في الوقت الذي سارعت فيه دولة الاحتلال
لعرض مساعدتها لتركيا المنكوبة بالزلزال المدمر، فإن القراءة
الإسرائيلية الهادئة
تشير إلى أن ما تسميه "دبلوماسية الكوارث" الطويلة الأمد بين إسرائيل
وتركيا، لم تؤد إلى تغيير جذري في العلاقات بين الدولتين، مثل اليونان وأرمينيا، ما يستدعي تنحية الاعتبارات السياسية جانبًا.
رامي دانيال الباحث بمعهد دراسات الأمن
القومي بجامعة تل أبيب، أكد أنه "فيما تشهد
تركيا حاليًا إحدى أسوأ الكوارث
في تاريخها، فقد أرسلت إسرائيل وفداً طبياً كبيراً إلى تركيا، وسعت لأن تكون صور
جنودها العاملين في الساحة رمزاً للعلاقات الحميمة بين الجانبين، كما حصل في
زلزال
1999، حيث شهدت علاقاتهما آنذاك مرحلة الذروة، مع العلم أن "دبلوماسية
الكوارث" بين تركيا وإسرائيل لم تبدأ في التسعينيات فقط، لأنه منذ
الخمسينيات، وبغض النظر عن مستوى العلاقات السياسية بين أنقرة وتل أبيب، فقد
تواصلتا عندما واجهت تركيا كوارث طبيعية".
وأضاف في مقال نشره موقع
القناة 12،
وترجمته "عربي21" أن "هذه المساعدة لم تكن من جانب واحد، ففي 2010،
وبعد أشهر من حادثة السفينة "مرمرة" على شواطئ غزة، أرسلت تركيا طائرات
إطفاء لإسرائيل التي واجهت كارثة الكرمل.
واليوم يبدو أن البلدين في وضع مماثل، حيث أدركت
تركيا على الفور حجم الحادث، ومدى الضرر، وطالبت المجتمع الدولي بتقديم المساعدة،
ورغم المخاطر الأمنية لأن مسرح الكارثة في المنطقة الحدودية مع سوريا، وهناك
العديد من التحديات الأمنية، فقد استجابت الحكومة الإسرائيلية للنداء التركي، وبدأ
وزيرا الحرب والخارجية الاستعدادات لإرسال بعثة إغاثة لتركيا".
وأشار إلى أنه "في كل مرة يقع حدث من
هذا النوع، ويتم تقديم المساعدة، يكون خلط معين بين الاعتبارات الإنسانية
والسياسية، وحتى اليوم لا يسع المرء إلا أن يفكر في العواقب السياسية المحتملة
لإرسال مساعدات إسرائيلية لتركيا، وتظهر الدراسات المختلفة حول "دبلوماسية
الكوارث" أن المساعدة في حالات الطوارئ لا تؤدي لتغيير جذري في العلاقات
بينهما، وفي الحالة الأكثر إيجابية، يمكن لمثل هذه المساعدات أن تسرع من عمليات
التقارب الموجودة بالفعل، لكن لا تبدؤها".
صحيح أن علاقات تركيا وإسرائيل في 2023
تشهد تحسّناً فيها، رغم أنها تعيش ذلك منذ عامين، وقد تكون المساعدة
الإسرائيلية لتركيا خطوة أخرى لتدفئة هذه العلاقات، لكن تأثير مثل هذه الخطوة قد
يكون محدودًا مع مرور الوقت، لأنه رغم الصور المثيرة قإنه من المشكوك فيه أن
يكون لها تأثير سياسي حقيقي على المدى المتوسط والطويل، ولذلك ففي الحالة الحالية
لا ينبغي النظر لوفد إسرائيلي لتركيا بأنه فرصة سياسية ستؤثر على علاقاتهما طويلة
الأمد.
تجدر الإشارة إلى أننا أمام كارثة إنسانية
رهيبة أيقظت العالم كله، بما فيها دول المنطقة، بغض النظر عن علاقاتها مع تركيا،
حتى اليونان، التي لديها صراع تاريخي مع تركيا، فقد أرسلت مهمة إنقاذ، وعرضت أرمينيا
التي أغلقت حدودها مع تركيا، تقديم مساعدتها، ولذلك فإن الفريق الإسرائيلي الذي
سيتم إرساله لتركيا لن يتخذ خطوة سياسية، بل إنه سوف يسعى لتعزيز العلاقات السياسية
بينهما، لكنه عملية منفصلة، وقد لا تكون مضمونة النتائج سلفاً، رغم رغبة الاحتلال
بذلك.