استثمر النظام السوري
الزلزال المدمر
الذي ضرب تركيا وسوريا في 6 شباط/ فبراير الجاري، في الترويج لتأثير
العقوبات على
وصول المساعدات الإنسانية إلى
سوريا، رغم أن عدة دول على رأسها الإمارات فتحت جسورا
جوية لإغاثة المتضررين من الزلزال في مناطق سيطرة النظام.
ونفت الولايات المتحدة الأمريكية
والاتحاد الأوروبي أن تؤثر العقوبات المفروضة على النظام نتيجة "القمع الوحشي"
للاحتجاجات المناهضة لرئيس النظام بشار الأسد، على إيصال المساعدات الإنسانية
والطبية في عموم الأراضي السورية.
وعقب وقوع الزلزال المدمر في تركيا
وسوريا، أصدرت وزارة الخزانة الأمريكية "الترخيص السوري العام GL
23"،
الذي يسمح بجميع المعاملات المتعلقة بالإغاثة من الزلزال لمدة 180 يوماً، والتي
كانت محظورة بموجب لوائح العقوبات المفروضة على النظام السوري.
ويسمح
القرار بتحويل الأموال من سوريا وإليها بشأن التعامل مع الزلزال، لكنه يستثني
عمليات استيراد النفط والمنتجات البترولية ذات المنشأ السوري إلى الولايات
المتحدة، إضافة إلى المعاملات التجارية المرتبطة بأشخاص مشمولين بالعقوبات
الأمريكية.
وأكد نائب وزير الخزانة الأمريكية والي
أدييمو، في بيان أن العقوبات الأمريكية في سوريا لن تقف في طريق الجهود المبذولة
لإنقاذ حياة الشعب السوري، مضيفا أنه "بينما تحتوي برامج العقوبات بالفعل على
استثناءات قوية للجهود الإنسانية، فإن وزارة الخزانة اليوم تطلب ترخيصا عاما شاملا
لتفويض جهود الإغاثة من الزلزال حتى يتمكن أولئك الذين يقدمون المساعدة من التركيز
أكثر على ما هو مطلوب لإنقاذ الأرواح وإعادة البناء.
الأكاديمي السوري ومدير البرنامج السوري في "مرصد
الشبكات السياسية والاقتصادية" كرم شعار، قال لـ"عربي21" إن الاستثناء
الأمريكي يفقد النظام السوري إحدى أدواته لنشر الدعاية الكاذبة بشأن تأثير
العقوبات على المساعدات الإنسانية والطبية، مشيرا إلى أن تأثير القرار سيكون
محدودا، لأن العقوبات لم تكن العائق الرئيسي للاستجابة الإنسانية في سوريا.
وأوضح أن الاستثناء الأمريكي، يرفع
العقوبات عن القطاع المالي لمدة ستة أشهر للحوالات المالية المرتبطة بالاستجابة
لمتضرري الزلزال، موضحا أن قرار الخزانة الأمريكية ينطبق على جميع دول العالم
الراغبة في إجراء معاملات مالية بالدولار الأمريكي.
وأشار إلى أن استثناء الخزانة
الأمريكية (استثناء عام)، وهو يختلف عن الاستثناء الخاص، الذي يشترط تقديم إثباتات
لعدم فرض عقوبات على المنظمات التي تقدم خدماتها في سوريا.
وأبدى الدكتور في الاقتصاد، تفهمه
لقرار الإدارة الأمريكية، خاصة أن الاستثناء يطلق يد المنظمات الإنسانية أو على
الأقل يخفف من سطوة النظام السوري عليها، إذ أصبح بإمكان تلك المنظمات استلام أموال
المساعدات بدون مخاوف من العقوبات.
ولفت إلى أن إعلان الخزانة الأمريكية
عن تعليق العقوبات، لا يعني بالضرورة استجابة شركات التحويل المالي العالمية، لأن
هذه التحويلات يمكن أن تصل إلى أشخاص معاقبين وهو ما لم يستثنه القرار الأمريكي.
وبين أن مطالبات النظام برفع العقوبات
المفروضة عليه، لا تقتصر على عقوبات القطاع المالي، وإنما يبحث عن رفع العقوبات
على حظر السفر وتجميد الأصول.
ورأى أن الاستثناء الأمريكي خطوة في
الاتجاه الصحيح، لأنه يسهل العمل الإنساني ويحرم النظام من شماعة لطالما استخدمها لتعليق إخفاقاته عليها.
ولفت الشعار إلى أن هناك مقاربة تم
التوافق عليها بين النظام السوري والأمم المتحدة بشأن تسهيل المساعدات، تتعلق برفع
سعر صرف العملات الأجنبية، لتصبح قريبة من سعر السوق السوداء.
واعتبر أن المنظمات الأممية نجحت في
انتزاع هذا التنازل من النظام السوري، بعد أن كان النظام يحصل على الدولار
الأمريكي من المنظمات الأممية بسعر يصل في بعض الأحيان إلى أقل بنحو 50 بالمئة من
السعر الحقيقي، وهو ما أدى إلى فقدان أكثر من 150 مليون دولار سنويا منذ بدء 2011 من
أموال المساعدات الغربية في سوريا.
وسجل سعر الصرف الرسمي الصادر عن
المصرف المركزي السوري، اليوم الثلاثاء، 6600 ليرة سورية أمام الدولار الأمريكي، في
حين وصل السعر في السوق السوداء إلى 6900 ليرة.