قالت الكاتب جدعون راتشمان بمقال في
صحيفة فايننشال تايمز، إن الحديث يتصاعد في
دوائر السلطة الأمريكية وخارجها، عن
حرب محتملة بين أمريكا والصين، وهو الحديث
الذي أدى إلى إثارة تكهنات عززتها تصريحات لجنرالات أمريكيين تحدثت عن تواريخ
محتملة لبدء الهجوم المتبادل.
وأشار في مقاله إلى أنه يخرج من بكين خطاب
عدائي تجاه الولايات المتحدة، إذ قال وزير الخارجية
الصيني كين غانغ الشهر
الماضي: "إذا لم تضغط الولايات المتحدة على المكابح واستمرت على نفس الطريق
الخطأ، فقد تصبح المواجهة والصراع من الأمور الحتمية".
وكانت تلك التصريحات هي التي دفعت الولايات
المتحدة، بعد أن جعلت الحرب بين البلدين محتملة لا ممكنة فقط، إلى أن تضع نصب
عينيها نموذج الحرب الباردة، ليس كتحذير، لكن كنموذج محتمل في الوقت الذي تحاول
فيه إضفاء قدر من الاستقرار على علاقاتها مع الصين.
غير أن الكاتب يشير إلى أن واشنطن تنظر أيضا
إلى مرحلة الانفراجة في السبعينيات من القرن العشرين التي شهدتها العلاقات بين
واشنطن وموسكو والتي سادها الهدوء وتعلمت فيها اثنتان من القوى العظمى المسلحة في
العالم العيش معا دون اللجوء إلى الحرب.
وقال جدعون: "لم تأت تلك المرحلة الهادئة
في العلاقات بين الولايات المتحدة والاتحاد السوفييتي السابق من فراغ، إذ جاءت بعد
أن كانت القوتان على شفا حرب حقيقية بسبب أزمة الصواريخ الكوبية، لكنهما اختارتا
الحل السلمي، وبدأت اتصالات على أعلى مستوى بين الإدارة الأمريكية والكرملين وفتح
خط ساخن بين البلدين وبين الجيشين الأمريكي والروسي أيضا حتى تم التوصل إلى تسوية".
ويبدو أن الأمر ينطوي على قدر من التعقيد مشابه
لما كان عليه أثناء أزمة الصواريخ الكوبية بين واشنطن وموسكو، ولكنه هذه المرة بين
واشنطن وبكين، وفق الكاتب الذي قال إن الصين ترفض رفضا تاما ما اقترحته الولايات
المتحدة بشأن إقامة "سياج واق" للعلاقات بين البلدين، إذ ترى بكين أنه
محاولة أمريكية لشرعنة الوجود العسكري الأمريكي في المنطقة بينما هي تعتبر إجراءات
عسكرية أمريكية في المنطقة - حتى ولو كانت تدريبات غير شرعية.
وأضاف الكاتب أن الولايات المتحدة ليس من حقها
أن تعد
تايوان بالحماية من أي هجوم صيني. في المقابل، ترى واشنطن أن "الصين سائق متهور، خاصة في ضوء
النمو الحالي لترسانتها النووية وتكثيفها التدريبات بالقرب من سواحل تايوان وهو ما يعتبره خبراء محاكاة لغزو الجزيرة".
وتطرق إلى عوامل قد تتوافر في السنوات القليلة
المقبلة، ويعتقد أنها قد تحول دون وقوع هذا الصراع العسكري الذي يشكل خطرا على
العالم أجمع بين واشنطن وبكين. وقال إنها العوامل التي من شأنها أن تحدث توازنا
بين القوتين من خلال زيادة الإنفاق العسكري الياباني بموجب اتفاقية أوكوس مع
أستراليا، والمملكة المتحدة، والولايات المتحدة.
وهناك أيضا إعلان الرئيس الصيني شي جينبينغ عن "إعادة الوحدة" مع تايوان، مرجحا أن هذا الهدف قد يتحقق في 2027 استنادا
إلى قدراته العسكرية، وهو وقت طويل قد تتمكن فيه دول الغرب وحلفاؤها من الحيلولة
دون وقوع صراع مسلح في المنطقة.
وقد يسهم في التقليل من حدة التوتر الذي يدفع
بالبلدين نحو حرب محتملة، توافر الكثير من الأزمات التي قد تواجه جميع دول العالم
مثل الأوبئة المحتملة، والتغير المناخي، واحتمالات خروج الذكاء الاصطناعي عن سيطرة
البشر.
في المقابل، يستهدف القائمون على السياسة
الخارجية الأمريكية "إرساء الاستقرار الاستراتيجي في العلاقات مع الصين،
والذي قد يكون طريقا طويلا عليهم أن يقطعوه حتى يحققوا هذا الهدف".