كشف المركز السوري للعدالة والمساءلة، سلسلة من المراسلات الاستخبارية، الصادرة عن
سفارات وقنصليات النظام السوري، التي
تكشف كيف استخدمت دمشق هذه الممثليات للسيطرة على المجتمع السوري داخليا وخارجيا.
واعتمد المركز على
تحليل نسخ من آلاف الصفحات والوثائق التي أخذت من مرافق حكومية في عدد من
المحافظات السورية، وكانت صادرة في الفترة الممتدة بين عامي 2009 و2015.
ورغم أن هذه العملية
التي قام بها المركز سبق وأن أجراها في 2019 وفي 2020، إلا أن مستجدات جديدة توصل
إليها بعد فحص 43 صفحة جديدة، وأكدت ممارسات لم يتم تأكيدها من قبل، بين عامي 2009
و2012.
وتوضح الوثائق التي
حللها المركز الحقوقي، ومقره واشنطن، عمليات مراقبة خارجية أجريت بشكل منهجي، عبر
شبكة البعثات الدبلوماسية التابعة للنظام السوري.
ويشير مضمون إحدى
الوثائق المعممة على رؤساء فروع الأمن السياسي في المحافظا، طلب رئيس الشعبة
الحصول على معلومات حول "المحرضين" المعارضين، في جميع أنحاء فرنسا
وبلجيكا وتركيا وروسيا ولبنان.
وأثبتت وثائق أخرى كيف
كانت سفارات وقنصليات النظام السوري تعمل على مراقبة السوريين في بيلاروسيا
وبلجيكا وقبرص ومصر وفرنسا واليونان والعراق ولبنان وروسيا والسعودية، بالإضافة
إلى تركيا وأوكرانيا واليمن والمملكة المتحدة، وحتى اليابان التي تعد دولة ذات
جالية صغيرة من السوريين المغتربين.
ويأتي نشر التحليل
الخاص بالمراسلات الاستخباراتية الصادرة عن عدة أجهزة استخبارية تابعة لوزارة
الداخلية ووزارة الدفاع السورية، في الوقت الذي تحاول فيه الدول العربية إعادة
علاقاتها مع النظام السوري.
وفي البلدان التي يوجد
فيها تمثيل دبلوماسي سوري أكثر رسوخا مثل تركيا ولبنان، يتم حشد كامل موارد الدولة
لتيسير المراقبة، حسب التقرير المطول للمركز الحقوقي.
وفي إحدى الحالات في
مطلع عام 2012، شاركت القنصلية السورية في غازي عنتاب معلومات متعلقة بمعارض سياسي، ورد أنه قام بترديد عبارات سلبية ضد الرئيس والجيش.
وفي لبنان، يشير خطاب
في آذار/مارس 2012 إلى معلومات عن اجتماعات للتنسيق المكثف بين جماعات المعارضة في
طرابلس وعكار، جُمعت عن طريق مراقبة السوريين الذين يرتادون مسجدا في شمال البلاد،
إضافة إلى طرق أخرى.
في غضون ذلك، جاء في
إحدى الوثائق الصادرة في نيسان/أبريل 2012 والموسومة على أنها عاجلة، تمرير طلب للحصول
على معلومات عن سجين سوري في سجن سعودي، عبر سلسلة طويلة امتدت من السفارة السورية
في الرياض.
ومرّت الوثيقة إلى
مسؤولي وزارة الخارجية، قبل إرسالها إلى وزارة الداخلية ورئيس شعبة الأمن السياسي،
لينتهي بها المطاف إلى رؤساء فروع الأمن السياسي في المحافظات.
ويوضح محمد العبد
الله، وهو المدير التنفيذي للمركز السوري للعدالة والمساءلة، أن الوثائق رغم أنها
"تغطي الفترة الأولى من بدايات الثورة، إلا أنه لا يوجد في الوقت الحالي أدلة
على أن النظام أوقف هذه الأنشطة الأمنية".
وما تزال الجلسات
الخاصة بمحاكمة الطبيب السوري علاء موسى مستمرة حتى الآن في ألمانيا، بعدما ألقت
السلطات القبض عليه في 2020، ليمثل مع بداية 2022 أمام محكمة مدينة فرانكفورت.
ويرتبط اسم
"موسى" (36 عاما) بتهم خطيرة، منها القتل والتعذيب الذي وقع بحسب لائحة
الاتهام على معتقلين سوريين، في أثناء تلقيهم العلاج بالمشفى العسكري بمدينة حمص
وسط البلاد.
ويضيف العبد الله:
"كان موسى بصدد الهرب من ألمانيا قبل إلقاء القبض عليه بمساعدة السفارة
السورية، من خلال أكثم سليمان الذي كان يعمل فيها كمسؤول إعلامي".
واستنادا إلى الأدلة
الكثيرة الواردة في الوثائق حول المراقبة الحكومية ونشاطها من خلال بعثاتها
الدبلوماسية في الخارج، فإن إعادة فتح السفارات السورية تخلق "عقبات أمام
الملاحقات القضائية بموجب الولاية القضائية العالمية".
وقبل مثول موسى أمام
القضاء الألماني، حكم على إياد الغريب، صف ضابط مخابرات سوري سابق، في شباط/ فبراير
2021 بالسجن لمدة أربع سنوات ونصف في كوبلنز بألمانيا، بتهمة المساعدة والمشاركة في
ارتكاب جرائم ضد الإنسانية.