قال الكاتب الأمريكي، كايل جيه أندرسون، إن
النظام العسكري الحالي في
مصر، ورث وطور تقنيات القمع ومواجهة الثورات، التي
ابتكرتها الدولة المستعمرة البريطانية، ردا على الحراك المناهض للاستعمار عام
1919.
وأشار الكاتب في مقال بموقع "
ميدل إيست
آي"، ترجمته "عربي21"، إلى حجم الاعتقالات التي تمت منذ الانقلاب
عام 2013 في مصر، وقال إن الغالبية اعتقلوا على أيدي جهاز الأمن الوطني، في وزارة
الداخلية المصرية "أمن الدولة" سابقا.
ولفت إلى أن
بريطانيا هي أول من أسس جهاز أمن
الدولة في مصر، عام 1919، والقمع الجاري في مصر اليوم، كان موجودا قبل قرن من
الزمان على يد البريطانيين.
وفي ما يأتي النص الكامل للمقال:
لقد ثبت أن الرغبة في
مقارنة الثورة المصرية عام 1919 بثورة الربيع العربي في عام 2011 لا تقاوم. أجرى
علماء السياسة مقارنات بينهما لتحديد أوجه التشابه من حيث الدور الذي لعبته
الحركات الشبابية، وتنشيط الشبكات الاجتماعية، والمطالبة بدستور جديد.
ومن المحاولات الشاملة
تلك التي خرج بها روبرت سبرينغبورغ في كتاب جديد، يقارن فيه بين النظام العسكري
الذي ظل ممسكاً بالسلطة خلال الأحداث العاصفة التي مرت بها مصر في الفترة من 2011
إلى 2013 وبين النظام الاستعماري البريطاني، الذي حافظ على احتلاله لمصر، ولكنه
أتاح حيزاً لتغييرات ظلت قائمة حتى بعد عام 1919. وخلص إلى أن الحكم الاستعماري
كان "هدفاً أنعم" من النظام العسكري وكان "أقل عنفاً وأكثر
استعداداً للتفاهم والتصالح."
لو وضعنا جانباً العنف
الفعلي الذي مارسه الجيش البريطاني من أجل إخماد الثورات الريفية في عام 1919، فإن
أكثر ما يزعجني في هذه الرغبة الجامحة في إجراء المقارنة هو الطريقة التي يتم من
خلالها التعامل مع أحداث 1919 وأحداث 2011 وكأنها متميزة ومعزولة عن بعضها البعض،
ثم يؤتى بها ويركب بعضها على بعض.
في واقع الأمر فإن
النظام العسكري الحالي الذي يحكم مصر إنما ورث وطور تقنيات مهمة في مواجهة الثورة
وفي القمع كانت في الأصل من ابتكار الدولة المستعمرة البريطانية رداً على
الإصلاحات الراديكالية للحراك المناهض للاستعمار في السنوات المحيطة بعام 1919.
منذ عام 2013، وبحسب
تقديرات منظمات حقوق الإنسان، سجن عشرات الآلاف من الناس في مصر، اعتقل جلهم
تقريباً على أيدي الشرطة التابعة لقسم الأمن الوطني في
وزارة الداخلية المصرية، واحتجزوا في سجن طرة سيئ الصيت وحوكموا أمام محاكم أمن
الدولة.
وكانت الحكومة
الاستعمارية البريطانية هي التي أسست أول جهاز أمن دولة في مصر في عام 1911. وكذلك،
كان الطبيب البريطاني هاري كروكشانك، هو الذي حول المستشفى العسكري القديم في طرة
– الذي كان مقاماً على قاعدة مقلع ضخم للحجارة الجيرية – إلى سجن للأشغال العامة.
إن المحاولات التي
تبذل لمقارنة حكومة مصر القائمة اليوم بتلك التي كانت موجودة قبل قرن من الزمن
تغفل بطرق بالغة الأهمية حقيقة أن الأخيرة هي التي مهدت الطريق لقيام الأولى. وفي
هذا المجال قدم عالم الاجتماع السياسي علي الرجال أفضل تحليل قرأته حتى الآن لهذه
العلاقة التاريخية، إلا أن حكاية تأسيس أمن الدولة، والدور البارز الذي لعبه في
التأثير على الحراك السري المصري ما زال لم ينل حقه في البحث والاستكشاف.
