في الوقت الذي تحيي فيه دولة الاحتلال ذكرى تأسيسها الخامسة والسبعين، فإنها لم تعرف فترة معقدة وخطيرة وصعبة مثل المرحلة الحالية، حيث يظهر الجيش والشاباك والشرطة مجبرين في هذه الأيام على محاربة عدو خارجي، وفي نفس الوقت مواجهة تهديد داخلي، ما أدى إلى انضمام وزير الحرب وقادة الجيش والشاباك والموساد والشرطة لتوحيد صفوفهم ليس فقط في محاربة المقاومة وإيران، ولكن ضد وزراء كبار تتعارض أجندتهم السياسية والأيديولوجية مع الأهداف التي يعمل الجيش على تحقيقها على الأرض.
رون بن يشاي الخبير العسكري بصحيفة
يديعوت أحرونوت، ذكر أن "
جيش الاحتلال يخوض الآن عدة مواجهات في عدة ميادين في نفس الوقت، أولها محاولة وقف تقدم إيران نحو الطاقة النووية، وثانيها المعركة بين الحروب، وثالثها القتال في الضفة الغربية، ورابعها الساحة الحزبية الداخلية والدعوات بعدم الوصول للخدمة العسكرية، وخامسها التحديات المعقدة المتمثلة بالتعامل مع الجرائم القومية اليهودية، وسادسها الانتفاضة المتوقعة المتركزة في شمال الضفة الغربية، وهي لا تنحسر فحسب، بل تزداد، ومؤخرا أودت بحياة عدد متزايد من القتلى اليهود".
وأضاف في مقال ترجمته "عربي21" أن "عملية كاسر الأمواج أسفرت منذ فترة طويلة عن زيادة دوافع
الفلسطينيين لاستهداف الإسرائيليين، والتوزيع الواسع للأسلحة، وعدم وجود للسلطة الفلسطينية وأجهزتها الأمنية، فيما شبكات التواصل تفعل فعلها التحريضي، ونتيجة لذلك تضاعفت عدد عمليات إلقاء الحجارة وزجاجات المولوتوف ثلاث مرات مقارنة بالنصف الأول من 2022".
وأشار إلى "تضاعف عدد الهجمات المسلحة التي قُتل فيها يهود أكثر من الضعف هذا العام، ورغم أن معظمها عبارة عن عبوات ناسفة صغيرة ومرتجلة، فإن جودتها تتحسن كما قوتها، بدليل ما شهده مخيم
جنين من خلال كمين العبوة الناسفة، ومحاولات إطلاق صواريخ بدائية".
وقال: "إننا أمام حالات وصواريخ معزولة حالياً لا تعرض الإسرائيليين للخطر، لكن التجربة من غزة تظهر أن الفلسطينيين ينجحون في نهاية المطاف بمساعدة خارجية في تطوير الشحنات المتطورة والصواريخ برأس حربي محسّن، ويتزايد مداها، وكما هو الحال بعد السور الواقي فقد اعترف الجيش والشاباك في الأسابيع الأخيرة بحقيقة أن أساليب العمليات المستخدمة في كاسر الأمواج استنفدت نفسها جزئيًا".
وأضاف: "شهدنا بعض تغيير في أنماط هذه العمليات في ضوء تجدد مشاكل الجيش مع إطلاق النار على الطرق السريعة إما من السيارات الفلسطينية المتحركة، أو إطلاق النار بالأسلحة النارية من مواقع ثابتة، بجانب إلقاء الحجارة والزجاجات الحارقة الروتينية".
وأكد أن "ما تتعامل معه الأجهزة الأمنية حالياً هو التخوف من إقامة مختبرات إنتاج متفجرات بدائية، ومحاولات تهريب متفجرات عادية، وموضوع الصواريخ، ومن أجل إحباط كل هذه التهديدات بشكل فعال، يعمل الجيش في عدة مسارات، أولها عمليات الاعتقال الكبيرة للحصول على معلومات استخباراتية: كمية ونوعية، وثانيها تكثيف المداهمات المستمرة في الأماكن التي سيحصل فيها الشاباك وأمان على معلومات مستهدفة، وثالثها إرسال أكثر من 25 كتيبة من المشاة لتنفيذ الإجراءات المضادة والاعتقالات بأي حجم يبدو لقادة الجيش أنه فعال".
وختم بالقول إنه "نظرا لوجود معلومات استخبارية، فإن الاحتلال لا يتردد بمحاصرة القرى التي تعتبر أهدافا، ويمكن القول إن هناك تركيزًا لجهود الجيش في شمال الضفة الغربية، على غرار تركيز الجهد الموجود خلال الانتفاضة الثانية للاستفادة من تواجده في التجمعات الفلسطينية لإدخال المخابرات فيها، وجمع المعلومات الاستخباراتية، وإفشالها بشكل مكثف، دون أن يضمن ذلك وقف تمدد المقاومة الفلسطينية، وتوسع عملياتها".
الخلاصة الإسرائيلية أن الحديث لا يدور الآن، ولا في المستقبل المنظور، عن حملة على غرار "السور الواقي 2"، لكن عن إمكانية القيام بعمليات لمرة واحدة، ولكن على نطاق واسع، لا يُفترض به فقط مواجهة عمليات إطلاق نار فلسطينية، ولكن أيضًا لتحديد وتدمير مختبرات لإنتاج المتفجرات ووقود الصواريخ، والعمليات الأرضية المضادة على طرق المرور الرئيسية لمنع استهداف المركبات الإسرائيلية وركابها، وتشغيل المروحيات القتالية، وهو ما لم يحدث منذ سنوات عديدة.
للاطلاع على النص الأصلي (هنا)