أعلن رئيس الوزراء البريطاني ريشي سوناك، الاثنين، أنّه "يتطلّع
للعمل" مع زعيم الحزب الوطني الأسكتلندي الجديد حمزة يوسف، لكنّه يرفض الدعوة التي
أطلقها الأخير لإجراء استفتاء جديد على
الاستقلال.
وقال متحدّث باسم سوناك للصحفيين إنّ الأسكتلنديين وكلّ البريطانيين
يريدون من السياسيين أن "يركّزوا على القضايا التي تهمّهم أكثر من أيّ شي آخر:
خفض التضخّم ومعالجة ارتفاع مستوى المعيشة وتراكم عمل (المستشفيات)".
وكان الاستقلاليون الأسكتلنديون اختاروا، الاثنين، حمزة يوسف لخلافة
نيكولا ستورجن في زعامة الحزب وبالتالي رئاسة الوزراء، في خطوة قابلها أول مسلم في
تاريخ المقاطعة يتبوّأ هذا المنصب بإطلاق وعد بقيادة أسكتلندا لتحقيق الاستقلال
"في هذا الجيل".
ويوسف البالغ من العمر 37 عاماً والمقرّب من ستورجن يرث بذلك المهمّة
الحسّاسة المتمثّلة بإعادة إطلاق حركة الاستقلال التي تفقد زخمها وتصطدم برفض لندن
السماح بإجراء استفتاء جديد، والذي عبّرت عنه مرة جديدة الحكومة البريطانية، الاثنين.
وأصبح يوسف، أول رئيس وزراء مسلم لاسكتلندا، بعد انتخابه من قبل حزبه، وهو ينحدر من عائلة مهاجرة من الباكستان.
وتنحدر عائلته من ولاية البنجاب، وهاجر والده مظفر يوسف مع عائلته إلى
اسكتلندا عام 1960، وتزوج من المهاجرة شايتسا بوتا، التي ولدت في كينيا، وعملت في مجال المحاسبة.
وقال يوسف في خطاب النصر: "سنكون الجيل الذي سيحقق استقلال أسكتلندا"،
مؤكّداً أن "الشعب" الأسكتلندي "بحاجة للاستقلال اعتباراً من الآن،
أكثر من أي وقت مضى".
لكنّ ناطقاً باسم رئيس الوزراء البريطاني قال إن ريشي سوناك "يتطلّع
للعمل" مع زعيم الحزب الوطني الأسكتلندي الجديد لكنّه يرفض الدعوة التي أطلقها
الأخير لإجراء استفتاء جديد على الاستقلال.
وقال الناطق للصحفيين إنّ الأسكتلنديين وكلّ البريطانيين يريدون من
السياسيين أن "يركّزوا على القضايا التي تهمّهم أكثر من أيّ شي آخر: خفض التضخّم
ومعالجة ارتفاع مستوى المعيشة وتراكم عمل (المستشفيات)".
وفي ختام اقتراع داخلي نظّم بعد الاستقالة المفاجئة لستورجن الشهر الماضي
في أعقاب ثمانية أعوام قضتها في السلطة، تقدّم يوسف على كل من وزيرة المالية كايت فوربس
التي تعتمد مواقف محافظة مثيرة للجدل، وآش ريغان وهي عضوة سابقة في الحكومة المحلية.
ولم ينل أيّ من المرشّحين أكثر من 50% من الأصوات في هذا الاقتراع حيث
يصنّف الناخبون المرشّحين بحسب ترتيب الأفضلية، وفاز بالفرز الثاني حيث نال 52,1%.
وشارك أكثر من 50 ألف عضو في الحزب الوطني الأسكتلندي في التصويت من
أصل هيئة ناخبة تعدّ أكثر من 72 ألف عضو.
والحكومة المحلية في أسكتلندا، المقاطعة التي تعدّ 5.5 مليون شخص، يمكنها
البتّ في مواضيع عدّة بينها التعليم والصحة والقضاء.
وبشكل أوسع، فإنّ هذا الاقتراع قد يترك تداعيات كبرى على مستقبل المملكة
المتّحدة حيث تزايدت الانقسامات بين المناطق الأربع المكونة للبلاد (إنكلترا وأسكتلندا
وويلز وإيرلندا الشمالية) بعد بريكست.
