قال الرئيس
التونسي قيس سعيّد إن الإيقافات الأخيرة، التي تعرفها البلاد، أظهرت أن عددا من ''هؤلاء المجرمين المتورطين في التآمر على أمن الدولة الخارجي والداخلي وهذا بالإثباتات هم من يقفون وراء هذه الأزمات المتصلة بتوزيع السلع وبالترفيع في الأسعار''، وفق تعبيره.
جاء ذلك خلال استقباله لوزيرة التجارة وتنمية الصادرات كلثوم بن رجب الثلاثاء بقصر قرطاج الرئاسي، حيث اعتبر سعيّد أن "عصابات منظمة تأتمر بأوامر هؤلاء الخونة والمرتزقة، عصابات لا يهمها جائع أو فقير، بل لا تثير فيهم أنات مريض أي شعور".
وأضاف بحسب مقطع فيديو بثته الرئاسة التونسية عبر صفحتها بـ"فيسبوك" أن "التنبيه والتحذير موجهان إلى من يسيطرون على ما يسمى مسالك التوزيع وهي مسالك تنكيل وتجويع فلن يهربوا ولن يبقوا خارج المساءلة وتطبيق القانون إن الشعب يريد المحاسبة ولا بد من محاسبة هؤلاء".
كما أشار سعيّد إلى العديد من التجاوزات التي جرت معاينتها في سوق الجملة ببن عروس، زاعما أنه تم تخصيص 5 بالمئة فقط لهذه السوق، فيما تم توزيع الـ95 بالمئة المتبقية في مسالك غير قانونية هدفها الاحتكار والتحكم في الأسعار.
وتشن السلطات الأمنية التونسية منذ أيّام حملة
اعتقالات طالت سياسيين معارضين ورجل أعمال وإعلاميًا من دون تهم واضحة، ما ينذر بتزايد القمع في بلد يواجه أزمة اقتصادية وسياسية منذ قرار الرئيس قيس سعيّد احتكار السلطات في العام 2021.
سبقت عمليات الاعتقال تلميحات واضحة من الرئيس خلال لقاء بوزيرة العدل ليلى جفال الأسبوع الفائت، جاء فيها "من غير المعقول أن يبقى خارج دائرة المحاسبة من له ملف ينطق بإدانته قبل نطق المحاكم، فالأدلة ثابتة وليست مجرّد قرائن".
بدأت حملة الاعتقالات نهاية الأسبوع الفائت بتوقيف رجل الأعمال كمال اللطيف، صاحب النفوذ الكبير في الأوساط السياسية والذي بقي لفترة طويلة مقربا جدا من الرئيس الراحل زين العابدين بن علي، إضافة إلى القيادي السابق في حركة النهضة عبد الحميد الجلاصي، والناشط السياسي خيام التركي وقاضيين معزولين.
وتواصلت الاعتقالات إلى الاثنين ليلا وطالت المدير العام في المحطة الإذاعية الخاصة "موزييك اف ام" نور الدين بوطار، ووزير العدل السابق نور الدين البحيري، والمحامي لزهر العكرمي.
وتتزامن حملة الاعتقالات وسعي الرئيس قيس سعيّد إلى وضع حجر الأساس لنظامه الرئاسي والذي تميز بمقاطعة كبيرة من قبل الناخبين لا سيما إثر مقاطعة نحو تسعين في المئة من الناخبين دورتي الانتخابات النيابية الفائتة.
وفي أول رد فعل دولي، أدان مفوض الأمم المتحدة السامي لحقوق الإنسان فولكر تورك الثلاثاء "تفاقم القمع" في تونس، إثر الاعتقالات.
وقال المتحدث الرسمي باسمه جيريمي لورانس، خلال إيجاز صحفي في جنيف، إن تورك أعرب عن "قلقه من تفاقم القمع ضد أولئك الذين يُنظر إليهم على أنهم معارضون سياسيون ومنتمون إلى المجتمع المدني في تونس، ولا سيما من خلال الإجراءات التي اتخذتها السلطات في مواصلة لتقويض استقلالية القضاء".
كما أدانت جبهة "الخلاص الوطني" المعارضة في تونس ما قالت إنها حملات توقيف طالت "عددا من السياسيين"، ودعت إلى "إطلاق سراح جميع الموقوفين حالا"، محذرة من "أخطار الفوضى والعنف".
واعتبرت الجبهة أن حملات التوقيف "تؤكد أن البلاد لم تعد تحكَم بالقانون منذ أن دِيس دستورها وهُدِّمت هيئاتها المستقلة واختلطت كل السلطات بيد واحدة".
ودعت الجبهة إلى "إطلاق سراح جميع الموقوفين حالا وإيقاف التتبع في حقهم وضمان شروط المحاكمة العادلة لكل المواطنين دون استثناء أو تمييز".
كما اعتبرت أن "هذه الحملة لا تعدو سوى محاولة يائسة لإسكات صوت المعارضة لانقلاب 25 تموز/يوليو"، محذرة من أنها "لن تزيد الأزمة السياسية وعدم الاستقرار السياسي والاجتماعي سوى تعمقا وتعفنا، ما يُعرض البلاد إلى أخطار الفوضى والعنف".