نشر موقع "ميدل إيست آي" البريطاني، تقريرا عن استمرار
مصر بالاقتراض من
صندوق النقد الدولي، بينما تغرق في الديون.
وتحدث التقرير عن ثلاث عمليات إنقاذ قام بها الصندوق لاقتصاد مصر المتهاوي، في بلد يعج بملايين الفقراء.
وسلط التقرير الضوء على عوامل خارجية أثرت على اقتصاد مصر، على غرار أزمة فيروس كورونا، والحرب في أوكرانيا.
وتاليا النص الكامل لترجمة التقرير:
ثلاث عمليات إنقاذ خلال عقد واحد، وجنيه متهاوٍ، والملايين يعيشون في الفقر: تبيان الأزمة الاقتصادية في مصر
اتفقت مصر مع صندوق النقد الدولي على ثلاث عمليات إنقاذ تحت حكومة الرئيس عبد الفتاح
السيسي منذ أن استلم منصبه في 2014. وقد غدت الآن ثاني أكبر مقترض من صندوق النقد الدولي بعد الأرجنتين.
تأتي صفقات صندوق النقد الدولي على خلفية نقص في العملة الأجنبية وديون متراكمة، حيث ارتفعت ديون مصر الخارجية من 40 مليار دولار في 2012 إلى ما يقرب من 155 مليار دولار في 2022.
إلى جانب الدعم الذي تلقته من المؤسسات المالية الدولية، بما في ذلك من صندوق النقد الدولي والبنك الدولي وبنك التنمية الأفريقي، فقد تلقت مصر ما يقرب من 92 مليار دولار من بلدان الخليج خلال العقد الماضي.
بينما ساهمت الودائع الخليجية في مصر خلال العامين الأولين من وصول السيسي إلى السلطة في تعزيز احتياطيات البلد من العملة الأجنبية، فما لبث الدعم أن تراجع بالتدريج بدءاً من 2015، وفي نفس الوقت واجهت مصر صعوبة في سداد ما عليها من ديون وفي تمويل اقتصادها الذي يعتمد على الاستيراد.
ويعني تزايد الاقتراض أن معظم إنفاق الحكومة بات مكرساً لسداد الديون بدلاً من الصحة والتعليم والمشاريع الاقتصادية.
في تصريح لموقع ميدل إيست آي، قالت عالية المهدي، أستاذة الاقتصاد في جامعة القاهرة: "كان ينبغي أن تحول الحكومة هذا الإنفاق إلى المشاريع الإنتاجية التي تولد الإيرادات. إلا أن المبالغة في الإنفاق على مشاريع البنية التحتية ساهم في تعميق الأزمة المالية التي نعاني منها الآن".
وقال إسحاق ديوان، الاقتصادي اللبناني والمسؤول السابق في البنك الدولي، إن "مزيجاً من ختم موافقة صندوق النقد الدولي والأسواق الدولية السائلة جداً في فترة ما بعد 2016، سمح لمصر باقتراض الكثير من أجل تأجيل الإصلاحات الضرورية".
وأضاف في تصريح لموقع ميدل إيست آي: "وها هي تجد نفسها الآن تارة أخرى باقتصاد ضعيف للغاية ومشكلة دين أكبر".
في الشهر الماضي تلقت مصر أول دفعة من آخر قرض حصلت عليه من صندوق النقد الدولي بقيمة 3 مليارات دولار، والغاية منه مساعدتها على التعامل مع التداعيات الاقتصادية للصراع في أوكرانيا.
فلقد جففت الحرب الخزينة المصرية وفتحت الباب أمام اضطرابات محتملة، إذ إن الأزمة الاقتصادية أكثر ما تنال منه هو جيوب فقراء المصريين وأبناء الطبقة الوسطى.
إلا أن صندوق النقد الدولي يفرض مجموعة من الشروط الشديدة على القاهرة من شأنها تمكين الجهة الدائنة من المضي قدماً في الصفقة على مدى الشهور الستة والأربعين القادمة.
يقول صندوق النقد الدولي إن الشروط ضرورية من أجل الحفاظ على استقرار الاقتصاد بمجمله وتشجيع نمو القطاع الخاص.
كما أنهم يهدفون إلى إنجاز التحول نحو نظام سعر صرف مرن (وهو الذي يحدد سعر العملة فيه العرض والطلب) ونحو سياسة نقدية، لخفض التضخم وتعزيز ديون البلد.
