تطرح المهلة التي منحها البيت الأبيض، للوكالات
الفيدرالية، في الولايات المتحدة، لحظر منصة
تيك توك، على هواتف موظفيها،
وأجهزتها، بسبب ما قالت إنها مخاطر من قبل المالك الصيني لها، فضلا عن تصويت في
الكونغرس على مشروع قانون لحظره تماما، تساؤلات حول أهمية التطبيق للأمريكيين.
وتعد منصة "تيك توك" من أبرز منصات
التواصل الاجتماعي في الولايات المتحدة، من ناحية عدد المتابعين، والفئات العمرية
التي تتابعها، وطبيعة المحتوى المتابع، وخاصة الإخباري منه.
وكانت لجنة الشؤون الخارجية في الكونغرس
الأمريكي، أقرت مشروع قانون يسهل على مجلس النواب،
حظر منصة تيك توك، المملوكة
لشركة صينية، رغم وجود أصوات أمريكية تعتبر الأمر تهديدا لحرية التعبير.
وحمل مشروع القانون الذي أقر في لجنة الشؤون
الخارجية، اسم "ردع الخصوم التكنولوجيين لأمريكا"، وقال رئيس اللجنة
مايكل ماكول: "يفرض مشروع القانون على الإدارة حظر تيك توك أو أي تطبيقات
برمجية تهدد الأمن القومي للولايات المتحدة".
وتابع: "تيك توك يشكل تهديدا أمنيا. إنه
يسمح للصين بالتلاعب ومراقبة مستخدميه بينما يجمع بيانات الأمريكيين لاستخدامها في
أنشطتها الخبيثة".
وتكشف أرقام إحصائية لـ"مركز بيو
للأبحاث"، رصدتها "عربي21" عن تصاعد عدد البالغين، الذين يتلقون
الأخبار بصورة منتظمة من تيك توك، بخلاف مواقع التواصل المختلفة.
ويبلغ عدد مستخدمي تطبيق تيك توك في الولايات
المتحدة، 136.42 مليون مستخدم.
وقال المعهد إن المتابعة الإخبارية للمستخدمين
في الولايات المتحدة، انخفضت، أو بقيت على حالها تقريبا في السنوات الأخيرة،
لكن نسبة
متلقي الأخبار من البالغين الأمريكيين بانتظام، من تيك توك، تضاعفت خلال عامين 3
مرات بواقع 10 بالمئة عن العام الذي يسبقه.
حتى إن ثلث المستخدمين للمنصة في أمريكا، بحسب الإحصاءات من الفئات
العمرية الأخرى، قالوا إنهم يتلقون الأخبار بانتظام بواسطته.
وعلى صعيد الفئات العمرية النشطة في استخدام
تيك توك، في الولايات المتحدة، عرض موقع سوشيال شبيرد، إحصائية تشير إلى أن الأكثر
نشاطا تتراوح أعمارهم بين 10-19 عاما، بنسبة 25 بالمئة من مجمل المستخدمين، يليهم
الفئة من 20-29 عاما، بنسبة 22.4 بالمئة، ثم من 30-39 عاما، بنسبة 21.7 بالمئة،
أما الأعمار الكبيرة التي تزيد عن 50 عاما، فنسبتهم 11 بالمئة من النشطين على
المنصة.
وتشير الأرقام إلى مدى أهمية المنصة التي
توفر العديد من الميزات للمستخدمين الأمريكيين، وخاصة نسب الوصول العالية، بحسب
مختصي مواقع التواصل والقيود القليلة على النشر، على خلاف المنصات الأخرى حتى
المحلية منها.
الخبير واستشاري التسويق الرقمي، خالد صافي،
قال إنه بالنظر إلى شراسة المنافسة التي يقوم بها تيك توك الصيني، مع التطبيقات
الأمريكية، فإن الإحصاءات تؤكد أنه في طريقه للتربع على عرش مواقع التواصل
الاجتماعي في العالم.
وأوضح لـ"عربي21" أن تنزيل التطبيق
الذي جرى لأكثر من 130 مليون مرة في الولايات المتحدة، اعتبارا من تموز/يوليو
2020، ووجود كذلك 90 مليون مستخدم نشط شهريا، يعكس مدى إقبال الأمريكيين عليه
وأهمية هذا التطبيق بالنسبة لهم، وهو ما لم يجدوه في التطبيقات المحلية.