الاغتيالات
تعود جذور جهاز أمن
الدولة إلى الرد البريطاني على اغتيال رئيس الوزراء بطرس غالي في عام 1919. كان الشخص
الذي اغتاله، واسمه إبراهيم الورداني، نجلا لرجل متوفى كان في حياته يشغل منصب ضابط
شرطة كبير في الأقاليم.
استخدم الورداني ما آل
إليه من إرث في تمويل تعليمه في لوزان وباريس ولندن. وبينما كان خارج البلاد اختلط
بعناصر راديكالية معادية للاستعمار، بما في ذلك الثائر الهندي مادان لال دينغرا،
وتقمص روح الفوضوي الدولي.
سافر الورداني إلى
جنيف، حيث تعرف هناك على الزعيم القومي المصري محمد فريد. وعندما عاد الورداني إلى
مصر في عام 1909، انضم إلى الحزب الوطني الذي كان يتزعمه فريد وراح بكل جد واجتهاد
يمتهن السياسة.
وانضم الورداني إلى
جمعية سياسية سرية مرتبطة بالحزب الوطني، تسمى "جمعيه التضامن الأخوي"،
التي كان الأعضاء الجدد الذين ينضمون إليها يُخضعون لتدقيق كثيف ومعمق، ولا
يُقبلون إلا بعد أن يقسموا على القرآن بأنهم سوف يكونون عوناً لإخوانهم المسلمين. وكانت اللقاءات تعقد مرة كل أسبوعين، وكان الأعضاء يتدربون معاً طبقاً لنظام صارم.
وكان الورداني أمين
الصندوق لدى الجمعية، كما أنه ترأس لجنة الفدائيين شبه العسكرية التابعة لها، والتي
كانت تتكون من رجال لديهم الاستعداد للتضحية بحياتهم في سبيل القضية. وظل كشف
العضوية في اللجنة سراً طي الكتمان حتى بعيداً عن المجلس التنفيذي للجمعية.
وقع الاختيار على بطرس
غالي ليكون هدفاً للاغتيال. وكان بطرس غالي قد خدم لسنوات طويلة داخل الحكومة
الاستعمارية، وكان حينذاك يشغل منصب رئيس الوزراء، وكان متهماً بالعديد من الأعمال
الخيانية، لربما كان أهمها المسؤولية عن اتخاذ القرار بتمديد صلاحية الامتياز
الممنوح لبريطانيا في قناة السويس.
وتمت عملية الاغتيال في
وضح النهار، ما بعد ظهيرة العشرين من فبراير/ شباط 1910 بينما كان بطرس غالي يصعد
إلى عربته بعد زيارة قام بها إلى وزارة العدل. سحب الورداني مسدساً وأطلق النار
عليه من الخلف ست مرات. اخترقت الرصاصة السادسة كبد ومعدة رئيس الوزراء، الذي توفي
صباح اليوم التالي. كانت تلك أول عملية اغتيال سياسي في تاريخ مصر الحديث، ولكنها
كما ثبت من بعد لم تكن الأخيرة.
جهاز أمن الدولة
بعد أن أطلق النار، لم
يحاول الورداني الهرب والاختفاء، بل ظل في مكانه حتى أمسك به سائق عربة بطرس غالي
والحراس التابعون لوزارة العدل، وأحضر ليمثل أمام النيابة العامة للتحقيق.
شاركت في التحقيق ثلاث
مجموعات من ضباط الشرطة. أما الأولى فحققت مع الورداني ومع من عرف أن لهم ارتباطاً
به، وأما الثانية فكانت مهمتها التدقيق في أوراقه وأوراق معارفه، بينما قامت الثالثة
بإلقاء القبض على الأشخاص الذين وردت أسماؤهم في تلك الوثائق ثم حققت معهم.
