أعادت قضية مقدم البرامج الرياضي في محطة
بي بي سي
البريطانية، جاري لينكر، الجدل حول مدى خضوع المحطة لضغوط الحكومة البريطانية.
فقد ظهرت مطالبات من موظفين سابقين بالتحقيق؛ ليس
فقط في طريقة تعامل المحطة مع لينكر بعد تعليقاته الناقدة لخطة الحكومة بشأن
الهجرة غير القانونية، بل أيضا في النهج الذي اتبعته المحطة مع سياسة الحكومة
للتعامل مع أزمة كورونا، مثل تجنب استخدام مصطلح "الإغلاق العام" بناء
على طلب الحكومة، بعد قرار الإغلاق الأول في آذار/ مارس 2020، بحسب رسائل مسربة.
ووصف المحرر الكبير والمسؤول عن البرامج السياسية روب
بيورلي الرسائل المسربة بأنها مقلقة، بينما شدد الصحفي السابق في المحطة جون سيمبسون
على أنه "ليس من مهمتنا القيام بما يريده دواننغ ستريت (مقر رئاسة الوزراء)".
وحسب صحيفة الغارديان، فإن
الرسائل المسربة تعود للفترة بين عامي 2020 و2022، وهي فترة رئيس الوزراء بوريس
جونسون.
وتطلب رسالة أخرى من محرر
كبير؛ من المراسلين زيادة التشكك في حزب العمال المعارض، بعد شكوى من الحكومة بشأن
"الفوضى" التي يتسبب بها الحزب بطلبه البحث عن خطة بديلة للتعامل مع أزمة
كورونا.
واعتبر بيورلي أن الرسائل المسربة لا تشير فقط إلى أن
يكون المراسلون مطلعين على وجهة نظر الحكومة، بل يتم تشجيعهم لعرضها "باعتبارها
رؤية بي بي سي.. إن هذا فضائحي جدا".
من جهته، قال متحدث باسم الهيئة؛ إن "بي بي سي
تصنع قراراتها التحريرية المستقلة، وليس من بين الرسائل ما يظهر غير ذلك"، معتبرا
أن "مجموعة واتساب وإيميل لا يعكسان بدقة صناعة القرار التحريري لبي بي
سي".
وتأتي هذه القضية بينما تواجه بي بي سي انتقادات بعد تعليقها
عمل لينكر، على خلفية تغريدة شبّه فيها سياسة الحكومة بشأن المهاجرين الذين يعبرون
القنال الإنكليزي، بسياسة ألمانيا النازية.
وقد أثار تعليق عمله موجة غضب بين ضيوف البرامج
الرياضية على بي بي سي، ما أدى لعدم بث حلقتين من البرنامج الأسبوعي "مباراة
اليوم" الذي يُبث يوم السبت. ولاحقا أعلنت المحطة عن عودة لينكر للعمل
بانتظار مراجعة القواعد الخاصة باستخدام وسائل التواصل الاجتماعي للعاملين في بي
بي سي.
وطُرحت تساؤلات عن مبدأ
الحيادية الذي يفترض أن تعتمده
بي بي سي، وهذا يزيد الضغوط على رئيس
بي بي سي ريتشارد شارب، الذي يواجه مطالبات بالتنحي على خلفية علاقته بجونسون الذي
عيّنه في المنصب، حيث تم الكشف عنه أنه قدم تبرعات مالية لحملة جونسون الانتخابية، وساعده في تأمين قروض للحملة.
وكانت مديرة الهيئة المشرفة على البث التلفزيون (أوفكوم)،
ميلاني دويس، قد حذرت من أن قضية لينكر أصابت سمعة بي بي سي في مقتل. وقالت دويس أمام لجنة برلمانية؛ إن على الهيئة أن توازن بين حرية التعبير والحيادية عندما تقوم بمراجعة قواعدها.
وسبق أن واجه لينكر ضغوطا من بي بي سي بعد تغريدة له، ألمح فيها إلى تبرعات الأثرياء الروس لحزب
المحافظين الحاكم.
وكانت صحيفة الغارديان قد كشفت في وقت سابق أن بي بي
سي قد قررت عدم بث سلسلة حلقات عن الحياة البرية في
بريطانيا؛ خشية أن يُغضب
الحديث عن تدمير الطبيعة حزب المحافظين.
وعبّر معد السلسلة ديفيد أتينبوروا ومعه عاملون آخرون
في بي بي سي عن الخشية من أن المؤسسة ترضخ للضغوط.
وتكشف الحلقات التي تم تمويلها جزئيا من منظمات معنية بالحياة
البرية؛ عن الخسائر التي تتعرض لها الطبيعة في بريطانيا والعوامل المتسببة بها. وهذا
أثار هجوما من الصحافة اليمينية، مثل صحيفة التلغراف التي اتهمت هذه المنظمات
بالدعاية السياسية.
وعلى إثر هذه الحملة، قررت بي بي سي عدم بث هذه السلسلة
تلفزيونيا، والاكتفاء ببثها عبر الإنترنت.