نشرت صحيفة "
إزفيستيا" الروسية تقريرًا، تحدثت فيه عن الزيارة التي أداها وزير الخارجية
الإسرائيلي إيلي
كوهين إلى كييف في السادس عشر فبراير/ شباط الجاري، باعتبارها أول زيارة يؤديها مسؤول رفيع المستوى منذ انطلاق العملية العسكرية في أوكرانيا.
وقالت الصحيفة، في تقريرها الذي ترجمته "عربي21"، إنه في إطار الزيارة أعلن كوهين دعمه لـ"صيغة السلام" المقترحة من طرف فولوديمير زيلينسكي، فضلاً عن إسناد قرض لكييف تقدر قيمته بنحو 200 مليون دولار.
وأضافت الصحيفة أنه لم يتم الحسم بعد في مسألة توريد
الأسلحة، التي تعدّ القضية الرئيسية للنظام الأوكراني. وفي هذا الصدد، يستبعد الخبراء موافقة السلطات الإسرائيلية على شحن أسلحة إلى أوكرانيا في المستقبل القريب، على الرغم من تقديم "إسرائيل" الدعم إلى الجانب الأوكراني.
زيارة شتوية
وأوضحت الصحيفة أن كوهين كان قد كشف عن جدول زيارته، الذي يتضمن زيارة بوتشا ومقبرة بابي يار في كييف، أحد أكبر أماكن إعدام اليهود خلال الاحتلال الألماني لأوكرانيا. بالإضافة إلى ذلك، تضمن الجدول النظر في استئناف عمل السفارة الإسرائيلية في كييف الذي علق منذ انطلاق العملية العسكرية الروسية، فضلًا عن عقد اجتماعات مع نظيره الأوكراني دميتري كوليبا والرئيس فولوديمير زيلينسكي.
ونقلت الصحيفة عن موقع "والا" العبري قوله إن كييف قدمت العديد من المطالب قبل فترة وجيزة من رحلة إيلي كوهين إلى أوكرانيا، تمثلت في مطالبة إسرائيل بإدانة تصرفات روسيا، والموافقة على تقديم قرض بقيمة 500 مليون دولار، وتقديم خدمات العلاج للمصابين خلال الأعمال العدائية، ودعم خطة زيلينسكي لحل النزاع، وهي النقطة التي وافق عليها الجانب الإسرائيلي.
ووفقًا للصحيفة، فقد ذكرت صحيفة "جيروزاليم بوست" أنه سيتم تقديم الخطة المكونة من عشر نقاط في اجتماع الجمعية العامة للأمم المتحدة المقرر عقده الأسبوع المقبل. مع العلم أن زيلينسكي كشف عن "صيغة السلام" في كانون الثاني/ نوفمبر من السنة الماضية في قمة مجموعة العشرين، التي تشمل الأمن النووي والغذائي وأمن الطاقة، وإطلاق سراح السجناء، واستعادة وحدة أراضي أوكرانيا، وانسحاب القوات الروسية، ووقف العملية العسكرية.
وأشارت الصحيفة إلى تعهد كوهين بتقديم إسرائيل المساعدة في تطوير نظام التحذير من الهجمات، لافتًا إلى أنه سيتم النظر في إمكانية إسناد قروض تصل إلى 200 مليون دولار إلى كييف لتنفيذ مشاريع في مجال الرعاية الصحية والبنية التحتية المدنية. ورغم تقديم الدعم للجانب الأوكراني، لم توافق إسرائيل بعد على إرسال أسلحة إلى كييف، مثلما فعلت دول الغرب الجماعي. وفيما يتعلق باللقاء مع زيلينسكي، أشار كوهين إلى مدى أهميته وإلى نية إسرائيل في توسيع المساعدة التي تقدمها، والمشاركة في إعادة إعمار أوكرانيا بعد انتهاء الصراع.
وبحسب الصحيفة، فقد قال سيرجي ملكونيان، الموظف في قسم الدراسات الإسرائيلية في معهد الدراسات الشرقية التابع لأكاديمية العلوم الروسية، إن زيارة إيلي كوهين إلى كييف بمثابة دعم دبلوماسي لأوكرانيا، ولا تعكس وجود رغبة واضحة في تقديم الدعم العسكري أو السياسي.
تداعيات السلاح
وفي تشرين الأول/ أكتوبر من السنة الماضية، كتبت صحيفة "نيويورك تايمز" تعليقًا على دعوة كييف بتزويدها بأنظمة الدفاع الصاروخي أن استمرار الوجود العسكري الروسي في سوريا وفي قاعدتي حميميم وطرطوس العسكريتين، وتواجد أنظمة الدفاع الجوي الروسية "إس 400" من بين الأسباب التي تمنع إسرائيل من إرسال أسلحة إلى كييف. بخصوص هذا، نفى مسؤولون إسرائيليون نية بلادهم في تجاوز "الخط الأحمر" في العلاقات مع روسيا من أجل أوكرانيا؛ خشية خطر فقدان قنوات الاتصال مع موسكو عبر الجهات العسكرية.
من جانبه، يستبعد خطيب سمير، وهو عضو في حزب الجبهة الديمقراطية للسلام والمساواة، تغيير زيارة إيلي كوهين إلى كييف موقف إسرائيل، قائلًا إن إسرائيل لن تدعم كييف بالسلاح، وستحافظ على نفس الموقف الذي اتخذته منذ انطلاق الصراع. وبحسبه، فإن رحلة وزير الخارجية تستهدف الرأي العام المحلي؛ حيث تريد حكومة بنيامين نتنياهو إثبات قدرتها على التدخل في التسوية، ومحاولة مصالحة روسيا مع أوكرانيا.
وتابعت الصحيفة، نقلًا عن كبير الباحثين في مركز الدراسات العربية والإسلامية بمعهد الاستشراق الروسي، بوريس دولغوف، تأكيده على تعرض إسرائيل في المقام الأول لضغوط من الولايات المتحدة فيما يتعلق بموضوع الأسلحة، مشيرًا إلى أن إسرائيل تعدّ حليفًا استراتيجيًّا للولايات المتحدة، وتحدد موقفها من خلال اتباع سياسة واشنطن، مستبعدًا في ذات الوقت إمكانية توريد إسرائيل أسلحة فتاكة في المستقبل القريب.
ونسبت الصحيفة إلى مدير مركز تحليل تجارة الأسلحة، إيغور كوروتشينكو، أن إسرائيل أكبر منتج للأسلحة عالية الدقة، وتمتلك قدرة صناعية عسكرية متطورة تخول لها توريد الطائرات الهجومية دون طيار والصواريخ الموجهة من مختلف الفئات والذخائر والأسلحة المضادة للدبابات والدفاع الجوي وأنظمة الدفاع الصاروخي والقبة الحديدية.
ناهيك عن ذلك، يرى كوروتشينكو ضرورة في عمل الدبلوماسيين الروس والجيش مع القيادة الإسرائيلية، موضحًا أن إرسال أسلحة إلى كييف سيؤثر سلبًا على أمن إسرائيل، كونه سيعزز العلاقات العسكرية والتقنية الروسية مع إيران.
وفي الختام، نوهت الصحيفة بأن احتمال توريد الأسلحة إلى أوكرانيا يتعارض مع مصالح كل من إسرائيل وروسيا، اللتين تريدان الحفاظ على الاستقرار الذي تحقق من خلال الجهود الحثيثة.