حالة من الجدل تضرب الأوساط السياسية الليبية، أثارها التعديل الدستوري رقم 13، خصوصا بعد انفراد
البرلمان الذي يقوده عقيل صالح بإقراره ونشره في الجريدة الرسمية، دون توافق مع المجلس الأعلى للدولة شريكه في اتخاذ القرار وفقا لما نص عليه الاتفاق السياسي.
وفيما رحبت أوساط مقربة من معسكر الشرق الليبي، بإقرار التعديل، إضافة إلى الخارجية المصرية، وعدوه خطوة مهمة لتجاوز تعطيل إجراء انتخابات برلمانية ورئاسية متزامنة. اعتبره سياسيون ونواب ومحللون؛ مخالفا لأحكام الدستور وللاتفاق السياسي، على اعتبار أن البرلمان ذهب إلى اعتماده رسميا دون توافق مع
مجلس الدولة، فضلا عن سماحه بترشح الجميع، خاصة العسكريين ومزدوجي الجنسية.
نص التعديل الدستوري "13"
وأقر مجلس النواب خلال جلسته المنعقدة، الثلاثاء، في مدينة بنغازي التعديل الـ13 للإعلان الدستوري الصادر في آب/ أغسطس 2011، ولاحقا جرى نشره في الجريدة الرسمية ليصبح نافذا.
وجاء التعديل الدستوري الـ13 في 34 مادة بشأن نظام الحكم، الذي يتألف وفق المادة الأولى من سلطة تشريعية مكونة من غرفتين وسلطة تنفيذية يترأسها رئيس منتخب مباشرة من الشعب، بالإضافة إلى مواد متعلقة بالأحكام الانتقالية والمرأة.
مكونات السلطة التشريعية
وبحسب التعديل الثالث عشر فإن السلطة التشريعية ستكون تحت مسمى "مجلس الأمة" وتتكون من غرفتين؛ الأولى هي مجلس النواب يكون مقره بنغازي، والغرفة الثانية هي مجلس الشيوخ ويكون مقره طرابلس. كما يحدد التعديل الاختصاصات التشريعية للمجلسين وطريقة وشروط الترشح والانتخابات الخاصة بهما.
أما السلطة التنفيذية فيرأسها رئيس منتخب مباشرة من الشعب يكلف رئيسًا للوزراء أو يقيله. ويحدد التعديل اختصاصات السلطة التنفيذية ومهامها وطريقة مساءلتها ومحاسبتها.
انتخابات الرئيس ومجلس الأمة
ونصت المادة (31) من التعديل الدستوري على حكم انتقالي بشأن انتخابات مجلس الأمة ورئيس الدولة والتي تنص على أن تجرى العمليتان خلال مدة أقصاها 240 يومًا من دخول قوانين
الانتخابات حيز التنفيذ، و"في حال تعذر إجراء الانتخابات الرئاسية لأي سبب كان تعتبر كل الإجراءات المتعلقة بالعملية الانتخابية كأن لم تكن".
ويفترض بحسب التعديل أن يجري تشكيل لجنة من 12 عضوًا بواقع 6 أعضاء من مجلس النواب ومثلهم من مجلس الدولة للتوافق بأغلبية الثلثين من أعضاء كل مجلس لإعداد قوانين الاستفتاء والانتخابات، وفي حال عدم التوافق على النقاط الخلافية تضع اللجنة آلية لاتخاذ قرار بشأنها يكون نهائيًا وملزمًا وتحال إلى مجلس النواب لإقرار القوانين وإصدارها كما توافق عليها دون تعديل.
ونصت المادة (32) على أن يضمن أي نظام انتخابي نسبة 20% من مقاعد مجلس النواب للمرأة مع مراعاة حق الترشح في الاقتراع العام. وألزمت المادة (33) كافة المسؤولين وأعضاء المجلسين بتقديم إقرارات الذمة المالية لهم وأزواجهم وأولادهم القصر.
وفي تعليق لها، رحبت وزارة الخارجيةالمصرية بإقرار مجلس النواب التعديل الدستوري الـ13 واعتبرته "خطوة مهمة للأطر اللازمة لإجراء الانتخابات الرئاسية و البرلمانية بالتزامن في أقرب وقت تحت إشراف حكومة محايدة".
