سارعت
المقاومة للتأكيد على وحدتها، ونجحت في إدارة المعركة
الأخيرة "ثأر الأحرار" بإفشالها
مسعى الاحتلال الرامي إلى تثبيت قواعد الاشتباك كما يريدها "نتنياهو" وهي
كالتالي:
1- عدم الربط المكاني للأحداث، فليس لغزة أن
ترد حمية للقدس، وللاحتلال في ذلك ذكرى
مريرة "معركة سيف القدس" إبان أيار/ مايو لعام 2021 بعد الاعتداءات التي
قام بها في القدس وحي الشيخ جرّاح، وتبع ذلك تحذير حركة حماس على لسان قائد جناحها
العسكري "محمد الضيف" بأنَّ أمام الجيش
الإسرائيلي ساعة للخروج من
المسجد الأقصى وإلَّا ستندلع الحرب، ومع انتهاء المهلة في تمام الساعة السادسة
مساءً تحركت المقاومة!
2- عدم
الوحدة بين
الفصائل بتحذير "حماس" بعدم التدخل من أجل الجهاد، فعمد الإسرائيليون
إلى التهديد تارة والتجاهل تارة أخرى، فهدد وزير الطاقة الإسرائيلي باغتيال قادة
الحركة "السنوار، الضيف" في حال تضامنت حماس مع الجهاد، وأغفلوا ذكر الحركة
في بياناتهم للرغبة في عدم مشاركتها، بعكس ما كان يحدث في الماضي حينما كانت سلطات
الاحتلال تزج باسم "حماس" في كل شاردة وواردة!
3- محدودية
الرد المكاني على سياسة الاغتيالات، فليس لسرايا القدس في نابلس مثلا أن ترد على
اغتيال أحد قياداتها في
غزة، لكن نجاح "عرين الأسود" في إعطاب آليات
عسكرية بعملية تفخيخ أثناء محاولة قوات الاحتلال اقتحام نابلس؛ هو تفاعل من
"عرين الأسود" مع المعركة الأخيرة للمقاومة في قطاع غزة.
نعم
لقد نجحت المقاومة بتوحيد الصف وإنشاء "غرفة العمليات المشتركة" والالتقاء
تحت مظلتها"، ورفضها للتهدئة والهدنة المقدمة من الوسيط لمجرد التهدئة، بل
شددت على رفضها لسياسة الاغتيالات من أجل القبول بالوساطة المقدمة إليها، بالإضافة
إلى شرط تسلم جثمان الشهيد "خضر عدنان".
والحقيقة
أن المقاومة نجحت في إدارتها لمعركة "ثأر الأحرار"، فظهر واضحا من تغطية
الإعلام الإسرائيلي للمعركة عدم نجاح حكومة "نتنياهو" في تحقيق الردع
المأمول، وعن خيبة أمل الشارع الإسرائيلي تجاه من انتخبهم، بالإضافة إلى الارتباك
الذي حدث فأغلقت المدارس والجامعات، وتوقفت حركة القطارات ورحلات الطيران وألغيت الحجوزات،
وهربت جموع المصطافين من الشواطئ، حتى تناقلت وسائل الإعلام عبر مداخلاتها
لمواطنين إسرائيليين قولهم: ما فائدة الاغتيالات؟!
ونججت المقاومة كذلك بالتأكيد على جاهزيتها الدائمة لمواجهة عربدة الكيان المحتل، ولقد لخّص
الأمين العام لحركة الجهاد الإسلامي "زياد النخالة" ذلك بقوله إن
"المقاومة خرجت من المعركة وسلاحها في أيديها، ومقاتلوها في الميدان جاهزون
لمقارعة أيّ عدوان".
ولقد فشل
الاحتلال في تحقيق مآربه رغم الاغتيالات، ومع ذلك لم ينجح في تحقيق الردع الذي كان
يسعى إليه "نتنياهو"، فانهالت الصواريخ
الفلسطينية منذ الدقائق الأولى متباعدة
الزمن كثيفة العدد على مدن الاحتلال (تل أبيب وعسقلان واشدود)، بخلاف مستوطنات
الغلاف المحيطة بالقطاع، بل خرجت تصريحات قيادات سياسية وعسكرية من تل أبيب بسبب
شراسة الرشقات الصاروخية من المقاومة قائلة: هذه اللحظة التي كانت تخشاها إسرائيل!!
ولم
تتوقف الزخات والرشقات الصاروخية حتى إعلان الهدنة وقف إطلاق النار، منذ انطلاقها بعد
طول ترقب وسكون مرعب سببته المقاومة للآلة الإعلامية والأمنية في تل أبيب!
خطوات
إلى الأمام ولا رجوع للخلف!
- يمكن
للمقاومة تعزيز نجاحها في معركة "ثأر الأحرار" بغرفة العمليات المشتركة
فيما بينها، ووضع كافة الإمكانيات التي تملكها الفصائل تحت تصرف قيادة الغرفة
المشتركة وتحديدها للحظة الاشتباك ووقت التوقف!
- أصبحت
قدرات المقاومة هائلة، لا على مستوى المدى أو على مستوى القدرة التدميرية -وقد
تحققت- بل وعلى مستوى الكثافة حتى ترشق ألف صاروخ في المرة الواحدة، ولو أرادت
المقاومة أن توسّع دائرة النيران ستقصف الاحتلال من أقصى الشمال من طبرية ونهرية ورأس
الناقورة إلى أقصى الجنوب، في إيلات وغيرها.
- على
المقاومة استحضار روح معركة "سيف القدس" عام ٢٠٢١ رداً على عربدة
الصهاينة في القدس الشريف، درة التاج، لرفع سقف المطالب من إزالة الحواجز وإقامة
ميناء بحري لقطاع غزة، فقد آن الأوان أن يصبح للقطاع ميناؤه البحري بعيداً عن
تعقيدات المعابر وحساباتها السياسية! مع بقية الأهداف من تحرير الأسرى، وعودة
المبعدين.
- أخيرا..
المقاومة تحتاج إلى وضع الوسطاء أمام مسؤوليتهم في إيجاد الضمانات الحقيقية بعد
نكوص الاحتلال عن التزاماته، فلم يعد مقبولا أن تنحصر مهمة الوسيط في إبلاغ
الرسائل وكأنه ساعي بريد!