بعد الانتهاء من
التحقيقات، قُدم الورداني وثمانية آخرون إلى المحاكمة. رغم أن المحققين اكتشفوا
وجود جمعية التضامن الأخوي، إلا أن الأعضاء الآخرين صدر بحقهم حكم بالبراءة لعدم
وجود قانون خاص بالتآمر في مصر آنذاك. خلصت المحكمة إلى إدانة الورداني وحكمت عليه
بالإعدام، ونفذ الحكم فيه في الثامن والعشرين من يونيو/ حزيران.
فيما بعد قرر المستشار
البريطاني في وزارة الداخلية أن ثمة حاجة إلى مكتب خاص بالخدمات السرية مهمته
جمع المعلومات عن الجمعيات السرية المصرية. وكانت الشرطة أصلاً تستخدم لقمع
الاحتجاجات التي تنظم ضد الاستعمار، ولكن لم يكن لديها حتى ذلك الوقت قوة تحريات
حقيقية بإمكانها مكافحة الحركات السرية المعادية للاستعمار.
كلف آمر شرطة القاهرة،
جورج هارفي، بتشكيل منظمة استخباراتية ضمن جهاز الشرطة. وكان هارفي رجلاً عسكرياً
شارك من قبل في المعارك التي أخمدت ثورة عرابي والتي غزت الدولة المهدية في
السودان. وحسبما يقوله المؤرخ إليزير توبر، فقد كان هارفي يؤمن بأن "القوة ينبغي
أن تحارب بقوة أكبر". استهدفت المجموعة التي كان يقودها الشبان المصريون
الناشطين في العمل السياسي.
شرطة سلطوية
جلب هارفي ضابط تحريات
من بورسعيد اسمه جورج فيليبيديس لمساعدته في قيادة جهاز المخابرات السري. فقام
فيليبيديس، وهو مسيحي من سوريا، بتشكيل شبكة من المخبرين يديرها ضباط شرطة بالزي
المدني. تم إعداد تقرير عن 26 جمعية سرية موجودة آنذاك داخل مصر، إلا أن توبر
اكتشف أن عناصر هذه الشبكة كثيراً ما التبست عليهم الأمور، فكانوا يفسرون أي تغيير
في الأسماء على أنه منظمات منفصلة، وأخفقوا في إدراك العلاقة بين المجموعات وما
يتفرع عنها من كيانات.
بالإضافة إلى ذلك، نجم
عن العديد من الممارسات الجديدة للجهاز السري الخروج بمحفزات منحرفة. فالجوائز
المالية كانت تفضي إلى أن يعد المخبرون تقارير يجنون منها الكثير من المال، ولكنها
تقارير تكاد تخلو من الحقائق. هذا بينما استغل بعض المخبرين حماسة الضباط فراحوا
يزودونهم بمعلومات كاذبة ومضللة. وأخيراً، ذاع صيت الأساليب الوحشية التي
كان المحققون يلجأون إليها في الجهاز السري، وكثيراً ما زعم الشهود أن اعترافاتهم
انتزعت منهم تحت التعذيب.
فيما يعرف بمؤامرة
شبرا أفضل مثال على الطريقة التي بها كانت تلك الممارسات تؤثر على مجريات التحقيق.
ففي شهر يوليو/ تموز من عام 1912، تلقت الشرطة تقريراً من شاب زعم أنه ضالع في
مؤامرة. وقادت التحقيقات إلى كمين في ضاحية شبرا في مدينة القاهرة، حيث سُمع ثلاثة من
المتآمرين يناقشون خفية خططاً لقتل رئيس الوزراء الجديد والقنصل العام البريطاني.
وألقى الجهاز السري
القبض على أحد المتآمرين، واسمه محمد عبد السلام. بعد نفيه التهم الموجهة ضده على
مدى 22 يوماً من التحقيق، ثم اعترف أخيراً. وطبقاً لما تقوله ملك بدراوي، فإنه "انهار وأجهش بالبكاء، وقال إن الشرطة هددته بارتكاب أعمال فظيعة ضد
زوجته." تترك المصادر لنا حرية الاستنتاج ما هي تلك الأعمال الفظيعة التي هدد
بأنها ستمارس ضد زوجته.
