جدد
زعيم "هيئة تحرير الشام" أبو محمد
الجولاني، المسيطرة على أجزاء واسعة في
شمال غربي
سوريا، الخطاب المعارض لعملية التطبيع التركي مع النظام السوري، وذلك بعد
أيام من إعلانه الرفض لأي تقارب بين أنقرة ودمشق، متوعدا بإسقاط النظام وبناء البلاد
من جديد.
وأظهرت
التصريحات الجديدة التي بثتها مؤخرا معرفات إعلامية تابعة لتحرير الشام مرونة في
حديث الجولاني، الذي أكد أن الأتراك دخلوا في مسار تقارب مع النظام، لكنه لم يصل
إلى عنوان المصالحة، مشيرا إلى أن جزءا من استراتيجية
تركيا لا يتعلق بأهداف "الثورة"
السورية، ما يجعل مسار التفاوض خطرا عليها.
ورأى
أن تركيا لا تزال حليفة "الثورة"، لكن مسار المصالحة مع النظام خاطئ
ويحمل التناقضات في داخله، معربا عن رفضه هذه المسارات لكن دون تأزيم العلاقة بين "الثورة"
وتركيا، لتجنب الوصول إلى مرحلة الخصام والعداوة.
وسبق
أن ظهر الجولاني في تسجيل مصور بعنوان "لن نصالح"، اعتبر خلاله
المباحثات بين النظام السوري وحليفه الروسي وبين الجانب التركي، انحرافا خطيرا يمس
أهداف "الثورة السورية"، مستنكرا تقديم مكافأة للنظام، الذي قتل مئات
آلاف الأبرياء، وهدم البلدات والمدن السورية واستخدم الكيماوي، ونشر المخدرات،
وجعل سوريا مستنقعا مدمرا متهالكا.
براغماتية
الجولاني
الباحث
السياسي في مركز جسور للدراسات، وائل علوان، أكد أن الجولاني بات يتعامل ببراغماتية
عالية ومرونة مع المتغيرات الإقليمية والدولية تجاه الملف السوري، وكل هذه التغيرات
سواء في الخطاب أو السلوك مرتبطة بسعي التنظيم للحفاظ على وجوده، وكسب عوامل
التماسك الداخلية ضمن صفوفه أو ضمن البيئة التي يعمل فيها في منطقة
إدلب.
لكن
الباحث في مركز مشارق ومغارب، عباس شريفة، رأى أن خطاب الجولاني مؤشر إلى أن
العلاقات بين تحرير الشام وأنقرة ليست على ما يرام، لذلك كان هناك نفس تصعيدي من
الهيئة أو محاولة لمناكفة تركيا من خلال عدة إجراءات، بينها تكثيف العمليات
العسكرية ضد قوات النظام، وكل ذلك بمنزلة توجيه رسائل لكل الأطراف، وخاصة تركيا.
وقال
شريفة في حديثه لـ"عربي21"؛ إن تحرير الشام كانت أكثر المتفاعلين مع قضية
التطبيع بين تركيا والنظام السوري، حيث ظهر في 3 خطابات الأول ضد التطبيع، والثاني
للمصالحة مع فصائل المعارضة، والثالث عن خيارات الهيئة وتحليل الموقف الدولي، وعن
الأسباب التي دعت أنقرة للذهاب للمصالحة مع النظام وأضرار ذلك على الثورة السورية.
مخاوف
تحرير الشام
وحول
وجود مخاوف لدى هيئة تحرير الشام من نتائج التقارب التركي مع لنظام، اعتبر علوان لـ"عربي21"
أنه من المبكر الحديث عن نهاية أو نتائج الوساطة الروسية للعلاقة بين تركيا
والنظام السوري، ومن المبكر جدا الحديث عن التأثيرات لهذه العلاقة على المعارضة
السورية أو الفاعلين، ومنهم تحرير الشام.
وأضاف:
"لا أعتقد أن خطاب الجولاني مرتبط بشكل مباشر بخشية انعكاس التقارب على تحرير
الشام، بمقدار ما هي فرصة يراها لكسب تماسك داخلي ضمن صفوف الهيئة".
بدوره،
أشار شريفة إلى أن هناك ملفات كثيرة محل خلاف بين تركيا وتحرير الشام، ومن بينها وجود الهيئة في عفرين وسيطرتها على معبر الحمران، بعد أن كان بيد فصائل الجيش
الوطني، حيث تطالب أنقرة بتسليم المعبر وخروج الهيئة من عفرين.
وتابع:
"أعتقد أن هناك تخوفا لدى تحرير الشام، أن يكون أي تقارب بين النظام وتركيا
سيكون على حسابها، وستكون أحد الأورلق التفاوضية التي سيتم مناقشتها".
مسار
التقارب
يبدو
أن الوساطة الروسية لم تنجح حتى الآن في إقناع النظام السوري بقبول المصالحة مع
تركيا، حيث يشترط
الأسد انسحاب الجيش التركي من الأراضي السورية كافة قبل البدء
بعملية التطبيع بين البلدين.
وقال
رئيس النظام السوري بشار الأسد، إثر لقائه المبعوث الروسي الخاص إلى سوريا ألكسندر
لافرنتييف؛ إن "هذه اللقاءات يجب أن تبنى على تنسيق وتخطيط مسبق بين سوريا
وروسيا؛ من أجل الوصول إلى الأهداف والنتائج الملموسة التي تريدها دمشق من هذه
اللقاءات، انطلاقا من الثوابت والمبادئ الوطنية للدولة والشعب، المبنية على إنهاء
الاحتلال ووقف دعم الإرهاب".
والخميس،
قال وزير الخارجية التركي مولود تشاووش أوغلو؛ إنه قد يلتقي بنظيره السوري فيصل
المقداد في أوائل شباط/ فبراير القادم، نافيا التقارير التي تفيد بأنهما قد
يجتمعان الأسبوع المقبل.
وقال
تشاووش أوغلو: "قلنا من قبل، إن هناك بعض المقترحات بشأن لقاء الأسبوع المقبل،
لكنها لا تناسبنا، قد يكون ذلك في بداية شباط/فبراير، ونحن نعمل على تحديد موعد".