على الرغم من تسلم الأردن، الأحد، النائب
عماد العدوان من
سلطات
الاحتلال الإسرائيلي، إلا أن قضية النائب المتهم بتهريب
أسلحة وذهب إلى الأراضي
الفلسطينية، ما زالت غامضة، وتغيب عنها الرواية الرسمية الأردنية ورواية النائب بحد ذاته.
وأحالت السلطات الأردنية النائب العدوان إلى محكمة أمن الدولة
فور تسلمه، بعد رفع الحصانة البرلمانية، وقالت السلطات على لسان مصدر صرح لوكالة الأنباء
الرسمية، إن إحالة العدوان ومجموعة من الأشخاص تأتي على خلفية تحقيقات أردنية وأدلة
تتعلق بعمليات تهريب.
عدم وضوح والرواية لم تكتمل
مجلس النواب، الذي وافق على رفع الحصانة عن النائب في جلسة
طارئة، لم يطلع أعضاؤه على تفاصيل ما جرى مع النائب، ووصف النائب ينال فريحات عضو كتلة
الإصلاح (لم يصوت على رفع الحصانة) أن ما تحدثت به الحكومة حول قضية النائب العدوان
"مجرد عموميات".
وقال لـ"عربي21": "لم تطلعنا الحكومة في الجلسة
التي سبق رفع الحصانة عن العدوان حول تفاصيل ما جرى مع النائب، كان الحديث عاما حول
اعترافات للنائب بقيامه بالتهريب لـ12 مرة سابقة؛ منها أسلحة وسجائر إلكترونية".
وحول رفع الحصانة النيابية عن العدوان، يبين فريحات:
"نحن في كتلة الإصلاح رفضنا التصويت على رفع الحصانة، حتى لا نؤكد صحة الرواية
الصهيونية، وحتى لو كانت اعترافات كان يفترض أن يكون هنالك رواية أردنية، الحصانة دستوريا
كانت سترفع عن النواب بعد أسبوع بانتهاء الدورة الحالية، دون أن يتخذ مجلس النواب قرارا
بناء على الرواية الصهيونية"، مضيفا: "حتى الآن لم نستمع لرواية النائب العدوان، ولا حتى محاميه".
يأمل فريحات ألا يصدر منع نشر في قضية العدوان؛ كي يطلع
الرأي العام الأردني على حيثيات ما جرى، معتبرا أن محاكمته في الأردن تأتي كاتفاق ضمني
مع الاحتلال للإفراج عنه.
إلا أن النائب الأول لرئيس مجلس النواب أحمد الخلايلة، كشف
أن كتاباً وصل النواب من رئيس الوزراء بشر الخصاونة، يتضمن معلومات عن قضية العدوان
"نسمعها لأول مرة".
وأكد الخلايلة في تصريح صحفي: "القضاء الأردني نزيه جداً، ونؤمن بأنه سيوضح الحق، وكلنا أمام القضاء سواسية، الكتاب الوارد من رئيس الوزراء، فاجأنا
بمعلومات لم تكن لدينا سابقاً".
تهم متوقعة في انتظار العدوان
توقع قانونيون أن يواجه العدوان تهم "تصدير أسلحة لاستخدامها
بوجه غير مشروع، والإخلال بأمن ونظام الأردن، وتعكير صفو علاقات مع دولة أجنبية".
في وقت قال فيه المستشار القانوني المحامي معاذ المومني في
حديث لـ"عربي21"، إن النائب العدوان سيبقى نائبا إذا لم يحكم أو يصدر قرار
قطعيا من المحكمة المختصة بوضعه بالحبس.
ويتابع: "الإجراء وفقا لقانون أصول المحاكمات الجزائية
هو أن يتم إحالة العدوان إلى النيابة العامة في محكمة أمن الدولة، التي ستحيله بدورها
إلى المحكمة المختصة"، مضيفا: "من المبكر الحديث عن التهم التي ستسند إليه".
