باتت
المحادثات التي يخوضها وفد رسمي من سلطنة عمان مع جماعة
الحوثي في صنعاء، حدثا بارزا
في صلب التطورات السياسية في
اليمن هذه الأيام، وسط غياب أي معلومات معلنة بشأن نتائجها.
وتسيطر
التكهنات حول نتائج المحادثات التي أجراها الوفد العماني منذ الأسبوع الماضي، مع قيادة
جماعة الحوثي في صنعاء، قبل أن يغادر، الأحد، إذ تبرز تسريبات تشير إلى أن الحوارات
لم تقتصر على الملف الإنساني وتجديد الهدنة، بل ذهبت حول بحث تسوية سياسية شاملة وإنهاء
الحرب.
كما
يطرح دور وساطة سلطنة
عُمان بين جماعة الحوثيين والمملكة العربية السعودية التي تقود
التحالف العربي، تساؤلات عدة حول أهمية هذا الدور وما مدى إمكانية نجاحها في التوصل
إلى اتفاق لتجديد الهدنة بعد فشل التمديد لها في تشرين الأول/ أكتوبر الماضي.
"الهدنة
وبناء الثقة"
وفي
السياق، أفاد مصدر سياسي مطلع أن الوفد العماني الذي يزور صنعاء حاليا، يواصل جهوده
مع جماعة الحوثي لبحث "التجديد للهدنة إلى فترة أطول"، والاتفاق على تنفيذ
خطوات عملية ملموسة لبناء الثقة، كان قد تم الحديث عنها خلال الجولات السابقة من الحوارات
ولم يتم تنفيذها عمليا.
وقال
المصدر لـ"عربي21" مفضلا عدم ذكر اسمه؛ إنه يجري التفاوض حول الاتفاق على
تنفيذ هذه الخطوات بشكل متزامن ووفق مراحل، متمثلة في "دفع رواتب الموظفين الحكوميين، وفتح الطرقات والموانئ والمطارات".
وفيما
يتعلق بالملف السياسي، أشار المصدر السياسي اليمني إلى أنه تم بحث مبادرات جديدة يتم
فيها تجاوز القرارات الدولية الصادرة منذ العام 2015، التي لم تعد صالحة في إطار الحل، ومنها القرار "2216" الصادر عن مجلس الأمن، الذي يدعو جماعة الحوثي إلى إنهاء
انقلابها على السلطة الشرعية، وفرض عقوبات على زعيم الجماعة وقيادات ميدانية موالية
له.
وحسب
المصدر، فإن المباحثات الجارية طرحت إطارا وآليات جديدة للحل السياسي في اليمن، منها
"تفعيل وإشراك الوساطات الوطنية للوصول إلى حلول مقبولة تتوافق وخصوصية اليمن"،
تدعم المشاركة السياسية وتقدم ضمانات وحصانات ومرجعية عليا حاكمة؛ لأجل استقرار الوضع
السياسي، وضمان استقرار سلطات الدولة، ووضع حد للصراعات السابقة.
"قريبة
من كل الأطراف"
وتعليقا
على أهمية الدور العماني، يقول الكاتب والباحث السياسي اليمني، أنور الخضري؛ إن عُمان
تشترك بحدود شرقية مع اليمن وهي ضمن مجلس التعاون الخليجي، وإن مرت علاقتها ببعض دول
الخليج وخصوصا الإمارات بعدة توترات. وأضاف الخضري في حديث لـ"عربي21"، أن
مسقط تتمتع أيضا بعلاقات متعددة مع إيران؛ سياسية واقتصادية، فضلا عن التأثير البريطاني
الحاضر في السياسة العمانية وبشكل كبير. ومن هنا، وفقا للكاتب اليمني، يمكننا أن ندرك
إلى أي مدى عمان حاضرة في المشهد اليمني، ولكن في إطار علاقات وأجندات متعددة.
وتابع
بأن مسقط منذ فترة وهي تحتضن قيادات من جماعة الحوثي وقيادات يمنية مختلفة.
وأكد
الباحث اليمني الخضري، أن دور السلطنة في الوساطة يأتي في ظل قربها من جميع الأطراف
المحلية والإقليمية والدولية؛ إذ تأخذ دبلوماسيتها طابع الحياد.
وأشار إلى أن السعودية "فشلت في أن تمسك بكل
خيوط السياسة اليمنية، وأظهرت تشتتا وتناقضا في المواقف، ما أعطى عُمان هامشا كبيرا
من العلاقة ومد الجسور؛ نظرا لعدم انخراطها في الصراع ضد أي طرف".
ويرى
الكاتب والباحث اليمني، أنه ليس من السهل إقناع الحوثيين بالهدنة وإنهاء الحرب؛ لأن
من شأن ذلك أن ينزع عنهم شرعية ما يقومون به من أمور تحت ذريعة "العدوان"،
وسوف تُغرق السعودية بالمطالب وتحيطها بالشروط.
وقال: "فإما أن تنصاع الرياض لجماعة الحوثي وقد فشلت في مواجهتها، أو أن تحسم معركة
اليمن وتستعيد الدولة وهو ما لا ترغب به المملكة"، موضحا أن الجانبين يقفان أمام
معضلة لا يمكن حلها.
وفيما
يتعلق بالمعوقات أمام التوصل لاتفاق الهدنة والملفات الأخرى، فيقول الباحث الخضري؛ إن
منها ما هو ذاتي ومنها ما هو موضوعي وظرفي، ولهذا فالمفاوضات ستصل لطريق مسدود.
وفي
وقت سابق، الأحد، غادر الوفد العماني العاصمة صنعاء، الخاضعة لسيطرة الحوثيين، بعد
زيارة هي الثانية خلال أسابيع استمرت لأيام، للقاء قيادات الجماعة ضمن مساع إقليمية
ودولية لتجديد هدنة
الأمم المتحدة، التي انقضت دون التوصل إلى اتفاق على تمديدها.
وكان
رئيس المجلس السياسي الأعلى المشكل من جماعة “أنصار الله” (الحوثيين)، مهدي المشاط،
قد أكد يوم الخميس، خلال لقائه بالوفد العماني، أن الاهتمام بالملف الإنساني الذي يشمل
دفع رواتب الموظفين الحكوميين، ورفع قيود التحالف العربي بقيادة السعودية على المنافذ
التي تديرها الجماعة، يمثل الخطوة الأولى لتحقيق السلام في اليمن، وفق ما ذكرته وكالة
أنباء "سبأ" في نسختها التي تديرها الحوثي.