خالفت
تحويلات المصريين بالخارج، أحد أهم مصادر النقد الأجنبي في مصر، التوقعات في عام
2022 وسجلت أول انخفاض سنوي منذ سبع سنوات أي عام 2015 لتصل إلى 28.3 مليار
دولار،
بحسب بيانات البنك المركزي المصري.
تراجعت
التحويلات من العملة الصعبة من 31.9 مليار دولار عام 2021 إلى 28.3 مليار دولار عام
2022، بانخفاض قدره 3.6 مليار دولار بلغت نسبته 10%، في وقت تصارع فيه الدولة المصرية
لجذب أكبر قدر من النقد الأجنبي لحمايتها من التخلف عن سداد الديون.
وكان
تقرير صادر عن البنك الدولي توقع أن يبلغ حجم تحويلات المصريين العاملين بالخارج نحو
32.3 مليار دولار بنهاية العام الماضي، في ضوء تحقيقها أعلى مستوى لها على الإطلاق
خلال عام 2021 عندما سجلت نحو 31.9 مليار دولار، وتوقعات باستمرار تحسن التحويلات من
الخارج لتتجاوز هذا الرقم القياسي.
وتعد
تحويلات المصريين العاملين بالخارج أكبر مصدر رئيسي للعملة الأجنبية، ويأتي معظمها
من الدول
الخليجية، وتمثل نحو 7% من إجمالي الناتج المحلي، وتحتل بها مصر المركز الخامس
بين أعلى الدول المتلقية للتحويلات المالية، بحسب تقرير حديث للبنك الدولي.
أعلن
البنك المركزي المصري، تراجع تحويلات المصريين في الخارج، بنسبة 23% خلال النصف الثاني
من العام المالي 2022-2023 على أساس سنوي، لتصل إلى 12 مليار دولار، بينما سجلت الفترة
المماثلة من العام الماضي 15.6 مليار دولار.
ساهم
هذا التراجع في قيام وكالة "فيتش" للتصنيف الائتماني، قبل أيام، بخفض تصنيف
مصر، للمرة الأولى منذ 2013، درجة واحدة من "بي +" إلى "بي"، وتعديل
نظرتها المستقبلية من "مستقرة" إلى "سلبية"، وتوقعات أن تواجه
مصر صعوبة في تأمين احتياجاتها من التمويل الخارجي في السنة المالية الجديدة؛ نتيجة
زيادة الديون الخارجية.
لماذا
عزف المصريون بالخارج عن التحويل؟
كشف
أحد أفراد الجالية المصرية في السعودية التي تستحوذ على أكبر عدد من العاملين المصريين
بالخارج ويعمل في مجال هندسة البرامج ويدعى جمال محمد عن وجود ما أسماه "حالة
ارتباك لدى المصريين بسبب أزمة نقص العملة الأجنبية التي تهز البلاد، وتسلل المخاوف
لدى البعض من تحويلها أو وضعها في مصارف رسمية، رغم أنها لا تستند إلى وقائع حقيقية
تؤكد تلك المخاوف".
ويصل
عدد المصريين بالخارج بحسب أرقام عام 2017،
أكثر من 10 مليون و274 ألف مصري، يتركز غالبيتهم في الدول العربية بنسبة 68%، تستحوذ
السعودية على نسبة 49.9% بالمئة، ثم الأردن على نسبة 17.8%، وفق الإحصاءات الرسمية.
وقال
محمد عن اعتقاده، في حديثه لـ"عربي21": "هذا التراجع مؤقت أو مرهون
بقدرة الحكومة على زيادة ثقة المواطنين في نظام سعر صرف الجنيه مقابل الدولار الذي
شهد اضطرابا كبيرا طوال العام الماضي بسبب خفض الجنيه أكثر من مرة خلال عام".
في مصر،
قال أحد سماسرة العملة، طلب عدم الإفصاح عن اسمه، لـ"عربي21": "بعض
المصريين العاملين بالخارج يقومون بتحويل أموالهم من خلال وسطاء دون اللجوء إلى المصارف
الرسمية كالبنوك للحصول على أكبر فرق بين سعر البنك وسعر السوق السوداء".
وأوضح
أن "فرق السعر بين البنوك الرسمية والسوق الموازي قفزت إلى 30% دفعة واحدة، وهي
أكثر نسبة يمكن تصورها منذ بدء خفض الجنيه، وكانت أحيانا لا تتجاوز الـ5% فقط، ولكن مع
زيادة الأزمة الدولارية، بات البعض يفضل التعامل من خلال الوسطاء".
مستقبل
تحويلات المصريين بالخارج
اعتبر
خبير الإدارة الإستراتيجية وإدارة الأزمات، الدكتور مراد علي، أن تراجع تحويلات المصريين
في الخارج "مؤشر سلبي ويمثل مأزقا جديدا للحكومة المصرية، التي كانت تتوقع أن
تزيد غلتها من تحويلات المصريين العاملين في مختلف دول العالم بعد أن حققت رقما قياسيا
بعد أن قامت بتوفير أوعية ادخارية بعائد كبير ومغر، وعلى الرغم أن نسبة التراجع ليست
كبيرة أو خطيرة لكنها تأتي في وقت بالغ الصعوبة على الاقتصاد المحلي".
وأوضح
في حديثه لـ"عربي21": "الحكومة حاولت منذ بدء أزمة الدولار في آذار/
مارس من عام 2022 خلق فرص لجذب أموال المصريين وخاصة أولئك الذين يعملون في دول الخليج
وتمثل تحويلاتهم الثقل الأكبر في تحويلات المصريين في العموم، ولكنها لم تكن كافية
لزيادة تلك التحويلات بسبب تولد قناعات لدى البعض أنها لاستغلال تحويلاتهم بالدولار
وليس لمنحهم مزايا تفضيلية".
رهن
علي عودة التحويلات إلى مستواها أو زيادتها "بتحسن أداء الحكومة الاقتصادي، واستقرار
سعر صرف الجنيه، وجذب استثمارات أجنبية حقيقية مباشرة، واكتساب ثقة المواطنين، لكن
في ظل حالة الضبابية التي يعيشها الاقتصاد فمن الصعب التكهن بعودتها إلى سابق عهدها".
5 موارد
للنقد الأجنبي
تحصل
مصر على مواردها من النقد الأجنبي من خمسة مصادر أساسية وبلغت 104.2 مليار دولار، بحسب
بيانات البنك المركزي في عام 2022، وهي الصادرات، وتحويلات المصريين، وإيرادات السياحة،
وقناة السويس، والاستثمار الأجنبي المباشر.
بلغت
قيمة الصادرات المصرية إلى الخارج عام 2022، 44.7 مليار دولار، وتحويلات المصريين بالخارج
28.3 مليار دولار، وإيرادات السياحة 12.2 مليار دولار، والاستثمار الأجنبي المباشر
11.4 مليار دولار، وإيرادات قناة السويس 7.6 مليار دولار.