلبسة في مطار
القاهرة بمخدرات فقد خرجت كالشعرة من العجين؛ بحكم محكمة باهت بالحبس سنة مع إيقاف
التنفيذ.. لكي الله يا مصر.
twitter.com/drdawaba