استفتاء 2014
لكنّ الدعم للاستقلال وهو في صلب برنامج الحزب الوطني الأسكتلندي (يسار)،
يراوح مكانه.
وبحسب استطلاع للرأي أجراه معهد يوغوف في 13 آذار/ مارس فإنّ 46% من
الذين استطلعت آراؤهم أبدوا تأييدهم للاستقلال (مقابل 50% الشهر الماضي).
وخلال الاستفتاء الذي نظم في 2014، صوت 45% من الأسكتلنديين لصالح الاستقلال.
وقضية الاستقلال أعيد إطلاقها بسبب بريكست بشكل خاص لأن 62% من الأسكتلنديين
عارضوا خروج
بريطانيا من الاتحاد الأوروبي، ورأى الحزب الوطني الأسكتلندي في قطيعة
مع لندن وسيلة للعودة إلى الاتحاد الأوروبي.
وبحسب يوسف فإنه تمّ تكريس الكثير من الوقت للتأكيد على فشل الحكومة
البريطانية في لندن وليس ما يكفي لخلق رؤية لأسكتلندا مستقلة.
وتعهد، الاثنين، بإطلاق حركة شعبية في سبيل حق تقرير المصير.
تغيير الجنس
ووفقاً لمعهد إيبسوس فإن كايت فوربس كانت المرشحة المفضلة للأسكتلنديين
إذ حصلت على 27% من التأييد مقابل 22% لحمزة يوسف و14% نالتها آش ريغان.
لكن داخل الحزب الوطني الأسكتلندي حلّ يوسف أولا مع 38% وتلته كايت
فوربس مع 37% وريغان مع 22%.
وكانت بداية حملة فوربس صعبة بسبب آرائها المحافظة. فهي عضو في الكنيسة
الحرة في أسكتلندا والتي تعارض زواج المثليين والإجهاض.
وبدأ يوسف العمل السياسي، في البرلمان، من خلال شغله منصب مساعد للنائب بشير أحمد، لكن وفاة أحمد عام 2007، لم تمنحه وقتا كافيا، لاكتساب خبرة في عمل البرلمان.
لكن رغم ذلك، بات يوسف محط أنظار السياسيين، وارتبط بعلاقة وثيقة مع رئيسة الوزراء السابقة نيكولا ستارجن، وعمل مساعدا لها.
ويجسّد حمزة يوسف الاستمرارية في المواقف التقدمية في القضايا الاجتماعية
وتوجه الاقتصاد نحو اليسار، حيث إنه يرغب على سبيل المثال في زيادة الضرائب على الأكثر
ثراء.
وواجه انتقادات بسبب أدائه في مناصبه المختلفة في الحكومة الأسكتلندية.
وتنقل يوسف بين الوزارات، وتسلم وزارة النقل عام 2016، من قبل ستارجن، وفي عام 2018، تسلم وزارة العدل، وخاض معركة من أجل تمرير قانون "جرائم الكراهية" لحماية الأقليات من الجرائم العنصرية في البلاد، والذي نجح بالفعل في تمريره.
وكانت ستورجن (52 عاما) أعلنت استقالتها بشكل مفاجئ في 15 شباط/ فبراير
قائلة إنها لم تعد تملك الطاقة اللازمة بعد ثماني سنوات في السلطة.
ووجدت ستورجن نفسها في صعوبات بعدما جمدت لندن قانونا مثيرا للجدل
يسهّل تغيير الجنس. وكان يفترض أن يتيح هذا القانون الاعتراف بتغيير الجنس بدون رأي
طبي واعتباراً من سن الـ16 عاما.
كما أنّ المحكمة العليا البريطانية حكمت السنة الماضية بأنّ الحكومة
الأسكتلندية لا يمكنها تنظيم استفتاء جديد بدون موافقة لندن.
لكنّ ستورجن قالت إن لديها "كل الثقة" بأنّ من سيخلفها سيتمكن
من إيصال أسكتلندا إلى الاستقلال.