غياب المكاشفة
بدوره، يرى القاضي السابق والمحامي لؤي عبيدات أن "تعليقات
النواب مأخذ عليهم، كيف يجردون النائب من الحصانة البرلمانية من أجل تسويغ ملاحقته قضائيا، دون الاطلاع على دقائق وحيثيات الأمور، والوقوف على حقيقة الموقف بشكل واضح، بما يثبت
أن النائب ارتكب نشاطا مجرما في القانون".
وأضاف في حديث لـ"عربي21": "هل يتم رفع الحصانة
في مثل هذه السهولة، كان ينبغي أن يكون هناك مكاشفة ومصارحة للشعب من قبل البرلمان
الذي يستمد وجوده وشرعيته من الشعب، كان ينبغي على المجلس الإحاطة بكل الحقائق قبل
رفع الحصانة بشكل متسرع، حتى الآن لا نعرف ما هي النشاطات التي قام بها العدوان، والتي
سوغت للحكومة طلب رفع الحصانة عنه".
رواية الاحتلال الإسرائيلي
وكشف جهاز الشاباك الإسرائيلي، وفق ما نقلت عنه وسائل إعلام
عبرية، الأحد، أن التحقيقات مع النائب عماد العدوان أظهرت قيامه بتهريب بضائع مختلفة
12 مرة منذ عام 2022.
وزعم "الشاباك" أن العدوان "قام باستخدام
جواز سفره الدبلوماسي لتنفيذ عمليات التهريب التي شملت حيوانات وسجائر إلكترونية وذهبا"،
زاعما أنه "قام بتنفيذ عمليات التهريب للحصول على المال، وأنه حصل بالفعل على
مبالغ كبيرة".
وأثار قرار تسليم السلطات الإسرائيلية النائب العدوان، ردود
فعل إسرائيلية غاضبة ضد حكومة بنيامين نتنياهو اليمينية، وفق الخبير في الشؤون الإسرائيلية،
الدكتور أيمن الحنيطي.
وبين الحنيطي في حديث لـ"عربي21" أن "ردة
الفعل كانت ساخطة وغاضبة حتى من اليمين الإسرائيلي من داخل حكومة نتنياهو، فقد رفض
وزير الإرث الإسرائيلي القرار نهائيا، إلى جانب ثلاثة أعضاء من حزب بن غفير عارضوا
القرار ووصفوه بالهلوسة".
وحول الرواية الإسرائيلية، يقول: "منذ بداية القضية، أعلنوا
حظر النشر والتزمت به وسائل الإعلام، ثم بعد رفع الحظر بدأ كتاب المقالات يتحدثون عن
حلول، ويشخصون الحالة، ويتحدثون عن المكاسب من تسليم النائب، وكان لذلك أثر على الرأي
العام الإسرائيلي، وهنا تكمن أهمية الوعي في ضرورة وجودة إعلام أردني متمكن من اللغة
العبرية".
بيان من عائلة العدوان
واكتفت عائلة النائب العدوان في بيان لها، الأحد، بالقول
على لسان شقيقه، إن "عماد العدوان بين أيدٍ أمينة".
واكتفى شقيق النائب في بيانه بتوجيه الشكر "للملك عبد
الله الثاني والحكومة ومجلس النواب"، وقال إن "الحكومة والنواب كانوا يطلعونهم
على الجهود والمتابعة الحثيثة التي كان يقوم بها الملك والأجهزة الأمنية".
ويعتبر النائب العدوان من أصغر نواب البرلمان الأردني عمرا،
من مواليد عام 1988، متزوج وحاصل على شهادة ماجستير في القانون الدولي، وينحدر العدوان
الذي انتخب عن محافظة البلقاء من خلفية عشائرية، هي عشيرة العدوان، إحدى أكبر العشائر الأردنية، وهو عضو في حزب "إرادة".