عرف بالحوارات والمناظرات التي كان
يدافع فيها عن الدين الإسلامي.
عالم أزهري، وعضو في جبهة علماء
الأزهر، وأستاذ البلاغة والأدب والنقد بكلية اللغة العربية في جامعة الأزهر.
لا يجامل ولا يتجمل حين يتعلق الأمر
بالإسلام والمسلمين.
وصفه تلاميذه، وما أكثرهم، بأنه كان
نهرا عذبا، وصاحب رسالة، وحامل راية، عالم ثقة ومجدد، أبى إلا أن يلقى الله وهو
صائم، وعاش حياته صدّاعا بالحق لا يخاف في الله لومة لائم.
حفظ إبراهيم
الخولي، المولود عام 1929
في قرية القرشية بمحافظة الغربية، القرآن الكريم في سن مبكرة، والتحق بمعهد دسوق
الأزهري الابتدائي عام 1943، ثم التحق بمعهد طنطا الديني حيث نال شهادة الثانوية.
التحق بكلية اللغة العربية بجامعة
الأزهر عام 1956 وتخرج منها، ثم حصل على دبلوم عام في التربية وعلم النفس عام
1957، وبعده حصل على دبلوم خاص في التربية عام 1961.
واصل تعليمه العالي فحصل على درجة
الماجستير عام 1972، ثم درجة الدكتوراه عام 1978 من جامعة الأزهر أيضا.
عمل بعد تخرجه في وزارة التربية
والتعليم بمصر ما بين عامي 1956 و 1968، وما لبث أن عاد إلى جامعته الأولى، فعين
معيدا بكلية اللغة العربية في جامعة الأزهر عام 1968، وتدرج في وظائف هيئة التدريس
بالكلية، حتى وصل إلى موقع أستاذ النقد والبلاغة.
شارك في العديد من المؤتمرات الإسلامية
في
مصر والبلدان العربية والإسلامية، فعمل أستاذا زائرا بكلية التربية في جامعة
الملك عبد العزيز في المدينة المنورة عام 1980، واستعانت به الجامعة الإسلامية
العالمية في إسلام آباد عام 1986. كما أعد وثيقة "البيان العالمي لحقوق
الإنسان في الإسلام"، الذي أعلن في عام 1981 بمقر اليونسكو في باريس.
وفيما بعد، وضع "مشروع دستور
إسلامي" بالمشاركة مع المستشار حمدي عزام، نائب رئيس مجلة الدولة، الذي أعلن
في إسلام آباد عام 1983. كذلك أعد وثيقة "بيان وحدة الأمة"، الذي أعلن
في أحد المؤتمرات الإسلامية في إسلام آباد عام 1988.
أثرى المكتبة العربية بمؤلفات عديدة في
مجال الدراسات الإسلامية من بلاغة ونقد، من أهمها: "السنة بيانا للقرآن"،
و"التعريض في القرآن الكريم"، و"التكرار بلاغة"، و"لزوميات
أبي العلاء: رؤية بلاغية نقدية"، و"منهج الإسلام في الحياة من الكتاب
والسنة"، و"الجانب النفسي من التفسير البلاغي عند عبد القاهر
الجرجاني"، و"مكان النحو من نظرية النظم عند عبد القاهر الجرجاني"،
و"مقتضى الحال بين البلاغة القديمة والنقد الحديث" و"متشابه
القرآن".
وترجمت بعض كتبه إلى عدة لغات منها:
الإنجليزية، والفرنسية، وعدة لغات أوروبية أخرى، وكانت لها أصداء عالمية كبيرة.
عرف بجراءة مواقفه، ومنها موقفه من شيخ
الأزهر السابق محمد سيد طنطاوي حين التقى حاخام اليهود في مكتبه، حيث كتب مقالا في
صحيفة "الشعب" بعنوان: "بيان للناس من عالم أزهري"، خيَّر فيه
شيخ الأزهر بين أمرين؛ بين الاعتذار لعموم المسلمين، وترك منصبه، وعلى أثرها
حول الخولي إلى التحقيق، وانتهى التحقيق إلى إنهاء خدمته بالجامعة، فرفع قضية وحكم
بعودته إلى كرسيه في الجامعة، وعند تنفيذ الحكم طلب منه عميد الكلية حينذاك أن
يكتب التماسا يطلب فيه تمكينه من العمل، فرفض وقال له: "أنا لا ألتمس، أنا آتيك
بحكم محكمة نفذ أو قل لي لن أنفذ.".
وكان يرد على بعض الآراء بقوله؛ إن
المصريين جميعا قبط، مسلمين ومسيحيين، والحكاية الطائفية في مصر أكذوبة.
