نشرت صحيفة "
واشنطن بوست" تقريرا، أشارت فيه إلى أن الرئيس الروسي فلاديمير
بوتين أصدر "عفوا سريا" عن عشرات
السجناء الذين أرسلوا للقتال في أوكرانيا مع مجموعة "
فاغنر".
وقالت إيفا ميركاتشيفا، عضوة مجلس حقوق الإنسان، وهو هيئة استشارية، إلى وجود عيوب قانونية في استراتيجية التجنيد التي وعدت المجرمين المسجونين بإلغاء أحكامهم فقط بعد إكمالهم الخدمة العسكرية.
وأضافت ميركاتشيفا لوكالة أنباء "ريا نوفوستي" الحكومية أن قرارات بوتين صدرت سرا، للإفراج القانوني عن السجناء، وتجنب الكشف العلني عن أسمائهم، وهو ما يحدث عادة في إصدار
عفو رئاسي.
وأوضحت: "كل هذه المراسيم سرية، ولا يمكننا رؤيتها، لكن هذا يفسر سبب إطلاق دائرة السجون الفيدرالية سراح الأشخاص بهدوء".
وتابعت: "المرسوم الرئاسي الخاص بالعفو عن المدانين الذين شاركوا في العملية الخاصة يشكل سرا من أسرار الدولة؛ لأنه يسمح بالتعرف على هؤلاء الأشخاص".
وأوضحت الصحيفة أن المحكوم عليهم يبدو أنهم أرسلوا إلى بعض النقاط الساخنة على خطوط الجبهة، وقتل الكثير منهم. حوالي عشرين منهم، جندتهم في البداية مجموعة "فاغنر" للالتفاف على القانون الروسي، حيث عاد العشرات لديارهم بعد أن قتل كثير منهم .
ومن المحتمل أن يعودوا إلى الجبهة في غضون أسابيع، وفقا لمجموعة
روسيا خلف القضبان، وهي منظمة لحقوق السجناء.
وكان العشرات من المدانين الذين نجوا من القتال العنيف لمدة ستة أشهر جزءًا من موجة التجنيد الأولى لما يقدر بعدة مئات، وهو جهد قاده منذ الصيف الماضي قائد وممول مجموعة "فاغنر" يفغيني بريغوزين، المعروف باسم "طباخ بوتين".
ونقلا عن أفراد عائلات المسجونين، قالت ميركاتشيفا إن العفو تم توقيعه خلال أوائل يوليو في نفس الوقت تقريبا الذي تم فيه نقل الرجال الأوائل الذين قبلوا بتوقيع عقود القتال بأوكرانيا.
وعندما طُلب منه تأكيد العفو السري، رفض المتحدث باسم الكرملين، ديمتري بيسكوف، إعطاء إجابة مباشرة، قائلا للصحفيين: "أنت تعلم أن العفو لا يمكن تنفيذه إلا بموجب مرسوم رئاسي... بما يتفق بدقة مع القانون".
ووفقا لـ"واشنطن بوست"، فإن بريغوزين شخصيا بجولة في العديد من السجون الروسية العام الماضي، حيث قدم للمجندين رواتب مربحة وعفوًا، بشرط أن يخدموا نصف عام كجزء من قوات الصدمة ووحدات المشاة المكلفة بقيادة الهجمات، وعادة ما يعانون من خسائر فادحة.
وغالبا ما تم إرسال المجندين إلى معركة بعتاد ضعيف وتدريب قليل أو دون تدريب، بحسب الصحيفة الأمريكية، التي أشارت إلى أن السجناء خدموا كتعزيزات للقوة الروسية الأولية في أوكرانيا، والتي استُنفذت في سلسلة من الإخفاقات القتالية المبكرة.
وتقدر الولايات المتحدة أن فاغنر لديها الآن 50 ألف جندي منتشرين في أوكرانيا، بما في ذلك 10 آلاف متعاقد و40 ألف مدان تم تجنيدهم من السجون.
ويطابق هذا التقييم البيانات التي جمعتها منظمة "روسيا خلف القضبان"، والتي تتعقب مشاركة السجناء في الحرب.
وذكرت منظمة "روسيا خلف القضبان" وجماعات حقوقية أخرى، أن نشر أشخاص مدانين دون أي سند قانوني يجعل من النظام القضائي سخرية.
ولأن خدمة المرتزقة لا تزال غير قانونية رسميا في روسيا، لم يكن من الواضح أن هناك أي ضمانات بأن المقاتلين سيحصلون على ما وعدوا به.
وقالت أولغا رومانوفا، مديرة موقع "روسيا خلف القضبان": "لقد تم منحهم جميعا 'هواتف غبية'. بعد 45 يوما، سوف تدق الهواتف، وسيتم استدعاؤهم مرة أخرى"، وأضافت: "لقد وقعوا جميعا عقود تجديد. أولئك الذين لم يوقعوا لقوا حتفهم على خط الجبهة".
وتابعت بأن المقاتلين ليس لديهم خيار سوى التوقيع، وأن المدانين السابقين تلقوا وعودا بأن فاغنر لن تستخدمهم كقوات صدمات بعد الآن، لكن بدلا من ذلك ستخصصهم لوحدة خاصة لم يكشف عنها، ومكلفة بتتبع "مجموعات التخريب والاستطلاع" الأوكرانية.
وأضافت رومانوفا: "قد يكون المرسوم سريا، لذا يبدو أنه تم العفو عنهم سرا بالجملة قبل نقلهم من السجون"، مضيفة أن سرية هذه الأوامر قد تعقد عملية العفو؛ لأن المدانين من الناحية الفنية لا يمكنهم إظهار المرسوم للشرطة أو ضباط الإصلاحيات.
وبرزت مجموعة فاغنر كقوة قتالية رئيسية في أوكرانيا. كان لها الفضل في تحقيق انتصارات استراتيجية حاسمة خلال الصيف، وأشادت بها وسائل الإعلام الحكومية الروسية علانية، ما وضع نهاية للسنوات التي ظل فيها وجود المجموعة سرا مكشوفا.
في الآونة الأخيرة، زعمت قوات فاغنر أنها استولت على أراض بالقرب من بلدة سوليدار في منطقة دونيتسك الشرقية بأوكرانيا. روّج المعلقون العسكريون الروس وبريغوزين لهذا العمل الفذ؛ تحسبا، لأن قوات فاغنر قد تستولي قريبا على مدينة باخموت القريبة.
وقال معهد دراسة الحرب، وهو مركز أبحاث مقره واشنطن، في تقرير حديث، إن بريغوزين "سيواصل استخدام نجاح مجموعة فاغنر المؤكدة والمصطنعة في سوليدار وباخموت للترويج لمجموعة فاغنر باعتبارها القوة الروسية الوحيدة في أوكرانيا القادرة على تأمين مكاسب ملموسة".