انتشرت عشرات الأخبار المضللة على مواقع التواصل الاجتماعي منذ الساعات الأولى لوقوع
الزلزال المدمر الذي ضرب
سوريا وتركيا فجر الاثنين، ما دفع سلطات أنقرة إلى تعطيل "تويتر"، قبل الاتفاق مع الشركة على محاربة الأخبار المغلوطة والتحريضية.
وفجر الاثنين، ضرب زلزال جنوب
تركيا وشمال سوريا بلغت قوته 7.7 درجات، أعقبه آخر بعد ساعات بقوة 7.6 درجات ومئات الهزات الارتدادية العنيفة، ما خلف خسائر كبيرة بالأرواح والممتلكات في البلدين.
وأودى الزلزال بحياة أكثر من 17 ألف شخص، في حصيلة تواصل الارتفاع مع تواصل عمليات الإنقاذ والبحث عن ناجين تحت الأنقاض.
وفيما كانت فرق الإنقاذ تهرع إلى المناطق المنكوبة في تركيا وشمال سوريا، كان مروّجو الأخبار المضلّلة يستفيدون من الاهتمام الإقليميّ والعالميّ بهذه المأساة، لإلقاء أخبارهم المضلّلة، وتحقيق مشاهدات عالية على صفحاتهم وحساباتهم على مواقع التواصل، وعمل صحفيو خدمة تقصّي صحّة الأخبار في وكالة فرانس برس على تفنيد عدد منها.
ونشرت فرانس برس فيديو ظهر على مواقع التواصل فيديو زعم ناشروه أنه لإنقاذ طفل لا يتجاوز عمره الأشهر في سوريا.
ويظهر في الفيديو عدد من الرجال يحفرون بأيديهم بين الركام لإنقاذ طفلة وإخراجها حيّة من بين الأنقاض.
وجاء في التعليق المرافق "الله أكبر على هذا الإنقاذ المبكي المفرح، ملاك لا يتجاوز الأشهر نجا بأعحوبة".
إلا أنه تبين لفرانس بدس أن هذه المشاهد ليست من عمليات الإنقاذ الأخيرة. فبعد تقطيع الفيديو المتداول أرشد البحث إليه منشورا عام 2014 في حساب معارض يغطي أخبار منطقة حلب على موقع يوتيوب.
وجاء في التعليق المرافق له "إخراج طفلة حية من تحت الأنقاض في حي المعصرانية (حلب) 22 / 1 / 2014".
وفي تلك الفترة تعرضت مدينة حلب في شمال سوريا وجوارها لقصف بالبراميل المتفجرة التي يلقيها الطيران المروحي التابع لقوات النظام السوري.
وأفاد المرصد السوري لحقوق الإنسان آنذاك أن "أحياء الميسر والمرجة والجزماتي والمعصرانية باتت أحياء أشباح، حيث أغلقت معظم المحال التجارية، وهرب الأهالي من بيوتهم".
المنشور الآخر الذي سلطت فرانس برس عليه الضوء، هو ما انتشر على مواقع التواصل الاجتماعي باللغة العربية من صورة يدعي ناشروها أنها لفرق الدفاع المدني الأردني خلال عمليات الإنقاذ في اللاذقية غرب سوريا.
ويبدو في الصورة رجال إنقاذ أردنيون متجمعون في منطقة صخرية ليلا. وكتب في التعليق المرافق "الدفاع المدني الأردني يساعد العالقين تحت الركام في مدينة جبلة" في محافظة اللاذقيّة السورية الساحلية.
وحصدت الصورة آلاف التفاعلات من صفحات عدة في مواقع التواصل الاجتماعي، مع تواصل عمليات الإنقاذ والبحث عن ناجين عالقين تحت الأنقاض.
وكان العاهل الأردني الملك عبد الله الثاني قد وجه حكومة بلاده بتقديم مساعدات لأسر الضحايا والمصابين في تركيا وسوريا في أعقاب الزلزال المدمر، حسب ما أفاد بيان صادر عن الديوان الملكي الإثنين.
إلا أن الصورة لا علاقة لها بأعمال الإنقاذ الجارية في سوريا. فقد أظهر التفتيش عنها أنها منشورة خلال شهر أغسطس 2022 على مواقع إخبارية أردنية ضمن مقالات تتحدث عن عملية إنقاذ شابة عشرينية تعرضت للسقوط عن مقطع صخري بمنطقة البحر الميت.
من بين هذه المنشورات، صور قيل إنها تُظهر حالة ذعر في الشوارع في مدينة نابلس في الضفّة الغربيّة المحتلّة ليل الثلاثاء الأربعاء عقب زلزال ضرب الأراضي الفلسطينية، لكن الصور المستخدمة منشورة في الحقيقة في العام 2017 عشية عيد الفطر من ذلك العام.
كما نشرت بعض الحسابات مقطع فيديو قيل إنه يُظهر موجات مدّ بحريّ (تسونامي) تضرب السواحل التركيّة عقب الزلزال، لكن هذه المشاهد تُظهر في الحقيقة عاصفة ضربت سواحل جنوب أفريقيا عام 2017.
وفي سياق مشابه، تداول مستخدمون لمواقع التواصل مقطعاً مصوّراً قيل إنه يُظهر أمواجاً عاتية تضرب شاطئاً في تركيا. لكن تحليل الفيديو أظهر أنه منشور في يناير الماضي يُظهر عاصفة في سان دييغو في ولاية كاليفورنيا الأمريكية.
وحقّقت صورة نُشرت عقب وقوع الزلزال، وقيل إنها تُظهر كلباً على مقربة من صاحبه العالق تحت الأنقاض، أكثر من مليون و500 ألف مشاهدة على موقع تويتر. لكن تحليل الصورة أظهر أنها منشورة على شبكة الإنترنت منذ العام 2018، وهي ضمن مجموعة للمصوّر التشيكي ياروسلاف موسكا على موقع "ألامي".
ونُشرت صورة على مواقع التواصل وعلى بعض المواقع الإخباريّة المحليّة في بلدان الشرق الأوسط، قيل إنها تُظهر طفلاً سورياً يبكي وحيداً بين الأنقاض. لكن صحفيي خدمة تقصّي صحّة الأخبار في وكالة فرانس برس عثروا على الصورة نفسها على موقع "شاترستوك" ضمن مجموعة من الصور التمثيليّة.
ونُشرت مقاطع فيديو قال ناشروها إنها تُظهر اهتزاز مبان وانهيارها في الزلزال الأخير، لكن البحث عن هذه المقاطع أثبت أنها قديمة، ومنها ما يعود للزلزال الذي ضرب اليابان عام 2011 وتلته موجات مدّ بحريّ مدمرّة.
وفي وقت سابق من الأربعاء، أعلنت المديرية العامة للأمنيات بتركيا أنه تم تحديد 202 شخص من مديري الحسابات الذين نشروا منشورات استفزازية حول الزلزال على منصات وسائل التواصل الاجتماعي، كاشفة عن "توقيف 18 شخصا واعتقال 5 منهم".