للمرة الثانية
في غضون أسبوع، أعاد الممثل الأعلى للاتحاد الأوروبي للشؤون الخارجية والسياسة
الأمنية جوزيب بوريل الأحد، التأكيد على ثبات موقف التكتل الأوروبي من التطبيع
مع النظام السوري، موضحاً أن عودة العلاقات مع النظام ليست خياراً مطروحاً، قبل
إحراز تقدم في المسار السياسي السوري.
وفي بيان قال
بوريل: "إن التكتل سيواصل العمل عن كثب مع الشركاء العرب والدوليين لتحقيق
الأهداف المشتركة"، مضيفاً أنه "من جانبنا، فالظروف لم تتهيأ بعد للتطبيع مع
النظام السوري، وشروط التطبيع مع النظام السوري باتت بعيدة المنال، سنكون مستعدين
للمساعدة في إعادة إعمار
سوريا فقط عندما تجري عملية انتقال سياسي شاملة وذات
مصداقية".
ويبدو أن
تصريح بوريل الأخير جاء رداً على ضغط "سعودي-إماراتي" على الاتحاد
الأوروبي بهدف إعادة العلاقات الدبلوماسية الأوروبية مع النظام السوري وتخفيف
العقوبات المفروضة عليه.
وكانت وكالة
"بلومبيرغ" الأمريكية قد كشفت قبل يومين نقلاً عن مصادر مطلعة، عن ضغوط
من مسؤولين سعوديين وإماراتيين على نظرائهم في
الاتحاد الأوروبي على مستويات
مختلفة خلال الأشهر الماضية، مضيفة أن "المسؤولين اعتبروا أن التحركات
الدبلوماسية لإنهاء الصراع السوري المستمر منذ 12 عاماً، غير مجدية ما لم يتم
تخفيف العقوبات للمساعدة في إنعاش الاقتصاد السوري المنهار".
المعارضة ترحب
من جانبه، رحب
ممثل الائتلاف السوري المعارض في بروكسل بشار الحاج علي، بثبات الموقف الأوروبي على
مستوى الدول والاتحاد في الملف السوري، مؤكداً في حديثه لـ"عربي21" أن
تصريحات بوريل الأخيرة تؤكد فشل الضغط الذي تمارسه بعض الدول العربية على أوروبا
لدفعها إلى مراجعة مواقفها في سوريا، وخاصة بعد إعادة النظام إلى جامعة الدول
العربية.
وأضاف أن
تصريحات بوريل الأخيرة، وأيضاُ تلك التي أدلى بها قبل أيام خلال انعقاد مؤتمر
المانحين في بروكسل والتي أعلن فيها عن رفض الاتحاد الأوروبي التطبيع مع النظام
السوري، تؤشر إلى عدم تجاوب التكتل الأوروبي مع مطلب بعض الدول العربية، حيث يشترط
الاتحاد الأوروبي تنفيذ قرار مجلس الأمن رقم 2254 وبيان جنيف بما يضمن تحقيق طموحات
السوريين، قبل رفع العقوبات عن النظام والتطبيع معه.
وتابع الحاج
علي من بروكسل، بأن الاتحاد الأوروبي لن يغير موقفه رغم المحاولات العربية الساعية
إلى دفع الاتحاد الأوروبي إلى تقديم تنازلات للنظام، وقال: "على النقيض، يمكن
القول إن مواقف أوروبا وأمريكا تتجه إلى التشدد أكثر ضد النظام السوري التابع لروسيا،
نظراً للتشابك بين الملفين السوري والأوكراني".
من جانب آخر،
أشار ممثل الائتلاف إلى الجولة الأوروبية التي أجراها وفد من الائتلاف وهيئة
التفاوض السورية الأخيرة، وقال: "أكد وفد المعارضة خلال جولته على ضرورة رفض
التطبيع مع النظام، وبعد ذلك اجتمعت مكونات هيئة التفاوض في جنيف مطلع حزيران/ يونيو
الحالي، وأعلنت بكل مكوناتها عن رفضها التطبيع مع النظام السوري".
التطبيع
العربي مع النظام بدون أفق
من جهته، يرى
المحلل السياسي والخبير في السياسات الأوروبية أسامة بشير، في حديثه
لـ"عربي21"، أن التطبيع العربي مع النظام وإعادته إلى
الجامعة العربية،
يبقى محدود التأثير في حال واظب الغرب على موقفه بعدم رفع العقوبات.
ويبدو من وجهة
نظره أن الخط العربي الداعم لتعويم النظام اقتنع بفشل جهوده ومساعيه الرامية إلى إعادة
إنتاج النظام السوري، ولذلك بدأت بعض الدول بمحاولات إقناع الاتحاد الأوروبي
بضرورة رفع العقوبات عن النظام، مدعية أن هذه الخطوة من شأنها البدء بمعالجة ملف
اللاجئين السوريين.
لكن، مواقف
الاتحاد الأوروبي واضحة، كما يؤكد بشير، مشيراً كذلك إلى قانون "مناهضة
التطبيع مع نظام
الأسد" الذي تتم مناقشته في الكونغرس الأمريكي، والذي يمنع
الإدارات الأمريكية من التطبيع مع أي حكومة سورية يترأسها الأسد.
وبذلك يصف
بشير الخطوات العربية نحو النظام بـ"الحلول القاصرة"، ويقول: "لقد
تجاهلت الجامعة قرار مجلس الأمن وقرارات جنيف، والآن تجد نفسها أمام معضلة حقيقية،
فمن جهة المجتمع الدولي يرفض التطبيع مع النظام ويمنع بدء مرحلة الإعمار من خلال
العقوبات، ومن جهة أخرى لا يقدم النظام أي تنازلات للعرب وخاصة على صعيد علاقته
وتحالفه مع إيران".
يذكر أن
الاتحاد الأوروبي كان قد ألغى اجتماعاً كان مقرراً مع الجامعة العربية في 20
حزيران/ يونيو الجاري، وذلك بسبب مشاركة وزير خارجية النظام السوري في الاجتماع.