زار العاهل البريطاني
الملك تشارلز الثالث، ألمانيا، في أول جولة خارجية له منذ اعتلائه العرش، في أيلول/ سبتمبر الماضي.
وأقيمت مراسم استقبال عسكرية لتشارلز عند بوابة براندنبورغ في العاصمة الألمانية برلين التي وصلها اليوم الأربعاء في أول زيارة دولة يقوم بها إلى الخارج منذ إعلانه ملكا لبريطانيا.
تأتي الزيارة في إطار جهود لطي صفحة علاقات مضطربة منذ سنوات بين
بريطانيا والاتحاد الأوروبي بعد خروج لندن من التكتل.
وكان من المقرر أن يتوجه تشارلز، الذي تولى العرش خلفا لوالدته الراحلة الملكة إليزابيث إلى فرنسا أولا لكنه ألغى هذه المحطة في الجولة بسبب اضطرابات عنيفة احتجاجا على قانون التقاعد الجديد.
وقال الرئيس الألماني فرانك فالتر شتاينماير، الذي استقبل تشارلز وعقيلته كاميلا في برلين، إن اختيار تشارلز لفرنسا وألمانيا لأول زيارة دولة يقوم بها حتى قبل تتويجه المقرر في مايو/ أيار يمثل "بادرة أوروبية" مهمة.
وأضاف شتاينماير: "اليوم، وبعد ست سنوات بالضبط من بدء خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي، نفتح فصلا جديدا في علاقاتنا".
وقال قصر بكنغهام إن زيارة تشارلز لألمانيا ستستمر ثلاثة أيام وستشمل العاصمة برلين وولاية براندنبورغ بشرق البلاد ومدينة هامبورج الساحلية الشمالية وإنه سيتطرق إلى قضايا تواجه البلدين مثل الاستدامة والأزمة الأوكرانية.
وكدليل على التبجيل، رافقت طائرات مقاتلة طائرة الملك تشارلز إلى برلين، حيث أصبح أول زعيم دولة زائر تقام له مراسم استقبال احتفالية في أشهر معلم بالعاصمة، بوابة براندنبورغ، رمز الانقسام في البلاد خلال الحرب الباردة، وما تلا ذلك من إعادة توحيد.
وفي تأكيد على اهتمام تشارلز بالقضايا البيئية، سيكون من أولى الفعاليات التي يشارك فيها في برلين منتدى حول الاستدامة، حيث سيتناول مسائل من الهيدروجين ومصادر الطاقة المتجددة إلى إزالة الكربون الصناعي، بحسب قصر بكنغهام.
وهناك سيلتقي بوزيري الخارجية والاقتصاد الألمانيين اللذين ينتميان إلى حزب الخضر، الشريك الأصغر في الائتلاف الثلاثي الحاكم في البلاد، إضافة إلى قادة أعمال وأكاديميين وممثلين للمجتمع المدني.
وقال شتاينماير: "اليوم، نحن كأصدقاء وشركاء، نتطلع إلى الأمام، ولهذا السبب نبدأ زيارة الدولة هذه بوعي شديد بموضوع حاسم لمستقبلنا على هذا الكوكب".
وأشار إلى أنه "ممتن" لانخراط تشارلز في هذه القضايا في وقت مبكر.
وأضاف شتاينماير، الذي سيقيم مأدبة رسمية في القصر الرئاسي بيليفو للملك وقرينته في وقت لاحق من اليوم، "كما نستفيد من قناعتكم اليوم، صاحب الجلالة".
صفحة جديدة بعد بريكست؟
سيلقي تشارلز غدا الخميس في برلين خطابا أمام مجلس النواب الألماني (بوندستاج) في برلين، ويلتقي بعض اللاجئين الأوكرانيين البالغ عددهم مليون لاجئ الذين فروا من الحرب في بلادهم إلى ألمانيا.
وفي وقت لاحق من اليوم نفسه، سيلتقي ممثلين من وحدة عسكرية ألمانية بريطانية مشتركة ليستعرضوا مركباتهم البرمائية لبناء الجسور في براندنبورغ.
وقال شتاينماير إنه وجه دعوة إلى تشارلز خلال جنازة والدته في سبتمبر/ أيلول الماضي. ومع ذلك، تتخذ الحكومة البريطانية القرارات النهائية بشأن هذه الزيارات التي تشكل جزءا من استخدامها "للقوة الناعمة" للنظام الملكي.
ومن ثم فإن الزيارة تشكل دلالة واضحة على مساعي رئيس الوزراء البريطاني ريشي سوناك لفتح صفحة جديدة في العلاقات مع أوروبا، وفقا لما قاله أناند مينون مدير مركز أبحاث "المملكة المتحدة في أوروبا متغيرة".
ومع ذلك، فإن أي تحسين للعلاقات نتيجة الزيارة يمكن أن يفتر سريعا إذا ما اشتعلت أي من مشكلات ما بعد خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي.
وتراجعت بريطانيا من خامس أكبر شريك تجاري لألمانيا إلى المركز 11 في 2022، بعد جمهورية التشيك.
وبخصوص إلغاء زيارته إلى فرنسا بسبب الاحتجاجات فيها قالت أريان تشيرنوك، الخبيرة الملكية وأستاذة التاريخ البريطاني الحديث في جامعة بوسطن الأمريكية، في تصريح صحفي، إن "إلغاء رحلة الملك تشارلز إلى فرنسا تعني أن فرصه لتقديم نفسه قبل تتويجه المقرر في 6 مايو/ أيار المقبل، أصبحت أقل".