عندما جرت المحاكمة في
شهر أغسطس/ آب، استمرت شهادة فيليبيديس لما يزيد على الساعة. أدانت المحكمة
المتآمرين الثلاثة وأصدرت بحقهم حكماً بالسجن لخمسة عشر عاماً. قضى الزعيم المفترض
للمجموعة المتآمرة، واسمه إمام واقد، مدة حكمه في تكسير الصخور داخل طرة.
بعد أربع سنين، أدين
فيليبيديس باستلام الرشوة. وبحسب ما تقوله بدراوي فقد "ذكر مصدر موثوق أنه
بعد صدور الحكم على فيليبيديس، اعترف بأن القضية بأسرها كانت ملفقة من قبل
الشرطة." ومع ذلك فقد قضى الثلاثة الذين زُعم أنهم كانوا جزءاً من مؤامرة
شبرا أحكامهم كاملة ولم يفرج عن أي منهم.
مخبر سيئ الصيت
كان مخبر الشرطة
الأشنع صيتاً في تلك الفترة يدعى محمد نجيب الهلباوي، الذي كان يعمل مدير مدرسة في
الإسكندرية، ويعرف لدى جهاز المخابرات السري بأنه متعاطف مع التيارات القومية.
بعد اغتيال بطرس غالي،
تم حل فرع القاهرة من جمعية التضامن الأخوي، إلا أن فرع الإسكندرية استمر في
ممارسة نشاطاته، وذلك أنه كان يعمل بشكل رئيسي في مساعدة الدولة السنوسية داخل
ليبيا في حربها ضد الإيطاليين.
عندما عاد أحد الزعماء
القدامى لفرع القاهرة من منفاه الاختياري في عام 1914، استأنف الاهتمام بممارسة الاغتيال
كوسيلة سياسية، واندمج في اللجنة الإسكندرانية.
وكان الهدف هو حسين
كامل، سلطان مصر الجديد، الذي قبل بتقلد ذلك اللقب عندما أعلن البريطانيون رسمياً
الأحكام العرفية في بداية الحرب العالمية الأولى. ووقع الاختيار على الهلباوي،
البالغ من العمر 24 سنة، لينفذ عملية الاغتيال.
تم استئجار شقة مطلة
على الشارع الرئيسي على الطريق المؤدي إلى قصر السلطان في رأس التين. وفي التاسع
من يوليو/ تموز، وبينما كان السلطان متوجهاً إلى صلاة الجمعة، أشعل الهلباوي فتيل
القنبلة مستخدماً السيجارة التي كان يدخنها بينما كان جالساً يربض فوق حافة إحدى النوافذ.
أخفقت السيجارة في
إشعال الفتيل، وعندما ألقى الهلباوي بالقنبلة لم تنفجر. فهرب، يقفز من سقف إلى سقف
من فوق البيوت المجاورة. فيما بعد عثر أحد رجال الشرطة على القنبلة وظن في البداية
أنها مجرد كرة يلعب بها الأطفال، ولكنه لاحظ بقايا الفتيل المحترق.
بدأت الشرطة بالتحقيق
مع الجمهور، فقال عدد من الشهود إنهم رأوا رجلاً يلقي بشيء من أحد الطوابق العلوية
في بناية بعينها. صعد الضباط إلى الشقة ووجدوها مهجورة، ووجدوا بعض السجائر في
منفضة ينبعث منها دخان بسيط، ولاحظوا أن إحدى النوافذ كانت تطل على الشارع الذي يمر
به موكب السلطان.
أعلن عن جائزة قيمتها
500 جنيه لمن يدلي بمعلومات تفضي إلى القبض على الجناة. وبنهاية شهر أغسطس/ آب
ألقت الشرطة القبض على تسعة أشخاص، مثل سبعة منهم أمام محكمة عسكرية خاصة تم
تشكيلها بموجب الأحكام العرفية المعمول بها حينذاك. فقط الهلباوي وشخص آخر، الشاب
الذي استأجر الشقة، هما اللذان وجهت لهما تهم.
