قامت الدنيا ولم
تقعد لتكريم فنان بمهرجان السينما الأفريقية، يعتبره الكثيرون مثالا للموهبة
المحدودة والصناعة المحكمة من قبل الأجهزة لفرضه على الذوق العام
المصري. وتبارى
الجميع في انتقاد إدارة
المهرجان في اللهاث وراء الشكل دون القيمة، وإعلاء القيم الاستهلاكية
القبيحة التي أفرزت مقولة "الجمهور عايز كده" لتمرير كل ما هو غث ورخيص
على حساب قيم الحق والخير والجمال.
وقد اعتبر رواد
مواقع التواصل الاجتماعي وكثير من النقاد والمعنيين بالفن السابع، أنه ما كان
لمهرجان بقيمة مهرجان السينما الأفريقية، أن يسقط هذه السقطة المدوية التي تؤصل
لسينما القبح والانحطاط التي تُفرض وبإلحاح على جمهورنا الحبيب. في المقابل يتجاوز
المهرجان عن نجوم لهم باع وينتصرون للسينما والفن الحقيقيين، بل ويتناساهم إلى حد
يصل إلى التواطؤ، ولكن يبدو أن إدارة المهرجان ليست وحدها المشاركة في هذا المشهد
العبثي، ولكن أيضا الأقلام التي هاجمت والحناجر التي سجلت اعتراضها وهاجمت بضراوة
إدارة المهرجان.
أقول لكل هؤلاء
أنتم أيضا مدانون، فالمسألة ليست تكريما لفنان مدعوم إلى أقصى درجة من النظام،
ولكن تكمن في منع أو حجب أو
تهميش من لا يراد له أن يكون موجودا، في إشارة واضحة إلى أن هناك تمييزا وعدم تكافؤ فرص حقيقيين، بحيث تدخل بشكل أو بآخر اتجاهات الفنان
السياسية والاجتماعية والفنية في حجب أو تهميش أو منع هذا النوع من الفنانين
الجادين من توسط دوائر الضوء، والاكتفاء بالإشارة إليهم إشارة مقتضبة من هنا
وهناك.
والمثير للدهشة
أيضا، أن هؤلاء لا يجدون من يسلط عليهم الضوء أو يرد لهم اعتبارهم المغتصَب، حتى
من أولئك الغاضبين من إدارة المهرجان لسوء اختياراتها.
ولهذا أتمنى أن
نكف عن العويل والصراخ والبكاء على اللبن المسكوب، وأن ننتبه لمواهبنا الحقيقية
لمؤزارتها، ودعمها دعما حقيقيا وتقديمها في بؤرة الضوء، لعل هذا يخلق توازنا
مشروعا بين ما هو واقع وما هو حقيقي.