قالت
صحيفة وول ستريت جورنال، إن جهود
السعودية من أجل إعادة النظام السوري إلى
الجامعة العربية تواجه مقاومة من بعض
حلفائها، وهو ما يشير إلى انتكاسة في جهود الرياض لإعادة ترتيب أوسع في المنطقة.
وقالت الصحيفة، إن الرياض خططت لدعوة دمشق إلى
قمة الجامعة العربية، التي تستضيفها المملكة في 19 أيار/ مايو المقبل، لإظهار
النفوذ الدبلوماسي لولي العهد السعودي محمد بن سلمان، مع إعادة العلاقات مع دول مثل
الصين وروسيا، اللتين تتحديان الولايات المتحدة على النفوذ في المنطقة.
ونقلت الصحيفة عن مسؤولين عرب، قولهم إن
الأعضاء المعارضين هم المغرب والكويت وقطر واليمن، وحتى مصر التي أحيت العلاقات مع
النظام السوري خلال الأشهر الأخيرة، وهي حليف للسعودية، تقاوم جهود الرياض.
وقال المسؤولون إن هذه الدول تريد من
الأسد
التعامل أولا مع المعارضة السياسية السورية بطريقة تمنح جميع السوريين صوتا
لتقرير مستقبلهم.
وأعادت السعودية والإمارات العلاقات مع النظام
السوري، وكذلك المملكة مع إيران، بوساطة صينية، وإعادة النظام السوري إلى الجامعة
العربية يعني إضفاء شرعية على الأسد، بعد عقد من نبذه بسبب القمع الوحشي
للمعارضين، وإغراق البلاد في حرب أهلية.
وتهدف الرياض بهذه الخطوة إلى تعزيز نفوذ ولي
عهدها في دمشق، والمنطقة كلها.
وقال متحدث باسم الوزارة إن وزير الخارجية المصري، سامح شكري، أبلغ الأمم المتحدة يوم الاثنين أنه يؤيد تنفيذ قرار الأمم المتحدة الذي
يتطلب خارطة طريق لإجراء انتخابات حرة في
سوريا.
ولا تملك جامعة الدول العربية، التي تأسست في
عام 1945 كأداة لدول المنطقة لمحاربة الاستعمار وتأكيد نفسها كقوة سياسية موحدة،
سلطات تنفيذية، لكن موافقاتها ذات تأثير كبير.
وساهمت الاقتراحات في تعليق عضوية ليبيا ثم سوريا
العضو المؤسس في تدخل أجنبي للإطاحة بمعمر القذافي، وفرض عقوبات صارمة على الأسد
وحكومته.
في حين أن الأغلبية البسيطة ستكون كافية لإعادة
قبول سوريا في جامعة الدول العربية، لكن الإجماع فقط سيكون ملزما لجميع الأعضاء، ويوفر الشرعية اللازمة للضغط على المجتمع الدولي بشأن رفع العقوبات.
وقال أحمد أبو الغيط، الأمين العام لجامعة
الدول العربية، في مؤتمر صحفي الشهر الماضي: "لا يوجد إجماع عربي في الوقت
الحالي بشأن مسألة احتمال عودة سوريا إلى جامعة الدول العربية".
وقال المسؤولون العرب للصحيفة، إن بعض الدول
التي تعارض إعادة قبول سوريا زادت من مطالبها، بما في ذلك دعوات إلى دمشق بقبول
قوات عربية لحماية اللاجئين العائدين، وقمع تهريب المخدرات غير المشروع، ومطالبة
إيران بالتوقف عن توسيع نفوذها في البلاد.
في حين أن العديد من المسؤولين العرب ما زالوا
يحتقرون الأسد وأفعاله ضد شعبه، فإنهم يقولون إن السياسات الدولية التي تعزل سوريا
تثبت أنها تأتي بنتائج عكسية مع مرور الوقت، ما يعزز نفوذ إيران في المنطقة.
وقالت الصحيفة إنه في حال لبت دمشق مطالب
الدول الرافضة لعودتها، فقد يفتح الطريق ليس لعودة دمشق، بل لانضمام صوتها إلى جهد
أوسع في الضغط على واشنطن وأوروبا، لرفع العقوبات عن نظام الأسد، وفقا
للمسؤولين.