شاهد الدولة
عاملت الشرطة
المعتقلين بوحشية شديدة. تعرض شريك الهلباوي لتجويع شديد وترك مرمياً داخل زنزانة
مظلمة لا يوجد بها سوى بساط يستلقي عليه. كان يعطى جردلاً واحداً يحتوي على ماء
أجاج ليشرب منه، بالإضافة إلىجردل آخر أشد قذارة لاستخدامه لقضاء الحاجة. وقال هذا
الشاب إنه في إحدى المرات بقي بلا طعام لما يقرب من 32 ساعة.
أحد المتهمين الآخرين،
واسمه محمود عناية، مرض أثناء وجوده داخل السجن، وما لبث أن توفي متأثراً بمرضه
أثناء عملية إطلاق سراحه.
في البداية واجه
الهلباوي السجن بصمود، ولكن بعد فترة، ولما لم يجد من جمعية التضامن الأخوي من
يعبأ بحاله أو يزوره في السجن، شعر بمرارة شديدة.
عندما أطلق سراحه في
فبراير/ شباط 1924، بعد أن أمضى عشر سنين وهو يكسر الحجارة في مقلع طرة، أقنعه
آمر الشرطة الجديد، توماس راسيل، بأن يصبح شاهداً لصالح الدولة.
بدأ الهلباوي يمضي
وقته متسكعاً بين معارفه القدامى في الدوائر القومية، وعلم أن الإخوة الأصغر لعناية،
زميله القديم، اشتهروا بشن حملة اغتيالاتخلال أيام العنف التي شهدتها ثورة 1919.
كان أشقاء عناية هم
الذين نفذوا عملية الاغتيال الشهيرة بحق السير لي ستاك في التاسع عشر من نوفمبر/
تشرين الثاني من عام 1924. عندما سمع الهلباوي عن الهجوم من ضابط الشرطة الذي كان
مكلفاً بالتواصل معه، سارع بالتوجه نحو مقر الجمعية فوجد أشقاء عناية الأصغر
يتحدثون حول ما أنجزوه من مآثر.
سرعان ما ألقي القبض
على أشقاء عناية بناء على المعلومات التي قدمها الهلباوي، وما لبثت التحقيقات في
نشاطاتهم أن دقت آخر مسمار في نعش جمعية التضامن الأخوي في عام 1926. فيما بعد،
لوحظ توقف محاولات الاغتيال السياسي في مصر.
مركزة الدولة
البوليسية
أفضت التحقيقات التي
أجريت في حملة الاغتيالات التي شنها أشقاء عناية بعد ثورة عام 1919 إلى إعادة
تنظيم جهاز أمن الدولة والمخابرات.
حتى تلك اللحظة، كان
لكل مدينة وبلدة مسؤولوها الأمنيون الذين كانوا يتمتعون بدرجة عالية من الاستقلال
الذاتي، ولديهم ضباطهم ومخبروهم الخاصون بهم. في فبراير/ شباط 1920، تم إيجاد قسم
خاص جديد داخل وزارة الداخلية مهمته مركزة جمع وتحليل المعلومات الاستخباراتية للشرطة
في كل أنحاء البلاد.
ثم في فبراير/ شباط
1922، أعلن البريطانيون من طرف واحد استقلال مصر، ولكنهم "احتفظوا"
بحقهم في حماية المجتمعات الأجنبية داخل مصر. وبذلك استمر المسؤولون البريطانيون
في إدارة جهاز المخابرات السري في البلاد. وفي عام 1925، بعد أن كشفت عملية اغتيال
ستاك عن القصور لدى الشرطة السياسية، أغلق جهاز المخابرات الخاص التابع للشرطة في
القاهرة، وحولت الملفات إلى وزارة الداخلية.
لم "يمصر"
جهاز المخابرات السري داخل وزارة الداخلية إلا بحلول عام 1936 عندما أبرمت
المعاهدة الإنجليزية المصرية. ولكن كل ما عناه ذلك هو أن يحل رجال مصريون تدربوا
وارتقوا ضمن نفس النظام محل قادة الشرطة البريطانيين.
بدون إصلاح شامل
للدولة البوليسية، ومعالجة النزعات السلطوية لديها، فإن التخلص من النفوذ
الاستعماري سيبقى حلماً ينتظر التحقيق في مصر.