رأى تقدير استراتيجي صادر عن مركز الزيتونة للدراسات والاستشارات، أن
التقارب السعودي ـ
الإيراني من شأنه أن ينعكس إيجابا على العديد من ملفات المنطقة،
وفي مقدمتها القضية الفلسطينية.
وأصدر مركز الزيتونة تقديره الاستراتيجي 133 مطلع نيسان (أبريل) الجاري بحث فيه آفاق
التقارب السعودي الإيراني والانعكاسات المتوقعة على القضية الفلسطينية.
وعرض
التقدير ثلاثة سيناريوهات محتملة لتطور العلاقات
السعودية الإيرانية، وخلص إلى
الميل لحدوث انفراجات في عدد من الملفات، وإن كان من السابق لأوانه التحدث عن بناء
علاقة استراتيجية راسخة؛ غير أن تحسين العلاقات وتعزيز حالة الثقة بين الطرفين،
سيتيح فرصاً أفضل باتجاه علاقات أكثر قوة واستقراراً.
وفي ضوء هذه المعطيات، أشار التقدير، الذي وصلت
"عربي21"
نسخة منه، إلى أن انعكاسات التقارب الإيراني السعودي على القضية الفلسطينية تبدو أمام
سيناريوهين رئيسيين، يتوقع الأول استمرار الموقف الإيراني والسعودي الحالي تجاه
القضية الفلسطينية دون تغيير جوهري يؤثّر في مسار الصراع العربي الإسرائيلي، وفي
مستوى إسناد القضية الفلسطينية ودعمها.
وأوضح التقدير أن فرص تحقّق هذا السيناريو تتعزز في حال تعثّر مسار
التقارب السعودي الإيراني، أو تعامل الطرفان مع الاتفاق بصورة تكتيكية لا
استراتيجية، بحيث يقتصر تأثيره على تبريد حالة التصعيد والتوتر دون أن ينقل
العلاقات بين الدولتين إلى مستوى تعزيز التنسيق والتعاون الإقليمي تجاه قضايا
المنطقة.
وأما السيناريو الثاني، فيتوقع تحقيق نقلة نوعية في الموقف الإيراني
والسعودي من القضية الفلسطينية، باتجاه بناء موقف سياسي مشترك أكثر دعماً للقضية
الفلسطينية، ورفضاً للسلوك الإسرائيلي المتطرّف تجاه القضية الفلسطينية وحقوق
الشعب الفلسطيني.
ورأى التقدير أن فرص هذا السيناريو تتعزز في حال تنفيذ الاتفاق
السعودي الإيراني، وتعامل الطرفين معه بصورة استراتيجية تُسهم في تطوير العلاقات
بين البلدين، وتنقل مستوى العلاقة بينهما من التنافس إلى التعاون والتنسيق المشترك
في معالجة أزمات المنطقة.
وذكر التقدير أن فرص بناء علاقات سعودية إيرانية راسخة تبدو قوية في
ظلّ توفّر قدر عالٍ من القناعة والجدية لدى الطرفين، بأهمية تطوير العلاقات بين
الدولتين في المجالات المختلفة.
ورجّح التقدير أن ينعكس التقارب السعودي الإيراني إيجاباً على العديد
من الملفات السياسية في المنطقة، ومنها الموقف من القضية الفلسطينية. وربما كانت
الأخبار عن ذهاب وفد قيادي من حماس لأداء العمرة، حيث من المرجح اللقاء مع مسؤولين
سعوديين، مؤشراً على هذا التحسّن.
وأوصى التقدير الطرفين السعودي والإيراني ببناء موقف مشترك لتعزيز
مكانة القضية الفلسطينية ودعم الشعب الفلسطيني في مواجهة سياسات اليمين الصهيوني
المتطرّف، كما أوصاهما بالتحرك لبلورة جهد عربي وإسلامي جماعي لمواجهة ما تتعرّض
له القدس المحتلة والمسجد الأقصى من استهداف صهيوني متصاعد، وبالعمل على وقف حالة
التراجع في الموقف العربي والإسلامي في مجال تطبيع العلاقات مع دولة الاحتلال.
