نشرت صحيفة "
التايمز" تقريرا لمراسلها في الشرق الأوسط ريتشارد سبنسر قال فيه إن السياسة تلعب دورا في عمليات
الإغاثة والإنقاذ بعد الهزة الأرضية في كل من
تركيا وسوريا في 6 شباط/ فبراير الجاري، مشيرا إلى أن الدول التي تتسم علاقاتها بالتوتر سارعت لإغاثة ضحايا
الزلزال في تركيا.
وأشار في تقريره من ولاية أديامان التي تعتبر إلى جانب كهرمان مرعش في مركز الزلزال وعملية إخراج الجثث، حيث علق أكاديمي يعيش في إسطنبول جاء للمساعدة في الإنقاذ: "مدينتي انتهت وخسرنا كل شيء".
ويعتقد أن عشرات الآلاف ماتوا في الهزة بأديامان التي تعيش فيها غالبية كردية، وأصبحت جزءا من دبلوماسية الزلزال. وقال إن الفريقين اللذين كانا يبحثان في الأنقاض هما من إيران والصين اللتين تقفان على الجانب الآخر من الانقسام الجيوسياسي العالمي مع الناتو والولايات المتحدة من جهة وروسيا من جهة أخرى.
ومع أن تركيا هي عضو في الناتو إلا أن الرئيس رجب طيب أردوغان حاول استغلال الدور التاريخي لبلاده كجسر بين الشرق والغرب لتعميق العلاقة مع الدول التي تحاول الوقوف أمام التأثير الأمريكي في الشرق الأوسط. وحاولت روسيا والصين الاستفادة من هذا.
ويضيف أن الإمارات العربية المتحدة والسعودية وقطر التي تنافست مع تركيا للتأثير على المسلمين السنة حول العالم، أرسلت شحنات إغاثة ومساعدات، مع أن الدعم القطري، الحليف لأنقرة حصل على تغطية أوسع في الإعلام المحلي.
وساعدت الدول الغربية أيضا فأرسلت فرق إنقاذ، وحتى أرمينيا التي تحتفظ بعداء تاريخي لتركيا أرسلت
مساعدات. وبلا شك فإن القلق الإنساني الحقيقي وراء الدعم، فأرمينيا والصين وإيران لديها تجارب قاتلة مع الزلازل خلال العقود الماضية، لكن الإمارات العربية المتحدة خصصت 50 مليون دولار للمساعدات إلى تركيا وهو نفس المبلغ المخصص لسوريا، مع أن الضحايا أقل، وهذا له دلالاته، ذلك أن أبوظبي تقود عمليات إعادة تأهيل النظام السوري.
وربما كان أهم أثر سياسي للزالزال محليا، فقد ضربت الكارثة مناطق يعيش فيها الأكراد، وفي بعض الأحيان غالبية كما في أديامان. فستلعب الولاءات دورا مهما في الانتخابات التي سيخوضها أردوغان في أيار/ مايو، كما أن بعض المناطق لا تزال تعيش حربا يخوضها حزب العمال الكردستاني (بي بي كي) ضد الدولة. ولهذا فإن الرد على الكارثة هو سياسي وإنساني في نفس الوقت.
فليس بعيدا عن الصينيين والإيرانيين، كان هناك مركز كبير في أديامان تابع لمؤسسة بارزاني الخيرية، التابعة لعائلة بارزاني التي تحكم إقليم الحكم الذاتي في شمال العراق. والعائلة محافظة موالية للغرب ومعادية لحزب العمال الكردستاني اليساري. ورئيس الإقليم السابق وكبير عائلة بارزاني، مسعود بارزاني موال لتركيا وأردوغان بالتحديد.
والدعم الذي تقدمه مؤسسة بارزاني هو دليل على الصداقة القديمة. ومنحت تركيا ملجأ لآلاف الأكراد الذين فروا من حملة صدام حسين ضد المقاتلين الأكراد عام 1991 وساهمت في حل الخلافات بين الفصائل الكردية عام 1998. وقال عضو مجلس أمناء المؤسسة، أوات مصطفى: "قيل لنا إن هذا ليس موضوعا سياسيا". و"سنقدم الدعم لو حدث هذا في إسطنبول أو مكان آخر ولكن لا يمكننا تجاهل أن سكان أديامان الأكراد هم أهلنا".
ورغم قيادة أردوغان الحرب ضد "بي كي كي" إلا أنه يظل أكثر تعاطفا مع القضية الكردية من الحكومة العلمانية التي حل محلها قبل 20 عاما. وبالنسبة لسكان مناطق الكارثة فالسياسة هي آخر موضوع يفكرون به، على الأقل في الوقت الحالي. ويتساءل الكثيرون عن كيفية عقدها مع أن هناك مشكلة دستورية في تأجيلها. وبالنسبة للأكاديمي فإن هويته الكردية أقل اهمية من صديقه الذي هدم بيته ومات هو وعائلته.