ولكن خفض قيمة الجنيه يفاقم من معاناة الأغلبية العظمي من الناس في مصر، والذين يبلغ تعدادهم 104 ملايين نسمة، يكاد 60 مليوناً منهم يعيشون دون خط الفقر أو فوقه بقليل.
ويفتح قرض صندوق النقد الدولي المجال أما الاستثمارات من بلدان الخليج بما قيمته 6.7 مليار دولار خلال السنوات المالية الثلاث القادمة. ولقد تعهدت دول مجلس التعاون الخليجي، مثل المملكة العربية السعودية والإمارات العربية المتحدة وقطر بدعم مصر بما يزيد على الـ20 مليار دولار على شكل ودائع واستثمارات.
لماذا تستمر مصر في الاقتراض من صندوق النقد الدولي؟
أفضى مزيج من المشاكل الهيكلية الداخلية والعوامل الخارجية إلى حدوث نقص في العملة الأجنبية وفي ارتفاع الديون. بالإضافة إلى جائحة كوفيد-19 والحرب في أوكرانيا، هناك أمور أخرى ساهمت في زعزعة استقرار الاقتصاد.
يقول صندوق النقد الدولي إن جزءاً كبيراً من المشكلة يكمن في سعر صرف الجنيه المصري الذي تخضع إدارته للكثير من التدخل.
ويقول إن التخفيضات المفاجئة في قيمة الجنيه أدت إلى حدوث ارتفاعات حادة في التضخم وتراجع الثقة لدى المستثمرين. وبناء عليه فإن الهدف الرئيسي من صفقات صندوق النقد الدولي هو تعويم الجنيه، الأمر الذي سينجم عنه استقرار العرض والطلب على العملة الأجنبية والحفاظ على الاحتياطيات الأجنبية.
والعامل الآخر الذي يؤكد عليه صندوق النقد الدولي هو توسع إدارة السيسي في المشاريع التي يملكها الجيش وتحظى بامتيازات خاصة، ما ضغط بشدة على القطاع الخاص وعلى الاستثمارات الأجنبية. إلى حد كبير، تعمل هذه الكيانات التي يديرها الجيش بعيداً عن أي رقابة وخارج الميزانية الرسمية للدولة.
في هذه الأثناء، ينفذ الجيش مشاريع عملاقة مكلفة للغاية التهمت جل الإيرادات المتاحة سواء من الأموال الساخنة (الاستثمارات قصيرة المدى في الأسواق المالية والتي تستفيد من أسعار الفائدة المرتفعة) أو من الدعم الدولي.
يدخل في ذلك مشروع العاصمة الإدارية الجديدة الذي يكلف 58 مليار دولار، وصفقات الأسلحة الكبيرة، وتوسيع قناة السويس بتكلفة 8 مليارات دولار – والتي لم يسفر أي منها حتى الآن عن أي فوائد اقتصادية.
على خلفية ذلك، وافقت مصر في الاتفاق الذي أبرمته مؤخراً على تقليص موطئ قدم المشاريع المملوكة للدولة، بما في ذلك المشاريع التي يملكها الجيش، والسماح بتنافس حر مع القطاع الخاص.
أضف إلى ذلك أن حكومة السيسي اعتمدت بكثافة خلال السنوات الأخيرة على المال الساخن في حقبة ما من أسعار فائدة وتكاليف اقتراض متدنية بشكل غير مسبوق.
إلا أن المقاربة أثبتت أنها غير مستدامة وخاصة في ضوء صدمات خارجية مثل الحرب في أوكرانيا التي تسببت في الهروب المفاجئ لما يقرب من 20 مليار دولار في عام 2022.
وأقر وزير المالية بأن حكومته "تعلمت درسها" وأنها لن تعتمد ثانية على المال الساخن.
في ما يأتي تحليل للصفقات الثلاث التي تم إبرامها بين صندوق النقد الدولي والحكومة في ظل الرئيس السيسي:
برنامج التسهيلات الموسع
في نوفمبر/ تشرين الثاني من عام 2016، وافق صندوق النقد الدولي على طلب مصري للحصول على قرض بقيمة 12 مليار دولار بموجب اتفاق على مدى ثلاثة أعوام.
جاء طلب القرض المصري على خلفية حالة من انعدام الاستقرار المستمر وتكرر الهجمات الإرهابية في سيناء وغيرها، وضعف السياحة، وإغلاقات المصانع بسبب نقص الطاقة.
كانت الغاية من ذلك الترتيب مساعدة مصر على استعادة الاستقرار ودعم النمو.
