أعطى اقتحام وزير "الأمن القومي" الإسرائيلي إيتمار
بن غفير للمسجد
الأقصى سببا لدى الأوساط الأمنية والاستخبارية للبحث في تبعات هذه الخطوة الاستفزازية، ومآلاتها الميدانية على صعيد الاحتكاك مع
الفلسطينيين، بالتزامن مع الإعلان عن توسيع الاقتحامات اليهودية، وتوجيه شرطة الاحتلال بحمايتهم، مما يفسح المجال للحديث في السيناريوهات المحتملة، على صعيد اندلاع مواجهات ميدانية، وإضرام النيران في الساحات الأخرى، بما فيها الدولية.
أودي ديكال الباحث ب
معهد دراسات الأمن القومي بجامعة تل أبيب أكد أن "العوامل التي تجعل من اقتحامات الأقصى دافعا مباشرا لاندلاع الصراع يكمن أولها في تأثرها بتصريحات السياسيين الإسرائيليين، مما يقوي العوامل المزعزعة للاستقرار، ويضعف العوامل الكابحة، وثانيها أن إعلان رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو عن التمسك بالوضع الراهن للمسجد الأقصى آخذ في التآكل، ولا يُنظر إليه بأنه ذو مصداقية، ولا يسهم بتهدئة الوضع، وثالثها أن محاولة تغيير الوضع الراهن في الأقصى بضربة واحدة أمر إشكالي، ويسبب احتكاكًا؛ ورابعها أن
التصعيد في مكان مقدس حساس له عواقب استراتيجية".
وأضاف في دراسة ترجمتها "عربي21" أن "التوتر الفلسطيني الإسرائيلي يقوض استقرار العوامل الكابحة، لأن أحداث الأقصى تتسم بدرجة عالية من الانفجار، وقد تسبب عوامل فوضوية للتغلب على القيود، والاعتقاد الإسرائيلي بأنه سيكون من الممكن السيطرة على أي حادث ليس صحيحا، لذلك من الأهمية بمكان إجراء دراسة متعمقة للعواقب المحتملة لمثل هذه الاقتحامات".
وأشار إلى أن "نقطة جديدة ستسهم في إشعال الوضع مع الفلسطينيين وتتمثل بحدوث احتكاك بين الجهات الأمنية الإسرائيلية التي لا تخضع لنفس القيادة في ضوء تضارب الصلاحيات بين المرجعيات الأمنية والعسكرية والوزراء العديدين، بسبب عدم وضوح القيادة والسيطرة للأجهزة الأمنية المختلفة، خاصة وأن اقتحام بن غفير فسرته الأطراف الأجنبية على أنه استفزاز متعمد، مما يعرض للخطر الوضع الراهن الحساس في أحد أكثر المواقع قداسة وحساسية في الشرق الأوسط".
ولفت إلى أنه "يُنظر للالتزام الإسرائيلي بالوضع الراهن في الأقصى بأنه كذبة، لا سيما وأنه يعتمد على إسناد دور أساسي للوقف الأردني بتهدئة الوضع في الأقصى، لكن التحركات التي تقوم بها إسرائيل على مر السنين أضعفت هذا الوقف، ومع مرور الوقت بات النظر لهذا الوقف بأنه لاعب ضعيف يفشل بحماية المسجد، مما يدفع المقدسيين للتضحية بأنفسهم شهداء دفاعاً عن الأقصى، لأن قدرة الوقف الأردني بالسيطرة على المتظاهرين المقدسيين منخفضة جدا".
وأوضح أن "الاتجاه السائد أن إسرائيل تفقد وسائل ضبط النفس، مع أن التصعيد في منطقة حساسة كالأقصى له دينامياته الخاصة، وكل عمل على المستوى التكتيكي له عواقب استراتيجية، حتى إذا انتهى حدث تكتيكي في الأقصى خلال وقت قصير، فسيكون له عواقب طويلة الأمد، صحيح أن الاحتلال قد يمنع حافلات تقلّ مرابطين من فلسطينيي 48 في طريقهم للقدس لتهدئة الأحداث، لكنه في الوقت نفسه سيخلق شعورًا عامًا بأن إسرائيل تمنع المسلمين من الوصول للأقصى".
وتكشف هذه المحاكاة الإسرائيلية أن الفلسطينيين عموما، والمقدسيين خصوصا، يتأثرون بشكل كبير بالحملات على شبكات التواصل الاجتماعي، في ضوء الفجوة بين سياسة حكومة الاحتلال الفعلية، وطموحات الحركات اليهودية الراديكالية، مما يوصل رسائل للفلسطينيين بأن الاحتلال ينوي تغيير الترتيبات في المسجد الأقصى استجابة لهذه الحركات، قياسا بما يحصل في الحرم الإبراهيمي في الخليل.