ووفق التقدير نفسه فإن الجانبين الفلسطيني والإسرائيلي يدركان أهمية
دور السعودية وإيران وتأثير موقفهما من القضية الفلسطينية والصراع العربي
الإسرائيلي.
لكنه أشار إلى أن الجانب الإسرائيلي يخشى من أن يرفع التقارب السعودي
الإيراني من سقف الموقف العربي والإسلامي الرافض للسياسات والإجراءات الإسرائيلية
في ظلّ حكومة اليمين الصهيوني المتطرف، سواء تعلّق الأمر بالسياسة القمعية بحق
الشعب الفلسطيني، أم بالانتهاكات الإسرائيلية المتصاعدة في استهداف مدينة القدس
والمسجد الأقصى.
كما يخشى الجانب الإسرائيلي من تأثيرات سلبية للتقارب السعودي
الإيراني على مسار التطبيع والاتفاقيات الإبراهيمية في المنطقة، بالإضافة إلى
الخشية من تراجع فرص إدماج "إسرائيل" في المنطقة من خلال بناء تحالف
إقليمي لمواجهة الخطر الإيراني.
وقدّم تقدير الموقف توصيات للجانبين السعودي والإيراني دعاهما فيها
إلى تطوير علاقات مستدامة تخدم مصالحهما الحيوية في مختلف المجالات، وتوظف القدرات
المهمة للبلدين في التعاون المشترك من أجل تعزيز حالة الاستقرار الإقليمي، ومعالجة
أزمات المنطقة، ووقف حالة الاستقطاب الطائفي.
كما أوصاهما ببناء موقف مشترك لتعزيز مكانة القضية الفلسطينية كقضية
مركزية للأمة، ولدعم حقوق الشعب الفلسطيني في مواجهة سياسات اليمين الصهيوني
المتطرّف وانتهاكاته المستمرة ضدّ الشعب الفلسطيني، ودعاهما للتحرّك المشترك
لبلورة موقف عربي وإسلامي جماعي لمواجهة ما تتعرّض له مدينة القدس المحتلة والمسجد
الأقصى من استهداف صهيوني متصاعد. وحثّهما على التنسيق فيما بينهما لوقف حالة
التدهور في الموقف العربي والإسلامي في مجال تطبيع العلاقات مع دولة الاحتلال عبر
بوابة مشاريع التعاون الإقليمي.
ووفق ذات المصدر فقد فتح توقيع السعودية وإيران، برعاية صينية،
اتفاقاً لاستئناف العلاقات الديبلوماسية وتفعيل اتفاقيات التعاون في مجالات الأمن
والاقتصاد والتجارة والعلوم والثقافة والرياضة في 10 آذار (مارس) الماضي، المجال
لتجاوز حالة الشد والتوتر بين الطرفين.
وقد حَظِيَ الاتفاق السعودي الإيراني بترحيب مختلف الأطراف
الفلسطينية، فيما أظهرت ردود الفعل الإسرائيلية الغضب والانزعاج من تطوّر العلاقات
السعودية الإيرانية الذي جاء في وقت كان الجانب الإسرائيلي يسعى فيه لحشد جهد
إقليمي مشترك في مواجهة إيران واحتوائها بمبرر تشكيلها خطراً على الأمن الإقليمي.
كما أن تطبيع العلاقات السعودية الإيرانية وإنهاء حالة القطيعة بين
البلدين جاء في وقت كانت تطمح فيه حكومة بنيامين نتنياهو واليمين الصهيوني المتطرف لتحقيق اختراقات على صعيد تطبيع العلاقات الإسرائيلية السعودية بدعم وتشجيع أمريكي.
إقرأ أيضا: 8 أحداث أدت إلى تقارب سعودي إيراني كما يراها مستشرق إسرائيلي