وكان مطلوباً من الحكومة تبني سياسات تهدف إلى إصلاح الاختلالات الخارجية واستعادة التنافسية، وتقليص عجز الميزانية والدين العام، وتعزيز النمو، وخلق وظائف، وحماية الفئات المعرضة للانكشاف.
قالت كريستين لاغارد، التي كانت حينذاك تشغل منصب المدير الإداري ورئيس صندوق النقد الدولي: "تدرك الحكومة أن من الأهمية بمكان الالتزام بالتنفيذ الدقيق لحزمة الإجراءات المقررة طبقاً للبرنامج من أجل استعادة ثقة المستثمرين، وتقليص التضخم إلى الحدود الدنيا، وإعادة بناء الاحتياطيات الدولية، وتعزيز الوضع المالي العام، وتشجيع النمو الذي يقوده القطاع الخاص".
وتم إيداع أموال برنامج التسهيلات الموسعة مباشرة في ميزانية الدولة، ولكن بدون رقابة على كيفية التصرف بها أو طريقة إنفاقها. ففي أحد تقاريره، على سبيل المثال، يذكر صندوق النقد الدولي الإنفاق على الصحة والتعليم، ولكنه لا يشير إلى أي مشاريع محددة من المفروض أن تدشنها الحكومة المصرية.
وفي شهر يوليو/ تموز من عام 2017، أتم المجلس التنفيذي لصندوق النقد الدولي أول تقرير له حول مسار ترتيبات القرض البالغ 12 مليار دولار – وكان انطباعه عن ذلك إيجابياً.
وقال المجلس إن برنامج الإصلاح كان في خطواته الأولى مبشراً، مستدلاً على ذلك بالتحول إلى سعر صرف مرن وإلى اختفاء السوق الموازي لصرف العملات الأجنبية. وفي نفس ذلك اليوم، هنأت لاغارد مصر على نجاح برنامجها "الطموح".
ولكن في أيلول/ سبتمبر من عام 2017، أصدر صندوق النقد الدولي تقريراً أعده موظفوه أشار فيه إلى عدم التزام السلطات المصرية ببعض البنود الواردة في الصفقة، بما في ذلك الخفض الكبير في قيمة الجنيه المصري.
في تصريح لموقع ميدل إيست آي، قال الاقتصادي المصري ممدوح الولي: "لقد أخفقت السلطات في تطبيق الشروط التي أملاها عليها صندوق النقد الدولي وغيره من المؤسسات المقرضة".
وأضاف: "وهذا هو السبب في استمرار معاناة مصر من فجوة مالية أبقت على الرغبة في مزيد من الاقتراض".
وقدر كمية الأموال التي اقترضتها مصر من المؤسسات المالية الدولية ومن البنوك ومن البلدان الأخرى بما يقرب من 16 مليار دولار سنوياً.
لا يمكن لأحد أن يتحدث بدرجة من اليقين حول الطريقة التي تم من خلالها إنفاق القرض الذي حصلت عليه مصر بقيمة 12 مليار دولار من صندوق النقد الدولي منذ عام 2016، ولكن الكثيرين يتهمون الحكومة بتبديد تلك الأموال.
وعن ذلك قال الولي: "لا توجد شفافية أو محاسبة في هذه الحكومة، وهذا يفاقم من المشاكل الهيكلية في الاقتصاد المصري ويزيدها سوءاً".
أما يزيد صايغ، كبير الباحثين في مركز كارنيغي للشرق الأوسط في بيروت، فيرى أن "تلك الأموال منقولة".
وقال في تصريح لموقع ميدل إيست آي: "من خلال منحه مصر المال لغاية بعينها، فإن صندوق النقد الدولي يقوم فعلياً بتحرير الأموال الأخرى لدي الحكومة المصرية سامحاً لها بإنفاقها على أشياء قد لا يدعمها أو لا يقرها صندوق النقد الدولي".
قبل الحصول على الدفعة الأولى من القرض، خفضت مصر قيمة الجنيه بما يقدر بحوالي 48 بالمائة من قيمته مقابل الدولار الأمريكي، العملة الرئيسية للاستيراد في البلاد.
إلا أن تلك الخطوة فشلت في تخفيف الضغط على الاحتياطيات الدولية لدى البنك المركزي في مصر، وسط تقارير تفيد بأن مصر اختارت نظام سعر صرف خاضع لتحكم الدولة.