في حين تظاهر ناشطون الخميس أمام مقر المجلس الأعلى للدولة، في العاصمة طرابلس، رفضا للتعديل، واعتبروه ضوءا أخضر لترشح العسكريين للانتخابات.
أما مجلس حكماء وأعيان مدينة تاجوراء، فقد اعتبروا أن التعديل الدستوري الـ13 "فصّل على قياس حفتر، ولن يؤدي إلا لمزيد من تأجيج الحروب وانقسام البلاد".
ورأى هؤلاء في بيان لهم أن "الحل الوحيد الذي يمكن القبول به هو الذهاب مباشرة لانتخابات برلمانية".
من جهته قال عضو هيئة صياغة الدستور الليبي، سالم كشلاف إن "المسار الدستوري منذ بداية الاستحواذ عليه من قبل مجلسي النواب والدولة قد مر بمراحل من التعثر وعدم التوافق، وذلك إثر محاولة عقيلة صالح الاستفراد بتحديد المسار الدستوري ورسم ملامحه ثم محاولة إجبار المجلس الأعلى للدولة على القبول به والضغط عليه واتهامه بأنه معرقل للتوافق في حالة عدم الاستجابة لرؤية عقيلة كما هو الحال الآن في مناقشات التعديل الـ13"، وفق رأيه.
وحول موقف رئيس مجلس الدولة المشري، قال كشلاف لـ"عربي21": "المشري بدوره وقع في ورطة فمستوى تحكمه بالمجلس الأعلى للدولة لا يتطابق مع نظيره عقيلة صالح الذي يسير مجلس النواب من قبل الموالين له دون أي معارضة، فالحال في مجلس الدولة مختلف، حيث لا يملك المشري الأغلبية المريحة لتمرير ما يريده ويتفق عليه مع عقيلة صالح، المشري راغب في تمرير التعديل الدستوري الأخير مع كتلة موالية له، ولكنه يواجه معارضة من كتلة لا بأس بها ترفض التعديل الدستوري الأخير".
المحلل السياسي، والمحامي، فيصل الشريف قال إن النشر في الجريدة الرسمية هو إجراء إداري لاحق لعملية الإصدار .. متسائلا : "هل صدر هذا التعديل بشكل قانوني ويتوافق مع أحكام الاتفاق السياسي"، ليرد مجيبا بأن "الإصدار جرى بشكل باطل وغير قانوني، لأنه لا يستند إلى إجراء سليم، وما بني على باطل فهو باطل".
وشدد الشريف في مقابلة متلفزة تابعتها "عربي21" على أن إقرار التعديل جاء بالمخالفة للمادة 12 من الأحكام الإضافية للاتفاق السياسي، والتي تُلزم أن يكون هناك توافق بين البرلمان ومجلس الدولة قبل إصدار التعديل، بحيث يجري التصويت عليه وإقراره قبل اعتماده رسميا.
بدوره، قال رئيس تجمع تكنوقراط
ليبيا أشرف بلها، إن رئيسي مجلسي النواب والدولة يتجهان لإقرار التعديل الثالث عشر.
وأضاف في تصريحات لقناة "فبراير" أن "كلا الطرفين لهما مصلحة في إبقاء ملف القاعدة الدستورية بين أيديهما، خاصة مع بروز دعوات دولية لتكليف المجلس الرئاسي بهذا الملف"، مضيفا أنه "لا يمكن للأحزاب السياسية أن تدعم التعديل الثالث عشر الذي يلغي دورها في العملية الديمقراطية".
في المقابل، قال عضو مجلس النواب الليبي، صالح افحيمة، إن التعديل الدستوري الـ 13 أصبح الآن نافذاً ومعمولاً به بعدما نشره في الجريدة الرسمية.
وقال افحيمة، في تصريحات صحفية، إن نشر التعديل الدستوري الـ 13 في الجريدة الرسمية جاء بعد انتهاء المهلة التي منحت من مجلس النواب لمجلس الدولة الاستشاري، للرد بملاحظاته حول التعديل.
وأشار عضو مجلس النواب إلى أن مجلس الدولة أصبح عائقاً أمام البرلمان في وضع التشريعات الانتخابية.