اعتبر طارق المجريسي، وهو زميل أول للسياسات في برنامج الشرق الأوسط وشمال أفريقيا في المجلس الأوروبي للعلاقات الخارجية، أن رحيل الرئيس
التونسي قيس سعيّد مسألة وقت لا أكثر، داعيا أوروبا إلى مساعدة التونسيين للدفاع عن ديمقراطيتهم.
وقال الكاتب في مقال نشره موقع
المجلس الأوروبي للعلاقات الخارجية إن سعيّد يلعب دور الشعبوي لإخفاء إخفاقاته ويقدم نفسه على أنه ضحية مؤامرة دولية.
وبحسب الكاتب، يشرح الاضطرابات والاقتصاد المتدهور في بلاده على أنهما نتاج سياسات الاستعمار الجديد من الأوروبيين والأمريكيين و"الخونة" المحليين. وكلما ساءت الأمور، يقدّم الرئيس التونسي كبش فداء، حيث وجه سعيد أنظاره مؤخرًا إلى المهاجرين السود، وحرض على اعتداءات جماعية عليهم من خلال الإشارة إلى مؤامرة جارية لتحويل تونس إلى "دولة أفريقية بحتة".
كما استعرض الكاتب الاعتقالات التي شنتها السلطات التونسية ضد أبرز معارضي سياسات الرئيس سعيّد، في الوقت الذي تعاني فيه البلاد من أزمة اقتصادية خانقة.
واعتبر الكاتب أنه "ليس فقط من الصعب التأثير على سعيد، ولكن الأسهم الأوروبية بين التونسيين منخفضة، والحلفاء التقليديون محاصرون أو خلف القضبان".
والأمر الأكثر إثارة للقلق هو أن عدم الاستقرار السياسي الحالي في تونس يعني أنه على الرغم من إلحاح هذه اللحظة، فإنها غير قادرة على الوفاء بالالتزامات التي تعهدت بها لصندوق النقد الدولي وغير قادرة على تضمين سياسة من أي تعقيد، مثل الإصلاحات الاقتصادية الهامة، بحسب المقال.
علاوة على ذلك، لا يزال سعيد أكثر شعبية من خصومه السياسيين، مما يعني أن هذه القصة لا يزال أمامها بعض الطريق. لكن في نهاية المطاف، فإن رحيل الرئيس - أو الإطاحة به - هو مسألة وقت فقط، بحسب الكاتب.
وقال الكاتب إن أعضاء من
الجيش وجهاز
الأمن الداخلي، الذين اعتقدوا أن سعيد سيعيد القيادة الحاسمة والنظام إلى تونس، هم آخر الداعمين المتبقين للرئيس. لكن مطالبه العنيفة توتر علاقات الأجهزة الأمنية مع أولئك الذين يفترض أن تحميهم.
واعتبر أن إرث فراق سعيد عن البلاد سيكون نظامًا سياسيًا مختلًا يحفز الاستبداد، قائلا إن "كل هذا يعني أن الانتقال النهائي للسلطة يستحق تفكيرًا أكثر بكثير مما يتلقاه حاليًا صانعو السياسة الأوروبيون أو التونسيون".
وأضاف أنه "لذلك يجب على الأوروبيين تجنب التورط في أزمات تونس اليومية والعمل بطريقة طويلة الأجل لمحاولة زيادة نفوذهم على سعيد وتقليل تأثير الاضطرابات المستقبلية. وهذا يعني بناء تحالفات وشراكات واسعة للمساعدة في إدارة تونس، والحفاظ على المساعدة الاقتصادية للبلاد، والمساعدة في دعم المعارضة السياسية، وتطوير القدرات المؤسسية وقاعدة المجتمع المدني التي ستحتاجها تونس للحكم بمجرد رحيل الرئيس".
وتابع: "مع وجود هذه الأسس، سيكون الأوروبيون في وضع أفضل للتعامل مع أي من الاحتمالين. أولاً، سيناريو يتراجع فيه سعيد للسماح لحكومته بتنفيذ برنامج سياسي أكثر إيجابية، وفي هذه الحالة سيتمكن الموظفون المدنيون والمجتمع المدني من الشروع بمصداقية في خطة إصلاح صندوق النقد الدولي وتطوير استراتيجيات تكميلية للنمو الاقتصادي. ثانيًا، في السيناريو الذي يظل فيه سعيد قوة مزعزعة للاستقرار يصبح موقفه في نهاية المطاف غير محتمل، سيكون لدى الأوروبيين علاقات قوية خارج معسكره وسيكون التونسيون قادرين على اجتياز أي مرحلة انتقالية".