تتوق دولة
الاحتلال لإنجاز اتفاقية تطبيع مع
السعودية، ولكنها في الوقت ذاته تبدي تخوفها من نشوء شرق أوسط جديد أكثر خطورة وأقل استقرارا.
ورغم أن إرث رئيس حكومة الاحتلال بنيامين نتنياهو هو المحافظة على التفوق الأمني، وتجنب المخاطر، والنمو المستقر للاقتصاد الإسرائيلي، لكن خطرا واحدا خاطئا قد يطيح بكل هذه المبادئ، والتاريخ، لن ينسى له تحويل الشرق الأوسط إلى فضاء نووي قابل للانفجار.
دانيئيل بن نمير وناعوم ميروف، الكاتبان في صحيفة "مكور ريشون"، توقعا توقيع اتفاقية
التطبيع بين الاحتلال والمملكة، في صيف 2024 باحتفالية في البيت الأبيض، يلي ذلك افتتاح سفارة سعودية في تل أبيب، وأخرى إسرائيلية في الرياض.
وأضاف المقال الذي ترجمته "
عربي21"، أن مثل هذا التطبيع يعني تحول رجال الأعمال والمستوطنون بالتدفق للسعودية للسياحة، فيما يظهر شيوخ سعوديون في الفنادق الفخمة في القدس المحتلة، وفي مواقع مختلفة في فلسطين المحتلة.
وأشار إلى أن محمد بن سلمان هو الشخص المناسب للترويج للتطبيع التاريخي مع تل أبيب، لكن خشيتها أنه في الأيام التي تتلو اتفاق التطبيع، تبدأ بنوده بالظهور علنا، وأهمها سلسلة اتفاقيات إسرائيلية أمريكية بخصوص المشروع
النووي السعودي، حتى لو كان لـ"حاجات مدنية"، بما يشبه صفقة طائرات "إف 35" مع الإمارات العربية المتحدة.
وأكد المقال أن هذا السيناريو ليس خيالا علميا، فقد انتشرت في الأسابيع الأخيرة أنباء في وسائل الإعلام عن مفاوضات سرية تجري بين تل أبيب والسعودية.
والمطلب الرئيسي للسعودية لصالح إنجاز اتفاق التطبيع هو إقامة مشروع نووي مدني، ومنذ نشر هذه الأنباء، كان المتوقع سماع معارضة إسرائيلية أمنية استراتيجية حازمة لهذه الفكرة، لكن المفاجأة كانت الصمت الرقيق، حتى اليمينيون المتطرفون، لم ينتبهوا لهذا القرار الدراماتيكي الذي سيغير وجه الشرق الأوسط؛ لأنهم انشغلوا أكثر بمشاكلهم السياسية المحلية.
وأشار الكاتبان إلى أن هناك مخاطر محتملة من تطوير هذه الفكرة، ومن أجل فهم الدافع السعودي لتطوير القدرات النووية، من المهم تحديد الصراع المركزي الدائر في الشرق الأوسط، الذي يتجلى في الحروب الدموية في سوريا واليمن والعراق ولبنان، بين أذرع إيران والسعودية، وفي هذه الحالة، فإن موافقة تل أبيب على مشروع نووي سعودي سيكون مبررا للمطالبة الإيرانية بمواصلة تطوير مشروعها النووي، بل سيفتح سباق تسلح نووي في الشرق الأوسط على الفور، وستقفز دول مثل مصر وتركيا أيضا نحو النووي.
واعترفا بالقول؛ إن "اتفاقيات التطبيع مع الدول العربية، لا تضمن سلاما حقيقيا معها، بل اتفاقيات "جافة" بين إسرائيل وأولئك الحكام المستبدين".
ونوه الكاتبان إلى أن قطاعات كبيرة ومؤثرة في السعودية، لا تزال معادية لوجود "الدولة اليهودية"، وإذا وقعت المملكة بأيدي الإسلاميين فإنهم سيصبحون مالكين لقدرات نووية.
وتعيد هذه المخاوف الإسرائيلية إلى أذهان الاحتلال، أنه بعد اتفاق التطبيع كشفت وسائله الإعلامية، أنه كجزء من الاتفاق، أعطى موافقته على توريد طائرات إف35 لدولة الإمارات، بما يضرّ بالتفوق الجوي الإسرائيلي، رغم أنه حجر الزاوية في سياسة الأمن القومي الإسرائيلي.
واليوم في ضوء الإثارة بشأن اتفاق جديد محتمل مع السعودية، لم يظهر نقاش إسرائيلي شامل حول مخاطره المحتملة، علما بأن هناك مشكلة ذات احتمال ضرر أكبر بكثير من أي تساهل إسرائيلي تجاه المطالب النووية السعودية، والقلق الإسرائيلي اليوم أنه لا يوجد حوار استراتيجي متعمق حول الوضع، والخشية أن تكون فوائد التطبيع مع السعودية قصيرة المدى، ومخاطرها على المدى البعيد.