رحل فهمي الخولي؛
ذاك المخرج الكبير الذي أثرى
المسرح المصري بعروضه المسرحية المهمة التي طالما
أمتعتنا، فهو الذي تصدى لإخراج مسرحيات لا تغادر ذاكرة المسرح.
منها الوزير
العاشق لشاعرنا الكبير فاروق جويدة والرهائن لكاتبنا الكبير الراحل د. عبد العزيز
حمودة، وكذلك مسرحية سالومي لكاتبنا الكبير محمد سلماوي.
ويقف فهمي الخولي
هو وجيله من
المخرجين المبدعين كسمير العصفوري ومحمد صديق وهاني مطاوع وتوفيق عبد
اللطيف، بعدما استلموا الراية من جيل الأساتذة: كرم مطاوع وسعد أردش وجلال
الشرقاوي، وأناروا المسرح المصري بإبداعاتهم التي لا تخطئها العين.
فلقد استطاع فهمي
الخولي بذاته الثقافية والفنية أن يخلق حالة فنية مسرحية تجمع بين
الفنية والنجاح
الجماهيري على صورة تدعو للدهشة، وصار اسم المخرج فهمي الخولي عنوان الجودة
والنجاح، ولعله عندما أُسندت إليه إدارة مسرح السلام، وهو أحد مسارح البيت الفني
للمسرح التي كانت تعاني من انصراف الجمهور نتيجة سوء الإدارة وضيق أفقها وأشياء
أخرى كثيرة، حوّله فهمي إلى خلية نحل واستحدث قاعة مسرح صغيرة ملحقة بالمسرح
الكبير؛ لإتاحة الفرصة لشباب المسرحيين بتقديم مواهبهم وإبداعاتهم في شتى تخصصات
المسرح المختلفة.
ورغم تسجيل فهمي
لنجاحات غير مسبوقة بفضل إداراته وتخطيطه إلا أنه فوجئ بقرار إنهاء مدة إدارته، بل
وأكثر من هذا، أنه أحيط بستار إعلامي من التعتيم أو التحجيم.
ولكنه أبدا لم
ييأس، وكان مشروعه الأخير رائعة الراحل محمود دياب "باب الفتوح" التي
أصر فهمي على إعادة تقديمها على مسرح السلام، ولم يستجب لتحذيراتي العديدة له بأن
المناخ المسرحي اختلف عن ذي قبل وأنه كمخرج كبير لا بد أن ينأى بنفسه عن هذا
المناخ، ولكنه أصر وقدم بالفعل المسرحية ولكنها لم تر نور النجاح ولا المجد الذي
عوّدتنا عليه أعمال فهمي الخولى.
فقد امتدت أيدي
حقودة لتفسد كل الأجواء الصحية المؤدية إلى النجاح، ومع شديد الأسف نال المغرضون
والمشككون من سمعة الرجل، وسدد أهل الظلام رماحهم لقلب فارس النور لكي يعاني ما
عانى في مرحلته الأخيرة من الجحود ونكران الجميل وشماتة الأعداء.
ونتاج هذا المناخ
المسموم لم يحتمل قلب فهمي الخولي الاستمرار، وغادرنا فهمي بعد أن أدرك قلبُه فسادَ
الأمكنة، فآثر أن يغير العنوان.
لروحك السلام
مخرجنا الكبير المجدد.. فهمي الخولي.