أورد موقع "بلومبيرغ" تقريراً يفيد بأن التجارة العالمية ستشهدُ تحولات في سياساتها خلال عام 2023.
يشهدُ العالمُ عديدَ الاضطراباتِ الاقتصاديةِ والجيوسياسية
الدوليةِ القويةِ التي دفعت منظمةَ التجارةِ العالمية إلى توقعِ تباطؤٍ حادٍّ في
التجارةِ العالميةِ خلالَ عامِ 2023، جاءَ ذلكَ على لسانِ المديرةِ العامة
لمنظمةِ التجارةِ العالميةِ نغوزي أوكونجو إيويالا التي قالت: "لقد أصبحت
صورةُ 2023 قاتمةً إلى حدٍّ كبير".
في السياقِ ذاته، نشرَ موقع "بلومبيرغ"
تقريرا، تناولَ فيهِ أسبابَ هشاشةِ
التجارة الدوليةِ في 2023، وأبرزَ ما
سيؤثرُ في التجارةِ العالمية.. فما هي الطرقُ التي ستتحولُ بها التجارةُ الدولية؟
يستمرُّ بايدن في حرب تجارية خاضها
سلفه، حينَ فرضَ قيودا على صادراتِ القطاعاتِ الصناعية، وقدمَ دعما ضخما أثرَ بهِ سلبا
على التجارة، ولم يكتفِ بذلكَ، بل أبقى على التعريفات الجمركية على صادرات صينية تقدرُ
بمئات المليارات من الدولارات، ومن المتوقعِ أن تتبعَ الولاياتُ المتحدة في مرحلةٍ قبلة استراتيجيةً جديدةً ذاتِ شقين تتضمنُ
العملَ بصورةٍ أسرعَ من خلالِ دعمِ الصناعاتِ الأمريكية، التي تخلقُ فرصَ عمل وتهدفُ
الاستراتيجيةُ إلى إبطاء تقدم
الصين من خلالِ فرضِ المزيدِ من الضوابطِ القويةِ
على صادراتها وزيادةِ الحواجزِ التجارية، ومن المتوقعِ أنَّ هذهِ الإجراءات لن
تفكَّ تماما ارتباطَ الاقتصادينِ الأمريكيِّ والصينيِّ ببعضهما البعض على المدى
المتوسط، إلا أنها من الممكنِ أن تعيدَ تشكيلِ العلاقةِ بينهما عبرَ
وسائلَ تزيدُ من أسعارِ السلع الاستهلاكية وتقللُ من
الإنتاجيةِ العالمية.
الحلفاءُ الأوروبيونَ لأمريكا وعلى
رأسهم ألمانيا وفرنسا متوجسون من استراتيجية بايدن لاحتواء التنين الصيني، ومحبطونَ
من صعودِ السياسات الصناعيةِ الأمريكية مثل قانونِ خفضِ التضخم وقانونِ
الرقائقِ الإلكترونيةِ والعلومِ.
وبحسبِ موقعِ بلومبيرغ، فإنَّ
الوصولَ لحلٍّ لهذهِ المفارقات بمثابةِ الأمر الحاسم للرؤية الاستراتيجية الأمريكية
طويلةِ المدى لمنطقةِ آسيا والمحيطِ الهادئ ولاستقرارِ
العلاقةِ التجارية عبرَ الأطلسيِّ البالغةِ قيمتها 1.1 تريليون دولار.
واشنطن لن تقف مكتوفة الأيدي أمام بكين التي
تستخدمُ خزائنها الحكوميةَ الضخمة لدعمِ القطاعاتِ الصناعيةِ الرئيسية، حيثُ
ستُقدمُ الإدارةُ الأمريكيةُ على تنفيذِ أكبرِ مبادراتِ الإنفاقِ الفيدرالي لتعزيزِ التصنيعِ في
الولاياتِ المتحدةِ منذُ عقود.
في السياقِ ذاته، يقودُ الرئيسُ
الأمريكيُّ جو بايدن حرب إعانات مستعرة مع المنافسينَ الاقتصاديينَ، حيثُ تقومُ
سياسةُ بايدن الصناعية على جر الصين وأوروبا والاقتصادات الكبرى الأخرى إلى الاستجابة
لنظامه بالمثل، الأمرُ الذي قد يؤدي إلى سباقِ إعاناتٍ عالمية ستكونُ الحكومات فيها هي الفائزة، وستخسر
اقتصادات العالم النامي التي تعاني من أعباءِ الديونِ المتزايدة.
عام 2023 سيكونُ بمثابةِ الاختبار
الحقيقي لمنظمة التجارةِ العالميةِ وأهميتها وقواعدها، بحسبِ المقال الذي أشارَ إلى
ادعاء بايدن بأنه يريد المساهمة في إحياء منظمة التجارة العالمية، وأنَّ الولاياتِ المتحدةِ في ذاتِ الوقت ترفض دون اكتراث شرعية المنظمة كحكمٍ
محايدٍ للسياساتِ التجاريةِ الأمريكية، في خطوة متناقضة لتصريحاتِ الرئيسِ الأمريكي
الذي يمثلُ استمرارهُ بسياساتهِ تجاهَ المنظمة انعطافا هاما قد
ينذرُ بالعودةِ إلى حقبةِ القوةِ " فوقَ الحقِّ" التي تتبعها سياساتُ القوى العظمى، ومن الجديرِ
بالذكرِ أنَّ المنظمةَ العالميةَ هي التي تتحكمُ بنظامِ التجارةِ العالميِّ البالغِ 32 تريليون دولار.
وختمَ الموقعُ تقريرهُ بأنهُ
على الرغم من تعثرِ التجارةِ متعددةِ الأطراف، فإنَّ العالم سيواصل الميل نحو حقبة
جديدة تتمثل في التكتلات التجارية المنفصلة والمترابطة بقيادةِ
الولاياتِ المتحدة والاتحاد الأوروبي والصين، وباستمرارِ تواصلِ هذا النظام، فإنَّ
توحدَ الأقطابِ سيؤدي إلى تحسينِ الوصولِ إلى الأسواق، وتقليلِ الحواجزِ التجاريةِ
وراءَ الحدودِ للدولِ المتكتلة، وفي ذاتِ الوقتِ فإن آثاره السلبيةَ ستنعكسُ على
التجارةِ العالمية، حيثُ سيؤدي إلى زيادةِ التكاليفِ وأوجهِ القصورِ لباقي الدول.
ومن الممكنِ أن يؤدي إلى خفضِ إجماليِّ
الإنتاجِ العالمي بنسبةٍ قد تصلُ إلى 5 في المئة، وسيضحي العالمُ بذلكَ مكانا أكثر فقرا
وأقل إنتاجية.