وأضاف: "هذه الأرقام الهائلة من
المستخدمين تؤكد أن حظر التطبيق، سيتسبب في موجة كبيرة من الرفض والاستنكار، يليها
مرحلة البحث عن بدائل تقنية لدخول التطبيق من أبواب جانبية VPN،
خاصة وأن الحظر سيتسبب في خسائر كبيرة لعلامات تجارية ومؤثرين يعتمدون على تيك توك
كمصدر دخل أساسي، وقد تصل بكبار المؤثرين إلى أن يرفعوا دعاوى قضائية ضد الجهات
الرسمية التي تحظر التطبيق نتيجة لتضرر مصالحهم التجارية بشكل مباشر".
وحول البدائل، المتاحة أمام الأمريكيين في حال
حظر التطبيق، قال خبير مواقع التواصل، إن الكثير من التطبيقات تحيط بهؤلاء المستخدمين، ويمكنهم
التنقل فيما بينها بسهولة، إلا أن النسبة الكبيرة من المتابعين الذين تعلقوا
بتطبيق تيك توك وكوّنوا لهم شبكات ومصادر دخل معتمدة على المتابعين سيجدون أنفسهم
أمام تحد كبير عند الانتقال لمنصة أخرى، كذلك الشركات والعلامات التجارية التي
تعاقدت مع مشاهير تيك توك.
لكنه في المقابل رأى أنها ستكون فرصة سانحة
لبروز تطبيق مشابه، يقدم نفس الخيارات ويعمل على تقنية الذكاء الاصطناعي، لكي
يستحوذ على اهتمام هذه الفئة من المتابعين.
ريادي الأعمال وخبير
التسويق الرقمي، محمد أبو سليم، قال إن السبب وراء انتشار منصة تيك توك، بين قطاع
الشباب بصورة كبيرة في الولايات المتحدة، هو اعتماده على الفيديوهات القصيرة، وما
يسمى "ريلز" والذي وفرته المنصة بصورة جاذبة للمستخدمين.
وأوضح لـ"عربي21"
أن العديد من المنصات الأمريكية، توفر الخدمات ذاتها التي تقدمها منصة "تيك
توك" لكن الأخيرة تمتاز عن الجميع، بابتكار ميزات جاذبة أكبر، وتوفير متابعات
أكبر من المنصات الأمريكية الأخرى، مما جعلها قادرة بصورة أكبر على المنافسة
واحتلال مرتبة ممتازة في السوق الأمريكي.
وأشار إلى أن المستخدم
الأمريكي يهتم بالفيديوهات القصيرة، والمنصة وفرت ذلك، بالإضافة إلى أن القيود
التي تضعها العديد من المنصات الأخرى، ليست موجودة في منصة تيك توك، وحرية تحميل
الفيديوهات، سواء احتوت على لقطات عنف، أو تنمر أو التحريض، حتى المحتوى، أتاحت
مشاركة شريحة أكبر، لا تحب التقيد بقوانين النشر، ولذلك انتشر بصورة واسعة في
الولايات المتحدة.
ولفت أبو سليم إلى أن
الولايات المتحدة، تنظر لهذه المنصة، من بوابة الخطر على الأمن القومي، وليس من
بوابة اقتصادية أو تقنية، لأنه حتى الصين قامت بالتشديد على منصة تيك توك سابقا،
بسبب بعض المحتوى المعروض عليها، وكذلك الهند أيضا، قامت بحظره سابقا، للأسباب
ذاتها.
وأضاف: "لكن
بالتأكيد بالنظر إلى حجم المتابعين، في الولايات المتحدة، فعملية حظره تعني شيئا
كبيرا للمستخدمين، فنحن أمام أكثر من 130 مليون مستخدم".
وشدد أبو سليم على أن
حظر المنصة في الولايات المتحدة، بالتأكيد سيواجه بانتقادات كبيرة، من المستخدمين،
لكن أيضا، هناك مبررات لدى السلطات الأمريكية، وكذلك هناك جماعات ضغط، تقدم
تفسيرات لعملية الحظر، وتحاول إقناع المستخدمين بفكرة تشكيل المنصة خطورة على
الأمن القومي، وهو ما تعتبره الولايات المتحدة من المسائل التي لا جدال فيها.