هاجم النائب في البرلمان البريطاني وزعيم حزب العمال السابق
جيرمي كوربن، ما اعتبره "سياسات الكراهية" التي تمارسها حكومة المحافظين بحق المهاجرين، وذلك بعد زيارة قام بها إلى مخيم في كاليه الفرنسية.
وفي مقال له نشرته صحيفة "
الغارديان"، قال كوربن إن "مخيمات اللاجئين في كاليه ينتشر فيها المرض والعنف والفقر، فالفرنسيون خلقوا مكان إرهاب بائس دفعت الحكومة البريطانية لهم لكي يقيموه".
وأضاف: "الجحيم هو أرض لا أشجار فيها تتعرض للغاز المسيل للدموع وتزحف فيها الأمراض المعدية، والجحيم هو طفل ينقب في النفايات للنجاة، والجحيم هو مخيم لجوء في كاليه".
وأضاف كوربن: "في كل مرة أزور فيها أتعلم المزيد حول الظروف الشيطانية التي أجبر فيها البشر على تحملها في المخيم، بعد فرارهم من رعب الحروب والكوارث الطبيعية والفقر. وقد ضحى اللاجئون هناك بكل شيء من أجل الوصول إلى مكان الأمان".
وبدلا من ذلك وجدوا أمامهم "أرضا يبابا، وخيامهم تسبح بالوحل وهي ما يمنحهم حماية من البرد القارس، ويتسول الأطفال من أجل الماء الملوث، حيث تندفع الجرذان إلى بيوت الناس المؤقتة".
ويقول إن "الرجفة التي تعتري الإنسان لرؤية جرذ لا تقارن بعويل الأطفال الذين يتوقون لحضن الأم.
فواحد من أهم نقاط الفصل في الموقع هي كاليه، فبعد تدمير الغابة عام 2016، فرض الفرنسيون محور "نقاط التثبيت الصفرية" لمنع اللاجئين من الإقامة في مناطق أخرى، وتتم عمليات الإجلاء بشكل يومي حيث تصادر وتفتك الأغطية والخيام والهويات والهواتف المحمولة والأدوية. وفي حملة المضايقة هذه يتعرض المهاجرون للضرب والرصاص المطاطي ويخنقون بالغاز المسيل للدموع".
ونقل كوربن عن مراقبي حقوق الإنسان المستقلين في شمال
فرنسا أنهم كانوا "شهودا على تصرفات السلطات الفرنسية التي بالت على أمتعة الناس. وفي عمليات المضايقة يتم فصل الأطفال عن أمهاتهم، وعادة ما تكون هي المرة الأخيرة التي يشاهدون فيها بعضهم البعض، على الأقل أحياء".
ويقول كوربن: "ربما كانت السلطات الفرنسية هي التي تهاجم اللاجئين لكن الحكومة البريطانية هي التي تعطيهم الهراوات والطلقات".
وأضاف أن الحكومة البريطانية دفعت في عام 2021 مبلغ 55 مليون جنيه لحرس الحدود الفرنسيين لمنع أي محاولة لعبور الحدود إلى الأراضي البريطانية.
وتنفق الأموال على الأسلاك الشائكة وكاميرات المراقبة وتكنولوجيا الاستشعار، فيما قال كوربن إن
بريطانيا التي تحاول التحلل من واجباتها الدولية تجاه اللاجئين تقوم بدفع المال لفرنسا لتجريمهم.
ولدى الشرطة نفس الرغبة كالحكومتين الفرنسية والبريطانية، وهي اختفاء المهاجرين، بحسب كوربن. وحتى قبل تولي سويلا برافرمان، وزارة الداخلية، فقد كانت بريطانيا هي الأقل بين الدول الأوروبية في مجال قبول طلبات اللجوء.
وبالنسبة للكثير فتذكيرهم بأن خططهم تجاه اللاجئين تعد خرقا لميثاق الأمم المتحدة 1955 والميثاق الأوروبي حول اللاجئين، ربما دفعهم لإعادة النظر في سياساتهم، لكن ليس وزيرة الداخلية برافرمان، فهي ترى ضرورة انتهاك هذه المواثيق لمنع المهربين من جلب المهاجرين.
وهي تعرف الحقيقة، ففشلها في توفير الطرق الآمنة، أجبر الحكومة المهاجرين على البحث عن مناطق عبور أخطر. وبدلا من منع المهربين، فسياسة وزيرة الداخلية هي التي تخلق سوقا مزدهرة لهم.
ولم يردعها القانون الدولي، فبرافرمان تريد تحقيق حلمها ورؤية الطائرات تنقل المهاجرين إلى رواندا. و"في الطريق إلى رواندا حزمة بريطانيا الاستعمارية الجديدة، من الدور السابق في تجارة العبيد إلى تجارة السلاح (ربما دعم الحرب في اليمن)، وتتحمل بريطانيا المسؤولية عن الجذور السياسية والاقتصادية للتشرد هذا".
ويقول كوربن إن الحكومات المتعاقبة التي عملت على تجريم اللاجئين، قامت بالتخلي عن مسؤوليتها الدولية للقطاع الخاص. وأشار إلى "نداء كاليه"، وهي مظلة لثماني منظمات تقوم بتوفير الدعم الإنساني لمن هم بحاجة إليه. ومن "مطبخ المهاجرين" تريد أن تقدم الطعام للاجئين وبكرامة إلى "بروجيكت بلي" الذي يقدم مساحة للأطفال المشردين للراحة والتعلم واللعب. ويعمل الفريق الملتزم والمتطوعون على ملء الفراغ الذي خلقه الفرنسيون والبريطانيون بأفعالهم المتهورة.
وختم كوربن مقاله بالقول إن بريطانيا بحاجة إلى سياسة هجرة قائمة على العطف والكرامة والعناية، تعمل على إنهاء الفقر والانهيار البيئي والحروب والتشرد حول العالم، ووقف الخطاب البغيض عن "الغزاة" واستخلافه بخطاب قوي، مستدركا بأنه "بالنسبة للكثيرين، فالسياسة البراغماتية هي أهم من سياسة المبادئ، وربما غيرت رحلة لهم إلى كاليه من مواقفهم".