تصاعدت التساؤلات والتحليلات الأمنية لكشف
حقيقة ما جرى في
سيناء، بعد مقتل 3 جنود للاحتلال على يد جندي مصري، سواء طبيعة
الحادث، أو خلفياته، واتهام الاحتلال للجيش المصري بالتقصير في حماية الحدود، أو
دور الحادث في زيادة التنسيق الأمني بينهما، وأثره على هذه المنطقة الحدودية
الحساسة.
رون بن يشاي، الخبير العسكري الإسرائيلي، زعم أن
"
الجيش المصري المسؤول عن الحدود لا يرسل ضباطا ذوي كفاءة عالية، ولمعرفة
السبب الحقيقي وراء عبور المسلح منطقة الحدود، يلزم إجراء تحقيق جاد، لأنه وحده
سيجعل من الممكن الحفاظ على التعاون الأمني لمساعدة القاهرة وتل أبيب ضد المهربين
وتنظيم داعش، كما يحتاج جيش الاحتلال لفحص دوره في الإخفاق الذي حصل، وسط تعدد
الروايات القادمة من الجانب الآخر من الحدود، لاسيما توغل المسلح المصري عبر
السياج الحدودي المعروف باسم "الساعة الرملية".
وأضاف في مقال نشرته
صحيفة يديعوت أحرونوت،
وترجمته "عربي21"، أن "تسلل المسلح خلال ساعات الليل قبل تنفيذ
عمليته بات معروفا، والحديث المصري أنه تسلل لملاحقة المهربين ليس مرجحا، لأنه لن
يذهب بمفرده لملاحقة تجار المخدرات، ويضرب من مسافة بضعة أمتار جنودا إسرائيليين
في الموقع، ولذلك فإن هذا الادعاء يعكس إحراج قادة الجيش أكثر من حقيقة الواقع،
لأننا أمام جندي مصري مسلح ببندقية كلاشنيكوف جاء ليقتل، ولم يكتف بقتل الجنود في
موقع منعزل، بل دخل في معركة انتحارية مع القوة التي لاحقته".
وزعم أننا "أمام ثلاثة دوافع محتملة
لتنفيذ العملية: قومي، ديني، أو أن الجندي يعاني من مشاكل نفسية، فمن المؤكد أن
الظروف الجوية والخدمة في العزلة المطولة بمنطقة صحراوية وغير مأهولة في جبل حريف
لا تجعل هذا الوضع سهلا عليه، وتُظهر التجربة السابقة مع حالات مماثلة مع الجنود
المصريين وجود مزيج من هذه الدوافع الثلاثة، لكن لا شك أنه هذه المرة خطط لفعلته،
واستغل الضباب والحرارة للتوغل داخل الأراضي الفلسطينية، والقيام بتنفيذ خطته مع
سبق الإصرار، نحن أمام جريمة
قتل بدم بارد، وعلى مصر أن تعترف بها".
وزعم أن "عملية الحدود المصرية الفلسطينية
تكشف أن القاهرة وتل أبيب تواجهان عدوا مشتركا، فأفراد الأمن المصري المتمركزون
على طول الحدود من كرم أبو سالم إلى إيلات، بما في ذلك النقب، ليسوا جنودًا في
الجيش المصري، بل أفراد وحدة منفصلة في الشرطة هدفها حراسة الحدود، ومنع التهريب
والتسلل، يتم إرسالهم لمواقع معزولة تبقى لأسابيع وحتى أشهر، وتعتبر الخدمة صعبة
للغاية، وليست مغرية، وعادة ما يتم إرسال أشخاص ذوي تعليم وتدريب محدود
إليها".
وأوضح أنه "عادة ما تكون العلاقة بين ضباط
الشرطة المصرية وجنود جيش الاحتلال، وأحيانًا القوات الخاصة الذين يخدمون في المنطقة
جيدة، لكنها ليست قريبة جدًا، وأحيانا يتناولون فنجان قهوة عبر السياج الأمني.
مع
العلم أن الجنود المصريين والإسرائيليين مهددون بشدة من المهربين وداعش، الذين ما
زالوا على هيئة مجموعات صغيرة على الحدود، ويعملون غالبًا بالتعاون مع بدو النقب،
وهم العدو المشترك للجانبين، لكن وسائلهما القتالية وتدريبهما غير كافيين للسماح
لهم بالتغلب على الأمر، وعادة ما يحبسون أنفسهم بمواقعهم في ظل استمرار عمليات
التهريب، أو يكتفون بإطلاق النار من مسافة بعيدة على المهربين".
وأوضح أنه "في الزمن الماضي عندما كان
هناك تهريب كبير لعمال مهاجرين يحاولون دخول إسرائيل، قبل إقامة جدار
"الساعة الرملية"، اعتاد المهربون على رشوة بعض الضباط المصريين، واليوم
تراجعت الظاهرة بشكل كبير، ومن يراقب الحدود من الجانب الإسرائيلي هم جيش
الاحتلال، وكذلك وحدة خاصة من الشاباك، وتجري محادثات بين قادة الجانبين، من خلال
آلية العلاقات الخارجية لقسم العمليات العسكرية، ويبقى السؤال الرئيسي الآن: ما
الذي دفع الجندي المصري للخروج لتنفيذ مخطط لقتل جنود إسرائيليين، وهل عمل في
منظمة ما؟".
وأشار إلى أن "الشك الفوري يقع على فرع
داعش في سيناء، بزعم أن الجنود المصريين يلتقون برجاله، ويتعرضون لخطابهم الديني،
لكن المقلق أن الجيش المصري اختار نشر رسالة خيالية تتنصل من مسؤوليتها عن الحادث
وفعله، وهذا لا يمنع المخابرات الإسرائيلية من القيام بتحقيق حقيقي عن الجندي، ودوافعه،
وما إذا كان لديه مساعدون من بين المناطق التي غادر منها، ومحاولة التعرف على ما
يجري في جانبي الحدود، لإفشال حادثة مماثلة في المستقبل، ما يلزم استمرار
التعاون الاستخباراتي والعسكري الذي يخدم الطرفين".
ويكشف التحليل الأمني الإسرائيلي لحادثة الحدود
المصرية الفلسطينية عن توجه احتلالي في الأيام القليلة المقبلة، لإجراء محادثات
رفيعة المستوى بين كبار المسؤولين في القاهرة وتل أبيب؛ للمطالبة بإجراء تحقيق شامل
على جانبي الحدود، وعلى الجانب الإسرائيلي من الحدود، سيتعين على جيش الاحتلال
التحقق من سبب عدم إحساس الجنود بوجود مسلح مصري يقترب منهم، وما إذا كانت
ترتيبات الحراسة والمراقبة في المنطقة مناسبة للمخاطر والتهديدات التي تتميز بها
هذه المناطق الجبلية، حيث يسهل الاختباء فيها، والضرب منها.