خلال العام الماضي، كان إيهاب جمعة يدير 12 مزرعة
دجاج في محافظة الفيوم
المصرية، جنوب غربي القاهرة، والآن أغلقت خمسة منها أبوابها بعد أن تعرض قطاع الدواجن،
الذي يعتمد بشكل كبير على الأعلاف المستوردة، لضربة قوية بسبب نقص العملة الأجنبية
وتخفيضات متكررة لقيمة الجنيه المصري.
وتعد مشكلات القطاع أحد الأمثلة على تأثير الاضطرابات الاقتصادية التي
حدثت خلال العام الماضي على كل من الشركات المحلية والمستهلكين، إذ أدى ارتفاع
أسعار
الدواجن إلى إرهاق جيوب المصريين، رغم جهود الحكومة للحد من الأسعار، عن طريق استيراد
دجاج رخيص من البرازيل.
وقال جمعة، وهو يقف في مزرعة دواجن خرسانية فارغة مساحتها 500 متر مربع: "أسوأ فترة شهدتها الفراخ (الدجاج) من سنين هي الفترة هذه.. من آخر شهر 11
(تشرين الثاني/ نوفمبر) ... لا يوجد استقرار في أسعار الأعلاف، لا يوجد استقرار في
أسعار الكتاكيت، المربي يواجه مشاكل كثيرة".
وتعاني مصر، وهي مشتر كبير للسلع الأساسية، من
أزمة في العملة الأجنبية
أدت إلى انخفاض الجنيه بما يقرب من 50 بالمئة مقابل الدولار وتراجع الواردات ودفعت
التضخم الرسمي إلى 31.9 بالمئة، وهو أعلى مستوى له منذ خمس سنوات ونصف السنة.
وتقدر استثمارات قطاع الدواجن بنحو 100 مليار جنيه مصري (3.2 مليار
دولار).
وبحلول تشرين الأول/ أكتوبر الماضي، علق نحو مليوني طن من علفي الذرة
وفول الصويا في الموانئ بينما كافح التجار والبنوك للحصول على الدولارات.
ورغم الإفراج عن بعض الأعلاف من الموانئ، فلا تزال الأسعار مرتفعة. وقال
جمعة إنه يدفع الآن 24 ألف جنيه مصري (775.45 دولار) لطن العلف، ارتفاعا من نحو 12
ألف جنيه في أيلول/ سبتمبر الماضي.
وقال أبو الفتوح مبروك، من الغرفة التجارية بالقاهرة، إن التضخم العالمي
وضعف العملة وقواعد البنك المركزي التي كانت تقيد الواردات، التي تم رفعها الآن، كلها
عوامل ساهمت في الزيادات.
وأضاف أن نحو 40 بالمئة من المزارع الصغيرة أوقفت العمل في تشرين
الثاني/ نوفمبر، لكن بعضها بدأ يعود تدريجيا إلى السوق قبل حلول شهر
رمضان الأسبوع
الماضي. وأشار إلى أن مصر كانت تنتج فقط ما بين 60 و70 مليون دجاجة شهريا منذ تشرين
الأول/ أكتوبر، مقارنة بنحو 120 مليونا قبل الأزمة.
أرجل الدجاج
باع بعض المزارعين، بما في ذلك جمعة، أفرخ الدجاج، ولجأ البعض الآخر
إلى إجراء أكثر صرامة وهو الإعدام.
وبات الدجاج، وحتى البيض، من السلع المكلفة بالنسبة للكثيرين مع ارتفاع
الأسعار. وأثارت بعض الجهات الحكومية موجة من الغضب في كانون الأول/ ديسمبر عندما دعت
الناس إلى أكل أرجل الدجاج، كبديل ميسور التكلفة.
ومع تسارع التضخم، بقيادة أسعار المواد الغذائية، زادت الحكومة من واردات
الذرة والدجاج البرازيلي لزيادة المعروض وخفض الأسعار. كما أنها قدمت حوافز مالية للمزارعين
وطرحت العديد من السلع بخصومات قبل شهر رمضان.
وهدأت الأسعار قليلا، لكنها لا تزال أعلى بكثير من مستويات العام الماضي.
وفي إحدى الأسواق في حي مصر الجديدة الراقي بالقاهرة، تجول المتسوقون
بين المتاجر قبيل شهر رمضان.
وقالت شادن (65 عاما)، وهي أم لشاب وفتاة، إنها لا تستطيع أن تتخلى
عن طهي "بطة في أول أيام رمضان" على الرغم من أن سعر الكيلوغرام قد ارتفع
إلى أكثر من الضعف إلى 135 جنيها.
وأضافت: "لكن لأن الأولاد كما كانوا متعودين في أول يوم
برمضان، يريدون أكل بطة، لكن هذه الأكلة لن تتكرر في رمضان".
وقال مصطفى الشيخ، وهو عامل في محل دواجن قريب، إن سعر كيلو الدجاج ارتفع
إلى 90 جنيها من 30 قبل عام.
ويلقي العديد من المتسوقين باللوم على المنتجين والتجار في رفع الأسعار،
لكن صغار المزارعين يشكون من أنه ليس لديهم خيار آخر.
وقال جمعة إن أرباحه تراجعت إلى ستة آلاف جنيه شهريا من 15 ألف جنيه.
وأضاف: "الأسعار لم تعد أصلا في متناول الذين يعملون في المزرعة".