أصبح
بنك التنمية الجديد في
الصين، الذي أسسته دول منظمة "
بريكس"، عاجزا عن تقديم قروض جديدة، حيث يواجه مشكلة في جمع الأموال بالدولار لسداد ديونه، ما دفعه للبحث عن أعضاء جدد، بعد شهرين من انضمام
مصر للمصرف.
وأسست مجموعة "بريكس" بقيادة الصين مصرفا جديدا، مطلع عام 2015، مقره في مدينة شنغهاي، ليكون منافسا لصندوق النقد الدولي، الذي تهيمن عليه الولايات المتحدة.
وبعد تدشينه، وافق بنك التنمية الجديد التابع لـ"بريكس" على مجموعة أولى من القروض تبلغ قيمتها الإجمالية 811 مليون دولار لمشاريع في مجال الطاقة المتجددة في أربعة من البلدان الأعضاء فيه.
لكن توقف بنك التنمية الجديد عن تقديم قروض جديدة، حيث يواجه مشكلة في جمع الأموال بالدولار لسداد ديونه، فيما قالت صحيفة "وول ستريت جورنال" إن بقاء المصرف، الذي تأسس بهدف إعادة تشكيل التمويل الدولي، يبقى مرهونا باعتماده على الدولار الأمريكي.
بعد فترة وجيزة من الغزو الروسي الشامل لأوكرانيا، جمد البنك الإقراض الجديد لروسيا لطمأنه المستثمرين على امتثاله للعقوبات الغربية. ومع ذلك، سرعان ما أصبح "وول ستريت" حذرا من إقراض أحد البنوك المملوكة لروسيا بنسبة 20 بالمئة.
ومنذ ذلك الحين، اضطر البنك التابع لمنظمة "بريكس" إلى تحمل ديون باهظة الثمن بشكل متزايد لخدمة القروض القديمة، والبقاء على اطلاع بمتطلبات السيولة الخاصة به.
أعضاء جدد
ولتعزيز موارده، يجري بنك التنمية الجديد محادثات مع السعودية والأرجنتين وهندوراس بشأن الانضمام إلى عضويته، وفقا لما نقلته "وول ستريت جورنال" عن أشخاص مطلعين على الأمر.
وبحسب الصحيفة الأمريكية، لا يوجد حاليا ما يشير إلى أن المناقشات مع السعودية أو دول أخرى ستؤدي إلى ضخ كبير لرأس المال، ما يترك البنك عالقا في مستنقعه الحالي، مع القليل من علامات التحسن.
وقالت أسيولي من معهد البحوث الاقتصادية التطبيقية، للصحيفة: "تحتاج دول بريكس إلى العمل معا لمواجهة هذه الصعوبات". وتابعت: "لكن الفارق البسيط هو أنه سيكون من الصعب عليهم التغلب على التحديات إذا استمرت الحرب في أوكرانيا".
وعندما حصل بنك التنمية الجديد على سندات بقيمة 1.25 مليار دولار، في نيسان/ أبريل الماضي، وهي الأولى منذ الغزو الروسي، كانت تكلفتها تقترب من خمسة أضعاف تكلفة الاقتراض السابق.
وقالت كبيرة الباحثين بمعهد البحوث الاقتصادية التطبيقية في البرازيل، لوسيانا أسيولي: "يجب أن يشعر البنك بالقلق بشأن عدم قدرته على الوصول إلى أسواق رأس المال". وأضافت "إنها ليست مشكلة يمكن حلها على الفور".
في المقابل، قال بنك التنمية الجديد في بيان إنه يعتقد أن هناك "اهتماما كبيرا بالسندات الصادرة" من قبله، مضيفا أن مصادر السيولة والقروض لا تزال قوية.
وبعد تأسيسه برأس مال يبلغ 10 مليارات دولار من قبل المؤسسين الخمسة، وجد الأعضاء أنه سيكون من الصعب الاعتماد فقط على البنوك الصينية وأسواق رأس المال لتوفير السيولة اللازمة.
وبدأ بنك التنمية الجديد في اقتراض مليارات الدولارات من مؤسسات استثمارية في "وول ستريت"، وكذلك من البنوك المملوكة للدولة في الصين.
ومع توفر التمويل، بدأ البنك في الإقراض للأعضاء من مليار دولار، عام 2017، إلى 30 مليار في بداية العام الماضي.
وفي تموز/ يوليو الماضي، خفضت وكالة "فيتش" التصنيف الائتماني للبنك، مشيرة إلى التحديات التي تواجه وصوله إلى أسواق السندات الدولارية.
الملف المصري
وفي آذار/ مارس الماضي، صدّق رئيس النظام المصري عبد الفتاح السيسي على اتفاقية تأسيس بنك التنمية الجديد التابع للـ"بريكس" ووثيقة انضمام مصر إلى البنك.
وفي ذلك الوقت، أعرب خبراء اقتصاد مقربون من النظام المصري عن تفاؤلهم بانضمام مصر لبنك التنمية الجديد، معتبرين أن هذه الخطوة من شأنها أن تكسر هيمنة الدولار.
بدوره، كشف السفير الروسي بالقاهرة، غيورغي بوريسينكو، عن تقدم مصر بطلب للانضمام إلى مجموعة "بريكس"، قائلًا لوسائل إعلام روسية: "لقد تقدمت مصر بطلب للانضمام إلى مجموعة بريكس، لأن إحدى المبادرات التي تشارك فيها بريكس حاليا هي تحويل التجارة إلى عملات بديلة قدر الإمكان، سواء كانت وطنية أو إنشاء عملة مشتركة، ومصر مهتمة جدا بهذا الأمر".
وتنتظر "بريكس" تطورات جوهرية، تحسمها القمة المقبلة المُرتقبة للمجموعة، والتي من المنتظر أن تناقش طلبات الانضمام البالغة 19 طلبا، بينها مصر.
بريكس في سطور
وتأسست المجموعة في 16 حزيران/ يونيو من العام 2009، تحت اسم "بريك" في مدينة يكاترينبورغ الروسية، بمشاركة كل من البرازيل وروسيا والهند والصين أولاً.
وعُقد أول لقاء على المستوى الأعلى لزعماء دول "بركس" في تموز/ يوليو عام 2008، وذلك في جزيرة هوكايدو اليابانية، حيث اجتمعت آنذاك قمة "الثماني الكبرى".
وشارك في قمة "بركس": رئيس روسيا فلاديمير بوتين ورئيس جمهورية الصين الشعبية هو جين تاو ورئيس وزراء الهند مانموهان سينغ ورئيس البرازيل لويس إيناسيو لولا دا سيلفا. واتفق رؤساء الدول على مواصلة التنسيق في أكثر القضايا الاقتصادية العالمية آنية، بما فيها التعاون في المجال المالي وحل المسألة الغذائية.
ولاحقا، انضمت جنوب أفريقيا في العام 2010، ليصبح اسم التحالف الدولي "بريكس"، وهي كلمة مشكلة ومشتقة من الحروف الأولى من اسم كل دولة عضو.
تشكل مساحة هذه الدول ربع مساحة اليابسة، وعدد سكانها يقارب الـ40% من سكان الأرض، وتغطي مساحة الدول الأعضاء فيه، ما يزيد على الـ39 مليون كيلومتر مربع، أي ما يعادل الـ27 في المئة من إجمالي مساحة اليابسة.
ومن المتوقع بحلول عام 2050 أن تنافس اقتصادات هذه الدول اقتصادات أغنى الدول في العالم حاليا، بحسب مجموعة "غولدمان ساكس" البنكية العالمية.