قال معهد واشنطن إن "النشاط
الإرهابي" في منطقة
شمال أفريقيا، تراجع بصورة حادة، بسبب العديد من العوامل
والتطورات، لكنه ربما يعاد إحياء تهديده بسرعة إن توفرت الظروف لذلك.
وأشار المعهد في تقرير له إلى أن شمال
أفريقيا، تحول إلى بؤرة للتنظيمات الجهادية، على نطاق واسع، بعد الاحتجاجات في
العالم العربي عام 2011، لكن وبعد مرور أكثر من عقد ساد هدوء نسبي، في الكثير من
مناطق التوتر.
ولفت إلى أن "وضع الجهادية في شمال أفريقيا عام
2023 صعب جدا مقارنة بالحركة الأوسع سابقا، وفي هذه المرحلة، لم يعد لتنظيم
القاعدة
وجود نشط في المنطقة".
وأضاف: "صحيح أن قادة الجماعة يواصلون إطلاق
الدعاية، ولا سيما في محاولة للاستفادة من الحراك في الجزائر في السنوات الأخيرة،
لكن تنظيم القاعدة في بلاد المغرب الإسلامي لم يعلن مسؤوليته عن أي هجوم في
الجزائر منذ شباط/فبراير 2018. وعلى نحو مماثل، لم تعلن كتيبة عقبة بن نافع
التابعة لفرع تنظيم القاعدة في بلاد المغرب الإسلامي في تونس مسؤوليتها عن أي هجوم
منذ نيسان/أبريل 2019، كما تعثرت أنشطة
تنظيم الدولة في المنطقة ككل".
وقال التقرير إنه وبصرف النظر عن الهجمات القليلة
البارزة والحملة الإرهابية المنخفضة المستوى في الجزائر بين عامي 2014 و2020، فإن
الصورة قاتمة أيضا في ليبيا وتونس اللتين كانتا ذات يوم معقلين موثوقين للحركة.
وأشار إلى أنه وفي أعقاب التفكك الإقليمي لتنظيم الدولة في
ليبيا في كانون الأول/ديسمبر 2016، لجأ التنظيم إلى العمل السري، وبقي خامدا نسبيا
في عام 2017، ويرجع ذلك جزئيا إلى الضربات الجوية الأمريكية التي استهدفت معسكراته
خارج سرت. ففي ذلك العام أعلن تنظيم الدولة في ليبيا مسؤوليته عن أربع هجمات فقط:
اثنان في سرت، وواحد في كل من مصراتة وأجدابيا. وكانت على الأرجح هذه الهجمات
مرتجلة ولم تندرج ضمن حملة منسقة.
ولكن وتيرة الهجمات بدأت تزداد في شباط/فبراير 2018،
عندما قرر التنظيم، على ما يبدو، أن الوقت قد حان للخروج من الظل وتجديد تمرده.
وفي كانون الأول/ديسمبر من ذلك العام نفذ هجمات في كثير من المناطق: أربعة في
أجدابيا، وثلاثة في طرابلس، واثنان في الجفرة، وهجوم واحد في كل من سرت وأوجلة
والعقيلة والفقهاء ووادي كعام وتازيربو. بعد ذلك، أصبح تنظيم الدولة في ليبيا واثقا
جدا من نفسه لدرجة أنه بدأ في آب/أغسطس 2018 بإقامة نقاط التفتيش على الطريق بين
أجدابيا وجالو. وبعد شهرين، زعم التنظيم أنه استولى على بلدة الفقهاء لبضع ساعات.
وتوقف هذا الزخم في كانون الأول/ديسمبر 2018، عندما
اكتشفت قوات حفتر، قاعدة لتنظيم الدولة بالقرب من واحة غدوه. بعدئذ، انتقل التنظيم
إلى حقل الهروج البركاني وبدأ العمل مرة أخرى في نيسان/أبريل 2019، ونفذ 11 هجوما
في الأسابيع التالية: اثنان في سبها، واثنان في تمسة، وواحد في كل من الفقهاء، وهي
بلدة زعم التنظيم مرة أخرى أنه سيطر عليها لفترة وجيزة، وغدوه، وزيلة، ودرنة،
وسامنو، والهروج، ونقطة التفتيش 400 الواقعة بين سبها والجفرة. لكن هذه الهجمات
انتهت في منتصف حزيران/يونيو 2019.
أما بالنسبة إلى تونس، فقد فككت الحكومة التونسية ببطء
قدرات الجماعة في أعقاب محاولة تنظيم الدولة الفاشلة للاستيلاء على مدينة بنقردان
بالقرب من الحدود مع ليبيا في آذار/مارس 2016. ولم يتبن التنظيم أي هجوم في تونس
منذ شباط/فبراير 2021. وبشكل عام، بلغ عدد الهجمات، سواء تلك التي شنتها كتيبة
عقبة بن نافع أو تنظيم الدولة أو جهات فاعلة منفردة، ذروته في تونس في عام 2017 مع
47 هجوما قبل أن ينخفض إلى أربع هجمات في عام 2022.
وقال الموقع إن حدة الهجمات تراجعت بصورة
علنية، ويحتجز حاليا مئات من الرجال والنساء والأطفال من دول شمال
أفريقيا من الذين انتموا سابقا إلى التنظيم، طوعا أو قسريا، سواء في السجون أو
مخيمات النازحين داخليا في شمال شرق سوريا. ومن دون آليات مناسبة لإعادتهم إلى
أوطانهم وإعادة تأهيلهم وإعادة إدماجهم في المجتمع في المستقبل، يمكن أن يشكل
هؤلاء المحتجزون معضلات أمنية جديدة وتهديدات لدول شمال أفريقيا.
وختم بالقول: "لذلك، حتى لو كانت الحركات الجهادية
في شمال أفريقيا قد وصلت على الأرجح إلى أدنى مستوى لها من النشاط منذ بعض الوقت،
من الضروري إبقاء التركيز على هذه القضية لأن أي ديناميات متغيرة يمكن أن تغير
مستوى التهديد الذي تشكله على المنطقة ككل وعلى السكان المحليين أيضا".