حذرت أوساط عسكرية في جيش الاحتلال من أن الاستجابة لما ورد في اتفاق الائتلاف الحكومي بشأن عدم التحقيق مع
جنود من قبل النيابة العسكرية، سيعرضهم إلى الاعتقال في الخارج من قبل محاكم دولية.
يوآف زيتون المراسل العسكري لصحيفة
يديعوت أحرونوت، كشف أنه "من المتوقع أن يعارض جيش الاحتلال مبادرة وزير الأمن القومي إيتمار
بن غفير، وبموجبها سيتم منح الجنود حصانة تلقائية من المسؤولية الجنائية عن
الجرائم التي يرتكبونها أثناء نشاطاتهم العدوانية ضد الفلسطينيين، مع العلم أنها مسألة مثيرة للجدل وهي مدرجة في اتفاق حزبي الليكود والعصبة اليهودية، وبحسبها فلن يتم التحقيق مع الجنود والضباط في الشرطة العسكرية، ولن يواجهوا محاكمة جنائية أثناء خدمتهم العسكرية، وبعدها، حتى لو ارتكبوا جرائم جنائية ضد الفلسطينيين".
وأضاف في تقرير ترجمته "عربي21" أن "مشروع القانون الأصلي تم طرحه في الكنيست قبل عام حين كان بن غفير وأعضاء اليمين في المعارضة، ولم يتم تمريره، وبموجبه سيتم منح الحصانة للجنود إذا ارتكبوا جرائم النهب، وتدمير المعدات، وأخذ الرشاوى، والإساءة والإذلال والعنف تجاه الفلسطينيين غير المنخرطين في أنشطة قتالية، وبالتالي فإن أعمال العنف التي يرتكبها جنود الاحتلال ضد المسلحين الفلسطينيين لن يتم التحقيق فيها على الإطلاق".
وأشار إلى أنه "تم تقديم مشروع قانون مماثل مؤخرًا من عضو الكنيست حنوك ميلبيتسكي من الليكود، ووفقًا لها فلن يكون بمقدور سوى لجنة خاصة وخارجية تضم ضباطًا كبارًا وقضاة رفع الحصانة عن الجنود، بعد فحص الحادث، وإحالة التوصيات لوزير الحرب، وهذا إجراء قد يستمر لأسابيع وشهور، ولن ينتهي إلا بعد ظهور شك أن الجندي تصرف بشكل خبيث، وإذا وجدت أن الجندي ارتكب إهانة خطيرة خلال نشاط عملياتي بسبب الإهمال، فلن يتم التحقيق معه على الإطلاق".
وأوضح أنه "في الأيام الأخيرة ساد انطباع داخل الجيش أن مطالب الوزيرين بن غفير وبيتسلئيل سموتريتش تم تجميدها، بعد أن وعد بنيامين نتنياهو رئيس الأركان السابق أفيف كوخافي بأنه سيتم السماح للجيش بالتعبير عن موقفه قبل أي تشريع أو قرار نهائي يخص عملياته العسكرية في الأراضي الفلسطينية المحتلة، لكن الجيش لم يعلق بعد على المبادرة رسميًا، ولم يبدأ بعد العمل الرسمي للطاقم لتشكيل مواقف ضد هذه الخطوة".
ونقل عن عدد من المحامين العسكريين توقعهم أن "يعارض المدعي العام العسكري هذه المبادرة، بزعم أن التحقيقات الداخلية ستساعد في حماية الجنود من التحقيقات بارتكاب جرائم الحرب في المحكمة الجنائية الدولية، فضلا عن كونه سيمنح الجنود صلاحية لاستخدام القوة المفرطة والعنف ضد الفلسطينيين، سواء كانوا مسلحين أو مدنيين، وهذه المبادرة لن تكون في صالح الموقف الإسرائيلي أمام العدالة الجنائية الدولية".
وأكد أن "هذه المبادرة الإسرائيلية سوف تضرّ بفاعلية التحقيقات العسكرية مع الجنود، من خلال تعطيلها وتأخيرها، وستكون نتائجها محدودة، لاسيما في الحوادث العملياتية غير العادية التي تشهدها الضفة الغربية وقطاع غزة في العدوانات التي يشنها الجيش على الفلسطينيين، ما سيتناقض مع الجوانب السياسية والقانونية المتعلقة باستخدام الأسلحة، وقوانين الحرب الدولية، والامتثال للقانون، ما سيفقد الجيش أدوات الدفاع ضد الاتهامات الدولية بارتكاب جرائم الحرب".
وانطلق بن غفير في مبادرته الخطيرة هذه بزعم أن "هناك كيانات قانونية في الدولة تستخدم الاسم الرمزي لمحكمة لاهاي، أو أوامر التوقيف الدولية لإحباط تحركات حكومة منتخبة، وقد حان الوقت كي تتوقف النيابة العسكرية عن إخافتنا".
تجدر الإشارة إلى أن
دولة الاحتلال واحدة من 124 دولة وقعت على اتفاقية روما، وبموجبها يمكن محاكمة جنودها وضباطها على جرائم ارتكبوها أثناء نشاط عسكري ضد الفلسطينيين، ما سيجعل المبادرة الحكومية الجديدة تشكل خطرًا حقيقيًا عليهم، في ظل تقديرات كبار الفقهاء القانونيين العسكريين أن التحقيقات تمثل درعا قانونيا ضد التعرض للمحاكمات الدولية، التي لا تعترف بالحصانة الجماعية لجنود الاحتلال، وبالتالي فسيكون ثمن هذه المبادرة الخسارة الكاملة.
كما أن منح الحصانة الشاملة لجنود الاحتلال سيجعلهم يشعرون بالحماية من أي انتقاد، وسيتصرفون بصورة تطمس الحدود الحالية، وفقدان السيطرة، ومزيدا من تدهورهم الأخلاقي، لأنه سيتصرف بثقة مفرطة بالنفس، بزعم أنها تحميهم من
الملاحقة القضائية الدولية، ما سيجعل من الحصانة الشاملة أمرا لا يمكن قبوله، مع أنه ما لا يقل عن 95٪ من تحقيقات وزارة الحرب في الجرائم تنتهي دون ملاحقة جنائية، وهناك مئات التحقيقات سنوياً تنتهي بالعادة بإغلاقها ضدهم.