قرر البنك
المركزي الأوروبي، الخميس، رفع
أسعار الفائدة للمرة الخامسة على التوالي بعد ساعات قليلة من قرار
بنك انجلترا المركزي رفع أسعار الفائدة للمرة العاشرة على التوالي.
وأكد البنك المركزي الأوروبي، وفقا لوكالة الأنباء الفرنسية، أنه "سيبقي على مسار رفع أسعار الفائدة عبر زيادة مشابهة مرتقبة الشهر المقبل في آذار/مارس، وسيقيّم لاحقا المسار اللاحق لسياسته النقدية".
ورفع البنك أسعار الفائدة الرئيسية بنصف نقطة مئوية كما كان متوقعا، في مسعى للحد من ارتفاع أسعار الطاقة والمواد الغذائية نتيجة الغزو الروسي لأوكرانيا.
وسيكون البنك ومقره فرانكفورت قد رفع بذلك تكاليف الاستدانة بثلاث نقاط مئوية منذ أطلق حملة غير مسبوقة لتشديد سياساته النقدية في تموز/يوليو.
وفي وقت سابق من اليوم نفسه، رفع بنك انجلترا المركزي أسعار الفائدة للمرة العاشرة على التوالي بينما رفع الاحتياطي الفدرالي الأمريكي تكاليف الاستدانة مجددا الأربعاء، وإن كان بوتيرة أبطأ.
وأشار بنك انجلترا إلى تحول الدفة في معركة بريطانيا لمكافحة التضخم المرتفع مما أجبر المستثمرين على خفض رهاناتهم على مزيد من تشديد السياسة النقدية.
اليورو يتراجع
وفي السياق، انخفض اليورو أمام الدولار خلال تعاملات الخميس بعد قرار البنك المركزي الأوروبي وبنك انجلترا رفع أسعار الفائدة.
وتراجع اليورو 0.64 بالمئة خلال اليوم إلى 1.0920 دولار بينما هبط الإسترليني 0.68 بالمئة إلى 1.2290 دولار. وزاد مؤشر الدولار 0.61 بالمئة أمام سلة من العملات إلى 101.56.
وتتنامى المؤشرات إلى أن منطقة اليورو ستكون قد تجاوزت المرحلة الأسوأ من الصدمة الاقتصادية مع تباطؤ التضخم من الذروة المسجلة في تشرين الأول/أكتوبر ومحاولة منطقة العملة الموحدة جاهدة تسجيل نمو أواخر 2022.
ما بعد مارس
بينما تبحث الأسواق عن مؤشرات لمعرفة ما قد يحدث بعد آذار/مارس، قالت رئيسة البنك المركزي الأوروبي كريستين لاغارد في مؤتمر صحافي إن المؤسسة التي تتخذ من فرانكفورت مقرا ما زال لديها "عمل ينبغي تحقيق تقدّم فيه" في ما يتعلق برفع المعدلات.
وقالت: "نعرف أننا لم ننته"، مضيفة أن عزم المصرف على إعادة التضخم إلى هدف 2% "يجب ألا يكون موضع شك.
وبينما تراجع ارتفاع أسعار المواد الاستهلاكية في منطقة اليورو إلى 8,5 في المئة في كانون الثاني/يناير بحسب البيانات الأولية، إلا أنه ما زال أعلى بكثير من الهدف.
ورغم تشديد البنك المركزي الأوروبي مرارا على عزمه مكافحة التضخم، يسعى صانعو السياسات لتحقيق توازن عبر التشدد إلى حد كاف لكن من دون أن يتسبب الأمر بصعوبات اقتصادية في أنحاء أوروبا.
بدت تصريحات لاغارد متفائلة نسبيا بشأن آفاق منطقة اليورو التي تضم 20 دولة، مشيرة إلى أنها واجهت تداعيات الغزو الروسي لأوكرانيا وارتفاع تكاليف الطاقة بشكل أفضل مما كان متوقعا.
وقالت: "إجمالا، أثبت الاقتصاد أنه أكثر صمودا من المتوقع ويجب أن يتعافى في الفصول المقبلة"، مشيرة إلى تحسن الثقة وتراجع حدة الاختناقات في سلاسل التوريد وإمدادات الغاز المستقرة.
بدوره، لفت خبير الاقتصاد لدى "آي إن جي" كارستن برزسكي إلى أنه بإعلانه عن رفع إضافي للمعدلات الشهر المقبل، فإن البنك المركزي الأوروبي "يفتح الباب إما لوقف أو لرفع المعدلات بوتيرة أبطأ ما بعد آذار/مارس".
لكن كبير خبراء الاقتصاد الأوروبي لدى "كابيتال إيكونوميكس" أندرو كينينغهام قال إن بيان المصرف "لا يرقى إلى تغير واضح في موقفه المرتبط بالسياسات" النقدية، وسط توقعات برفع كبير لمعدلات الفائدة في الأشهر المقبلة.
ورفع المعدل الخميس هو الخامس على التوالي الذي يعلنه البنك المركزي الأوروبي، لتصبح معدلاته الرئيسية ما بين 2,50 و3,25 في المئة. ويأتي في أعقاب زيادة بنصف نقطة في كانون الأول/ديسمبر، لكنه أقل من زيادتين كبيرتين بـ75 نقطة أساس قبل ذلك.
إلى أين؟
عززت البيانات الأخيرة الأقل قتامة الآمال بأن الجهود الروسية لخنق إمدادات الغاز الأساسية بالنسبة لأوروبا قد لا تتسبب بالهبوط الاقتصادي العميق الذي كان التكتل متخوفا منه.
ومع خفض موسكو الشحنات في أعقاب غزو أوكرانيا، أطلقت الحكومات الأوروبية تدابير لتخفيف حدة تداعيات ارتفاع الأسعار على المستهلكين والأعمال التجارية وسارعت إلى ملء منشآت التخزين. وتراجعت أسعار الغاز الذي يتم بيعه بالجملة بينما لم تستخدم المخزونات بالسرعة المتوقعة كون الشتاء لم يكن قاسيا نسبيا.
ويأمل محللون أن عوامل أخرى مثل تخفيف مشاكل سلاسل التوريد وإعادة فتح الاقتصاد الصيني المتأثر بكوفيد باتت تخفف من تداعيات الحرب الأوكرانية. لكن مؤشرات الضعف ما زالت تحدث مخاوف.
وسجّلت ألمانيا، أكبر قوة اقتصادية في أوروبا، انكماشا غير متوقع أواخر العام 2022، في مؤشر إلى اتجاه نحو الركود. لكنه يتوقع أن يكون الانكماش غير عميق بينما توقعت الحكومة أن يتحسن الاقتصاد بعض الشيء خلال العام 2023 بأكمله.