وكان يرى أن فكرة المذاهب الفقهية
"بدعة وضعها المنتفعون بهذا التمذهب ليكون هناك مدارس لها تجارة، فأبو حنيفة،
والشافعي وغيرهم لم يقل أحد منهم إنه يكتب مذهبا ولم يطلبوا من أحد العمل به، بل
كان شعارهم أن هذا أفضل ما قدرنا عليه، ومن وجد أفضل منه فليضرب بكلامنا عرض
الحائط ".
يرفض شخصنة الإسلام، وكان على قناعة أن
الشخصنة هي أكبر خطر على الإسلام، "حتى إن الله جعل من النبي محمد صلى الله
عليه وسلم مبلغا للرسالة وليس صاحبا لها، حتى لا ترتبط الدعوة بشخص"؛ لذلك كان
يرفض دعوات الإمامة لبعض الأشخاص والتبعية لفكرهم؛ "لأن علينا البحث عن
الحقيقة أينما كانت"، بحسب قوله.
مضيفا " أؤكد أن للمسلمين إماما
واحدا فقط، هو رسول الله سيدنا محمد، ولا يوجد إمام آخر، ليس حسن البنا، أو ابن
تيمية، أو محمد بن عبد الوهاب، أو ابن القيم، لا أحد منهم إمام على
المسلمين."
لذلك، كان يستنكر دعاوى بعض المشايخ بأن
الخروج على الحاكم ولو كان فاسقا حرام، قائلا: "ألم يقرؤوا قوله تعالى (إن
الشرك لظلم عظيم)! وهو تعبير قرآني يدل على أن الظلم أشد من الكفر نفسه".
وكثيرا ما اعتبر أن مصيبة الأمة في
الفقر، وأن نصف العرب تحت خط الفقر، وثمانين بالمائة من المصريين كذلك، مؤكدا أن
العدالة الاجتماعية تعني في عصرنا إعادة توزيع الثروة . قائلا: "وقد دعا
القرآن لأن يكون المجتمع سواء في النعمة، وما زاد عن ذلك يكون من نصيب أصحابه، وهو
فكر أرقى من "العبث الماركسي" الذي استوردناه، وأصبحنا نقول إذابة الفوارق
بين الطبقات".
وذكر الخولي بالآية القرآنية الكريمة
التي جاء فيها : (كي لا يكون دوله بين الأغنياء منكم)، ولذلك فلا بد للحاكم المسلم
إذا لم يتقدم الأغنياء طواعية بتوزيع الثروة، أن يقهرهم على ذلك بسلطان الدولة،
وليس الحل في الضريبة التصاعدية، ولا الزكاة التي يأكلها من يجمعها بحجه العاملين
عليها، وفقا لرأي الخولي.
وحين تذكر فلسطين، كان يتحدث بأكثر من
مناسبة بأن "فلسطين أرض الإسلام وليس لأحد أن يتنازل عن حبة رمل منها، لا
الفلسطينيون ولا فتح ولا حماس ولا الفصائل، ولا العرب ولا المسلمون".
كان واضحا أن الخولي لم يكن معجبا
بتجربة "الإخوان المسلمين" وغيرها من الجماعات الإسلامية، وكان لا يخوض
في الجدال الدائر في مصر منذ سقوط حكم محمد حسني مبارك، إلا إذا سئل وطلب رأيه.
وبعد شيخوخة أتعبته قليلا، توفي في
الثامن من نيسان/ أبريل الحالي؛ نتيجة تدهور حالته الصحية بسبب التقدم في العمر، حيث ناهز 94 عاما.
وصفه زملاؤه ورفاقه ومن تتلمذوا على
يديه، بأنه عالم جليل من صفوة علماء جامعة الأزهر، اشتهر بالحوارات والمناظرات التي
تناولت قضايا إسلامية وفكرية وثقافية، وتم بثها على العديد من الشاشات.
ويمكن تلخيص تجربته بأنه كان دنيا من
الفكر والثقافة الرصينة، وقد أطلق عليه شيخ الأزهر الدكتور أحمد الطيب شيئا من هذا
القبيل ناعيا الخولي بقوله: "كان حافظا للعربية، واهبا حياته لتعليم أبناء
جامعة الأزهر أصول دينهم ولغة كتابهم، وقد تخرج على يديه أجيال من الأساتذة
والباحثين والمحققين، وترك مؤلفات أثرت المكتبة العربية والإسلامية".
رحل الحارس الأمين على لغة الضاد لغة
القرآن الكريم ووعائه، رحل المدافع عن ثقافة الأمة وهويتها، العلامة المتبحر في
فقه لغة القرآن الكريم والحديث الشريف ولسان العرب.