وارتفعت الاحتياطيات لدى البنك المركزي في مصر من 31.3 مليار دولار في السنة المالية 2016–2017 إلى 44.5 مليار دولار في السنة المالية 2018–2019.
إلا أن مرد ذلك الارتفاع يرجع بشكل أساسي إلى الدعم القادم من دول الخليج التي أودعت لدى البنك المركزي مليارات الدولارات (ما تقدر قيمته بالمجمل بحوال 18.5 مليار دولار في السنة المالية 2016-2017 بحسب الأرقام الصادرة عن البنك المركزي المصري نفسه).
كما أن السياسات التي تبنتها السلطات المصرية، بما في ذلك إلغاء بعض الدعم على السلع الأساسية، وفرض ضرائب جديدة، والتعويم الجزئي للجنيه، تسبب ذلك كله في إحداث تراجع تدريجي في العجز، ما دفع بمعدل النمو إلى أعلى وساهم في تقليص نسبة الدين إلى الناتج المحلي الإجمالي.
أزمة كوفيد تفضي إلى الحصول على قرضين آخرين
تأثير جائحة كورونا
فقد انهارت السياحة بعد أن قررت السلطات تعليق جميع الرحلات الجوية القادمة والمغادرة، مما كبدها خسارة في العائدات تصل إلى مليار دولار في الشهر. كما تسبب ذلك في خسارة عشرات الآلاف من الوظائف في قطاع يساهم عادة بما يقرب من 12 بالمائة من الناتج الإجمالي المحلي المصري ويعمل فيه ما يقرب من 10 بالمائة من الأيدي العاملة التي يقدر تعدادها بما يقرب من 27 مليونا.
وبطأ الإغلاق الجزئي من وتيرة الإنتاج وتسبب في فقد الوظائف في قطاع الصناعة، بينما راح السيسي يناشد المستثمرين وأرباب الأعمال بالإبقاء على العاملين في وظائفهم.
وأنفقت الحكومة عشرات المليارات من الجنيهات لدعم السياحة، ولدعم قطاعات الصناعة والزراعة، وقدمت مساعدات مالية لمئات الآلاف من العاملين.
كما ارتفع معدل الإنفاق على القطاع الصحي، حيث غدت المستشفيات التابعة للدولة المصرية، والتي أثقل كاهلها في أوج الجائحة، تقدم العلاج المجاني للمرضى.
زاد هذا الإنفاق، بما في ذلك ما تم إنفاقه على شراء الأمصال والأدوية والغذاء، من الضغط على احتياطيات العملة الأجنبية في مصر.
انخفضت احتياطيات العملة الأجنبية إلى 37 مليار دولار بنهاية شهر إبريل/ نيسان من عام 2020، بعد أن كانت في نهاية مارس/ آذار حوالي 40 مليار دولار وأكثر من 45 مليار دولار في مطلع ذلك الشهر.
ومرت مصر بفترة شهدت تدفق رؤوس الأموال إلى الخارج بما يقرب من 16 مليار دولار في نفس تلك السنة.
ومن أجل تمويل متطلبات التعامل مع جائحة كوفيد، طلبت مصر قرضاً إضافياً من صندوق النقد الدولي قيمته حوالي 5.2 مليار دولار. وافق صندوق النقد الدولي على الطلب في حزيران/ يونيو من عام 2020 على أن يكون ذلك على شكل ائتمان متاح على مدى 12 شهراً.
وقالت الجهة المقرضة إن البرنامج سيركز على الاستجابة مع الاحتياجات الملحة لمواجهة الجائحة، بما في ذلك الإنفاق الحرج على الصحة والبرامج الاجتماعية لحماية أكثر الناس عرضة للانكشاف.
ولكن تارة أخرى، لم يشترط صندوق النقد الدولي تحديد مشاريع بعينها من المفروض أن يتم إنفاق القرض عليها.
وفي نوفمبر/ تشرين الثاني من نفس العام، أصدر صندوق النقد الدولي أول تقرير تقييمي له قال فيه إن أداء الاقتصاد المصري كان أفضل مما هو متوقع، بالرغم من الجائحة.
وقال إن إجراءات الاحتواء، المدعومة بإدارة الأزمة من قبل السلطات، وكذلك التنفيذ القوي لبرنامج الإجراءات الذي وضعوه، ساعد على التخفيف من حدة الأزمة. كما أشاد تقرير نهائي صدر في شهر مايو/ أيار من عام 2021 بإدارة السلطات المصرية للبرنامج.
