أثارت تصريحات البطريرك الماروني
اللبناني بشارة بطرس الراعي التي اتهم فيها
اللاجئين السوريين بمسابقة اللبنانيين على لقمة عيشهم، انتقادات واسعة، واتهامات له بـ"التحريض" على اللاجئين السوريين، لدفعهم إلى العودة إلى بلادهم، وذلك بعد فشل المساعي الحكومية اللبنانية في التعاطي مع هذا الملف، رغم التنسيق مع النظام السوري.
وكان الراعي قد اعتبر خلال رسالة الفصح أن "اللاجئين السوريين يستنزفون مقدرات الدولة، ويعكرون الأمن الاجتماعي، ويسابقون اللبنانيين على لقمة عيشهم"، وقال إن اللاجئين يذهبون إلى
سوريا ويرجعون من معابر شرعية وغير شرعية بشكل متواصل ومنظور، والأسرة الدولية تحميهم على حساب لبنان لأسباب سياسية ظاهرة وخفية.
ورأى أن "من الواجب العمل من قبل النواب والمسؤولين اللبنانيين مع الأسرة الدولية على إرجاعهم إلى وطنهم ومساعدتهم هناك".
ويعيش في لبنان قرابة المليون ونصف المليون لاجئ، 900 ألف منهم جرى تسجيلهم لدى مفوضية الأمم المتحدة لشؤون اللاجئين، وبدأت الحكومة اللبنانية بتنفيذ خطة لإعادة اللاجئين، لكن الخطة لم تحصل على دعم أممي، ولم تلق أي تعاون من جانب النظام السوري.
من جانبه، دعا مدير الشبكة السورية لحقوق الإنسان فضل عبد الغني الراعي مراجعة القانون الدولي المتعلق بحقوق اللاجئين، قبل إطلاق تصريحات تتعارض معه.
وفي حديثه لـ"عربي21"، قال إن اللاجئين في لبنان لهم كل الحقوق، وهذا الخطاب الصادر عن شخصية دينية هو خطاب تحريضي واضح ضد فئة مستضعفة، والأولى احتضان هذه الفئة ومساعدتها، لافتاً إلى تدفق المساعدات الدولية المخصصة للاجئين على لبنان.
وشدد عبد الغني على عدم جواز التضييق أو التحريض على اللاجئين، وقال: "ما يصل للاجئين من مساعدات هي حق طبيعي لهم، وغير الطبيعي أن يمنعوا من حق العمل أو أن يجبروا على العودة إلى حكم النظام السوري".
وليست هذه المرة الأولى التي يهاجم فيها البطريرك الماروني اللاجئين السوريين، حيث أنه دعا في العام 2021، إلى إعادتهم إلى بلادهم، زاعماً أن "الحرب في سوريا انتهت، إلا أن اللاجئين السوريين لا يريدون الاعتراف بذلك".
ويرفض رئيس "الرابطة السورية لحقوق اللاجئين" مضر حماد الأسعد، تصريحات الراعي بالمطلق، ويقول لـ"عربي21": "إن كل ما صدر عن البطريرك الماروني ليس صحيحاً، وتحديداً حديثه عن أن اللاجئين السوريين يسابقون اللبنانيين على لقمة عيشهم" مؤكداً أن "لبنان استفاد من المساعدات والمنح الدولية المخصصة للاجئين".
واستدرك بقوله: "لكن هذا لا يعني نسيان فضل الشعب اللبناني الذي استقبل عدداً كبيراً من اللاجئين الذين فروا من بطش النظام السوري وأعوانه من المليشيات الإيرانية واللبنانية".
وبحسب حماد الأسعد، فإن غالبية اللاجئين السوريين في لبنان اعتمدوا على نفسهم لتأمين حياتهم، إلى جانب المساعدات التي تصل من الأمم المتحدة والدول العربية الشقيقة وعلى رأسها قطر.
تصريحات مدفوعة
واتهم رئيس الرابطة الحقوقية النظام السوري، والفريق السياسي اللبناني الذي يدعم بشار الأسد بالوقوف خلف تصريحات البطريرك السياسية، وقال: "بالمجمل، فإن هذا التصريح للاستهلاك المحلي والدولي، والضغط السياسي بالتوازي مع زيادة الانفتاح على النظام السوري".
لبنانياً، يرى الصحفي اللبناني يوسف دياب "بعض المبالغة" في حديث الراعي، ويشير إلى المساعدات التي تصل إلى اللاجئين السوريين من المنظمات الأممية والجمعيات الأهلية والدولية.
وعن إشارة الراعي إلى "الحماية الدولية التي يوفرها المجتمع الدولي للاجئين السوريين لأسباب سياسية" يقول دياب: "هناك مخاوف من تزايد أعداد اللاجئين السوريين في لبنان، بسبب زيادة الهجرة والولادات".
اعتبارات طائفية
وأضاف لـ"عربي21" أن هناك مخاوف من مسيحيي لبنان من أن يكون ذلك على حساب وجودهم، لأن غالبية اللاجئين هم من المسلمين السنة، وبقاء أعداد كبيرة منهم بدون قيود قد ينجم عنه في مرحلة لاحقة مطالب بالحصول على الجنسية اللبنانية.
وبذلك يعتقد دياب أن "الخوف اليوم يعود إلى اعتبارات وحسابات طائفية سياسية، وليس لأسباب اقتصادية"، ويستدرك بقوله: "قد تكون بعض المخاوف محقة، لأن الوجود السوري في لبنان غير منضبط ومنظم كما في تركيا ومصر، بحكم المناطق المفتوحة وبحكم غياب الدولة اللبنانية".
وبحسب مركز "وصول لحقوق الإنسان" فإن أبرز الانتهاكات التي يواجهها اللاجئون السوريون في لبنان، هي تقييد حركة التنقل، وحجز الوثائق الرسمية، والاعتقال التعسفي، والترحيل القسري، وإساءة المعاملة.