تسببت وزيرة الخارجية الفرنسية، كاثرين كولونا، في موجة غضب في
الجزائر بعد تعليق، وُصف بـ"المستفز"، على مقطع أعاده الرئيس عبد المجيد
تبون إلى النشيد الوطني الجزائري مؤخرا.
والأسبوع الماضي، أصدر الرئيس الجزائري تبون مرسوما جديدا أعاد بموجبه مقطعا، كان محذوفا منذ عام 2007، إلى النشيد الوطني الجزائري يتضمن إشارة إلى
فرنسا، في الوقت الذي تعرف فيه العلاقة بين البلدين أزمات متتالية.
ويأتي هذا المقطع المحذوف سابقا والمعاد حاليا على ذكر فرنسا بصيغة يتوعد فيها ثوار الجزائر باريس، ويقول: "يا فرنسا قد مضى وقت العتاب، وطويناه كما يطوى الكتاب، يا فرنسا إن ذا يوم الحساب، فاستعدي وخذي منا الجواب، إن في ثورتنا فصل الخطاب، وعقدنا العزم أن تحيا الجزائر"، والذي كان حذف سابقا لتلافي الحرج السياسي مع باريس، خاصة في ظروف كانت فيها الجزائر تعاني من صعوبات اقتصادية بسبب أزمة النفط.
وفي مقابلة مع تلفزيون "إل سي آي" الفرنسي، اعتبرت الوزيرة كولون أن النشيد الجزائري "تجاوزه الزمن"، مضيفة: "لا أريد التعليق على نشيد أجنبي، لكن هذا النشيد كان كُتب في العام 1956 في سياق وظرف الاستعمار والحرب، ويتضمن كلمات قوية تعني فرنسا".
وشككت الوزيرة الفرنسية في توقيت قرار الرئيس الجزائري تحديث النشيد الرسمي، "في نفس اللحظة التي قرر فيها الرئيس إيمانويل ماكرون ونظيره الجزائري إعطاء دفعة جديدة للعلاقات الفرنسية الجزائرية".
وأثار التعليق غضبا في الجزائر، حيث وصف حزب حركة البناء الوطني، تصريحات كولونا بـ"الاستفزازية وغير المقبولة”، لأنها تنتهك مبدأ احترام سيادة الدول وعدم التدخل في شؤونها الداخلية.
وجاء في بيان للحركة: "نعرب.. عن معارضتنا الشديدة لتصريحات وزيرة الخارجية الفرنسية كاترين كولونا بشأن القرار السيادي الجزائري الذي اتخذه رئيس الجمهورية يضبط بموجبه، وبنص رسمي، ظروف وكيفيات أداء النشيد الوطني بشكل كامل أو مختصر، والتي قالت فيها، خلال ظهورها في مقابلة مع قناة إعلامية فرنسية بأن مرسوم النشيد الوطني الجزائري يأتي خارج الزمن".
وتساءل البيان عن "التناقض" الذي وقعت فيه وزيرة الخارجية الفرنسية، بين الدعوة إلى العمل على تحسين العلاقات مع الجزائر أمام لجنة الشؤون الخارجية في الجمعية الوطنية، والعودة مجددا إلى تصريحات تشكل تدخلا في الشأن الداخلي.
ومن جانبه، انتقد الوزير والسفير الجزائري الأسبق عبد العزيز رحابي، تصريحات كولونا، واصفا إياها بـ"غير المقبولة" والمتناقضة مع البحث عن تحسين العلاقات مع الجزائر.
وقال في منشور عبر "تويتر"، إن "كاثرين كولونا تتمنى أن تكون لها أفضل العلاقات مع الجزائر وفي نفس الوقت تشكك في قرار الجزائر السيادي بتوسيع استخدام نشيدها الوطني في ظل الظروف والشروط التي تختارها الحكومة الجزائرية".
وتشهد العلاقة بين الجزائر وفرنسا توترا بعد تدهور مفاجئ في العلاقات في خريف 2021، ما دفع الجزائر إلى سحب سفيرها من باريس قبل إعادته مؤخرا.
وعملت باريس والجزائر على تحسين علاقاتهما خلال زيارة الرئيس الفرنسي في آب/ أغسطس الماضي للجزائر حيث وقّع مع تبون إعلانا مشتركا لدفع التعاون الثنائي.
ورغم جهود تحسين العلاقات، فقد ظهرت أزمة جديدة بعد سماح تونس للناشطة الفرنسية من أصل جزائري أميرة بوراوي بالسفر إلى باريس وعدم تسليمها لبلدها الأصلي، حيث تواجه عقوبة بالسجن، ما دفع الجزائر إلى استدعاء سفيرها في فرنسا.