وقال هؤلاء المسؤولون إن الأسد لم يظهر حتى
الآن أي اهتمام بالتغيير السياسي.
وكان النظام استعاد بدعم إيراني وروسي السيطرة
على جزء كبير من البلاد، باستثناء جزء من الشمال الشرقي، الذي تسيطر عليه وحدات
كردية، وآخر تسيطر عليه المعارضة في شمال غرب البلاد بإدلب.
وقال المسؤولون العرب للصحيفة إن الأسد
"لا يزال حريصا على إصلاح العلاقات مع جيرانه، لأن ذلك سيصقل صورته في
الداخل، وربما يساعده في إعادة الإعمار".
وفي الأسابيع الأخيرة، قام الأسد بزيارة عمان
والإمارات كجزء من دفعة أوسع لتطبيع العلاقات الدبلوماسية. وفي غضون ذلك، تحاول
السعودية التغلب على مقاومة إعادة قبول حكومة الأسد في جامعة الدول العربية.
وقال المتحدث باسم وزارة الخارجية القطرية، ماجد
الأنصاري، إن بلاده دعت وزراء من مجلس التعاون الخليجي ومصر والعراق والأردن
للاجتماع في جدة يوم الجمعة، لبحث العلاقات مع سوريا، ولم تعلق السعودية علنا على
الاجتماع المخطط له.
كما أن لبعض الدول العربية مطالب ثنائية، حيث
قال المسؤولون إن المغرب، على سبيل المثال، يريد من حكومة الأسد إنهاء دعمها لجبهة
البوليساريو الانفصالية، التي تريد استقلال الصحراء الغربية.
وأضاف المسؤولون أن الحكومة اليمنية المعترف
بها دوليا، على الرغم من ارتباطها الوثيق بالسعودية، تعارض أيضا التطبيع الفوري؛ بسبب دعم سوريا للحوثيين في اليمن.
ونقلت الصحيفة عن مسؤول إماراتي، قوله إن بلاده
"ترى ضرورة ملحة لتعزيز الدور العربي في سوريا، وتسريع الجهود لإيجاد حل
سياسي للأزمة لتلافي عودة الإرهاب والتطرف".
ووفقا لمسؤولين أوروبيين ومسؤولين في الشرق
الأوسط، أعلنت الدول الغربية خلال اجتماع دعمها لقرار للأمم المتحدة يدعو إلى وقف
إطلاق النار على مستوى البلاد في سوريا، والممر الآمن للسوريين النازحين بسبب
الصراع، إلى جانب إطلاق سراح السجناء السياسيين، وإجراء انتخابات حرة.
وأشارت إلى أنه "لن يكون إقناع الولايات
المتحدة وأوروبا برفع العقوبات عن الأسد وشركائه سهلاً على الدول العربية، حتى
بالنسبة لأولئك الذين هم حلفاء أقوياء للولايات المتحدة".
وخلال الشهر الماضي، كتب مجموعة من المسؤولين
والخبراء الأمريكيين السابقين بشأن سوريا، إلى الرئيس بايدن، قائلين إن المحاولات
العربية لتطبيع العلاقات مع سوريا، دون إصلاحات سياسية، تتعارض مع أجندات الأمن
وحقوق الإنسان الأمريكية.
لكن بالرغم من ذلك، فإن السعودية والإمارات تدعوان إلى عودة سريعة لنظام الأسد إلى الحظيرة العربية، بينما يقدم الأردن المجاور
خطة مفصلة لتطبيع العلاقات مع دمشق.
وتجادل هذه الدول بأن إعادة دمج سوريا أمر ضروري، من أجل إعادة الإعمار،
وتخفيف الأزمة الإنسانية، بعد عقد من الحرب، كذلك من أجل وقف تهريب المخدرات وتدفق
المقاتلين المتطرفين من سوريا.
ولفت مسؤولون عرب للصحيفة إلى أن السعودية والإمارات، رغم نفوذهما
المالي والسياسي، لكنه من غير المرجح نجاحهما بإجبار الآخرين على تسريع خطوات
إعادة دمج النظام السوري.