في الوقت
الذي تجددت فيه الاحتجاجات
الإسرائيلية الداخلية حول خطط حكومة نتنياهو بملف
القضاء، فإن هناك تخوفا متزايدا من تردي علاقاتها الدولية مع باقي بلدان العالم.
باري
تاف العضو السابق في اللجنة النقدية لبنك إسرائيل، أكد أن "معارضي الانقلاب القانوني
ينظرون بقلق مبرر إلى ما حدث في السنوات الأخيرة في المجر وبولندا ودول غير ليبرالية
أخرى، من حيث تأثير أنظمتها الدكتاتورية على اقتصاداتها المحلية التي أصابها الضعف،
وتضرر مستوى معيشتها، لكن المثال المناسب لإسرائيل أسوأ بكثير وهو مصير جنوب أفريقيا
في ظل
العقوبات الدولية، وقد تؤدي الإجراءات الإسرائيلية الحالية، جنبًا إلى جنب، مع
دعوات من كبار الوزراء لانتهاك حقوق الأفراد، لإثارة دعوات لفرض العقوبات عليها".
وأضاف
في مقال نشرته مجلة "
غلوبس" الاقتصادية، وترجمته "عربي21" أنه
"سبق أن اتهم المجتمع الدولي إسرائيل بانتهاك القانون الدولي، بل إن الولايات
المتحدة وبّختها مؤخرًا فيما يتعلق بإلغاء قانون فك الارتباط الذي يسمح بالعودة لمستوطنات
الضفة الغربية، رغم أن فرض عقوبات ملزمة ومتعددة الأطراف غير مرجح عليها على المدى
القريب، ولا يزال بإمكان عدد من الدول الفردية والكيانات الأخرى اتخاذ إجراءات ضد الاحتلال
بشكل مستقل، الأمر الذي سيكون له عواقب مدمرة على الاقتصاد الإسرائيلي".
وأشار
إلى أن "العقوبات الاقتصادية الدولية، في حال فرضها، ستضرّ بشكل كبير بالاقتصاد
الإسرائيلي، بل إن الضرر الذي يلحق به سيكون أشد بكثير من الضرر الناجم عن العقوبات
المفروضة سابقًا على جنوب أفريقيا زمن الفصل العنصري، لأن الاقتصاد الإسرائيلي صغير
ومنفتح، ويقوم على علاقات وثيقة مع دول العالم في التجارة والتمويل واستيراد وتصدير
السلع والخدمات، ويعتمد نجاحها الاقتصادي على الصادرات المعرضة بشدة للعقوبات، وتحديدا
ما يتعلق بأصولها الاقتصادية من استثمارات التكنولوجيا والمهارات وريادة الأعمال".
وأكد
أنه "في حال ساء المناخ الاقتصادي الإسرائيلي بسبب العقوبات الخارجية، وعلى عكس
مناجم الماس والذهب في جنوب أفريقيا، فمن السهل فرض العقوبات على إسرائيل، ويصعب التهرب
منها، لأن حدود إسرائيل محددة، ولا يتوقع من جيرانها تقديم أي مساعدة لها، وعلى عكس
بولندا والمجر، فإن إسرائيل ليست عضوًا في منظمة فوق وطنية مثل الاتحاد الأوروبي، ولا
تستفيد من الحماية التي يوفرها، بل قد يتم تعليق عضويتها في المنظمات الدولية، مثل
منظمة العمل الدولية (ILO) ومنظمة الصحة العالمية
(WHO)".
وأشار
إلى أنه "إضافة للعقوبات الرسمية، فقد تؤدي إجراءات حكومة الاحتلال لزيادة جهود
منظمات "BDS" والجهات الفاعلة
الأخرى المناهضة لها، مع وجود تقارير عديدة عن مبادرات لمقاطعة المنتجات الإسرائيلية
لفرض قيود على وسمها، وتمكنت الحكومة من صدّ هذه المحاولات بصعوبة كبيرة، لكنها الآن،
من المحتمل أن تتحقق هذه المحاولات، وستضر كذلك بالصادرات الإسرائيلية، وقد تضطر إسرائيل
بالفعل للتعامل مع جهود التدخل في نشاطها الاقتصادي".
وكشف
أنه "في 2021 حاول موظفو غوغل وأمازون منع توفير الخدمات الأساسية للحكومة الإسرائيلية،
كما تبنت العديد من المنظمات المهنية عقوبات على إسرائيل؛ خاصة في الولايات المتحدة،
حيث صوتت جمعية اللغة الحديثة وجمعية الدراسات الأمريكية لصالح مقاطعة إسرائيل، وفي
جامعات الولايات المتحدة هناك جهود متواصلة لتبني المقاطعة الأكاديمية لإسرائيل".
الخلاصة
الإسرائيلية أنه حتى لو لم تثمر تلك الجهود بشكل مباشر، فهي تساهم بخلق بيئة معادية
للاحتلال، وسيكون لها تأثير سلبي على اقتصاده، ولن تقتصر العقوبات على مجالات الاقتصاد
فقط، فالمقاطعات في مجالات الرياضة والثقافة لها تأثيرها على الاحتلال، ولذلك حذر العديد
من الخبراء القانونيين الدوليين من أن فقدان استقلال القضاء قد يعرض الوضع الدولي لمحاكمها
ونظامها القانوني للخطر، وتزايد الدعوات لفرض العقوبات الدولية عليها؛ مما يعني أن
الأضرار النفسية والاجتماعية والدبلوماسية ستكون هائلة.
تتوافق
الآراء الإسرائيلية أن دولة الاحتلال على شفا هاوية اقتصادية تقودها الحكومة اليمينية
بعيون مفتوحة، وعند تقييم الضرر الذي سيلحقه "الانقلاب القانوني" الحالي
بالاحتلال، فإنه مطالب باستحضار العديد من الأمثلة، بما في ذلك مثال جنوب أفريقيا التي
تعرضت لعقوبات اقتصادية، مما يعني أن الاستنتاجات صعبة للغاية، وهي ملزمة ببذل قصارى
جهودها لمنع هذه الأضرار المتراكمة بسبب سياسة الاحتلال الفاشلة.