وكان صندوق النقد الدولي قد عرض على مصر، قبل شهر واحد من ترتيبات الائتمان المتاح، تسهيلات ائتمانية بما يقرب من 2.7 مليار دولار لمساعدتها على تجاوز المصاعب المالية أثناء الجائحة.
تقول مصادر مطلعة إن هذا التمويل كان أساسياً لتمكين القاهرة من الاستمرار، وخصة وأن الجائحة كانت تترك أثراً بالغاً على الاقتصاد.
في تصريح لموقع ميدل إيست آي، قال أحمد دياب، عضو اللجنة الاقتصادية في البرلمان المصري: "استخدمت الحكومة المصرية القروض من أجل تجاوز العجز في الميزانية، ولو جزئياً، والاستجابة للاحتياجات التمويلية. وما كان بإمكان السلطات المصرية تجاوز المصاعب التي سببتها الجائحة بدون الحصول على هذه التسهيلات".
بعد حرب أوكرانيا
توجهت مصر ثانية إلى صندوق النقد الدولي في عام 2022 وذلك بعد اندلاع الحرب الروسية الأوكرانية، وذلك في سياق تراجع احتياطيات العملة الأجنبية وارتفاع أسعار الغذاء وأسعار الطاقة. فقد كان البلد يعتمد على البلدين المتحاربين للحصول على جل احتياجاته من القمح وعلى ثلث عدد السائحين الذين يردون إليه.
في شهر أكتوبر/ تشرين الأول، وافقت القاهرة على تسهيلات اعتمادية ممتدة لفترة تصل إلى ستة وأربعين شهراً، تتضمن سلسلة من الشروط الصارمة حول طريقة إنفاق الدفعات المختلفة للقرض.
تتضمن الشروط التحول الدائم إلى نظام سعر صرف مرن، وإجراءات لخفض التضخم وتقليص نسبة الدين العام إلى الناتج المحلي الإجمالي، وزيادة الإنفاق الاجتماعي لحماية الفئات المستضعفة في المجتمع.
وطلب من القاهرة تنفيذ إصلاحات هيكلية لتقليص مواطئ قدم الدولة وتشجيع النمو الذي يقوده القطاع الخاص وتعزيز الحوكمة والشفافية في القطاع الحكومي.
وكانت الحكومة قبل إبرام الصفقة قد بدأت بالدفع نحو خصخصة بعض قطاعات الاقتصاد، بما في ذلك من خلال المستثمرين الأجانب، وذلك ضمن تشكيلة من الإجراءات الأخرى التي تهدف إلى جذب ما يقرب من 40 مليار دولار. وكانت دول الخليج قد بدأت في استملاك حصص في الشركات المصرية كجزء من مجهود الخصخصة، بما في ذلك شركات الأسمدة والمستشفيات والبنوك.
وضمن خطة أطلق عليها "سياسة ملكية الدولة"، وضعت الدولة مخططاً يهدف إلى إنهاء سيطرة الدولة، جزئياً أو كلياً، على قطاعات مثل إنشاء الموانئ وإنتاج الأسمدة وتحلية المياه، وذلك على مدى ثلاث سنين.
إلا أن الاقتصاديين يتوقعون أن تواجه مثل تلك السياسات بمقاومة من قبل مؤسسات الدولة، وخاصة من قبل الجيش الذي يملك امبراطورية أعمال ضخمة.
في مقال أخير له، كتب صايغ يقول: "ما من شك في أن مقاومة الجيش تفسر التأخير المستمر في تعويم شركات الجيش في سوق البورصة أو في بيع الأسهم من خلال صندوق الثروة السيادي المصري".
وأضاف: "معروف عن الجيش، بالفعل، عداؤه الشديد لبيع أي من أصول الدولة، ناهيك عن بيع أصوله هو".
وأشار الصايغ إلى أن هذا يساعد في تفسير المعارضة الموجودة في صفوف البرلمانيين لمخطط الحكومة الذي يقضي بخصخصة الشركات وغيرها من الأصول التي تعود إلى سلطة قناة السويس، والتي يعتبرها الجيش قطاعاً اقتصادياً يعود له حصرياً.
كتب الصايغ يقول: "إن المعارضة العسكرية مهمة، إلا أن التجارب السابقة تشير إلى أن الحكومة سوف تستغل كل ثغرة تعثر عليها حتى تؤجل تنفيذ بنود الاتفاق الذي أبرمته مع صندوق النقد الدولي.".
للاطلاع على النص الأصلي (هنا)