بعد تعزيز علاقاتها الدبلوماسية مع الإمارات، واستئنافها مع السعودية عبر وساطة الصين، تتطلع
إيران لكسب المزيد من العواصم العربية، خاصة من حصلت معهم أزمة سياسية وصلت إلى قطع
العلاقات، بما في ذلك
المغرب.
وقال أمير عبد اللهيان، وزير الخارجية الإيراني إن "بلاده تتطلع لتطوير العلاقات والعودة إلى حالتها الطبيعية مع الدول الأخرى في المنطقة والعالم الإسلامي، بما في ذلك البلدان المسلمان والشقيقان مصر والمغرب".
وكان تصريح الوزير الإيراني حول إعادة العلاقات الإيرانية المغربية، خلال لقاء نظمته وزارة الخارجية الإيرانية بحضور سفراء الدول الإسلامية المعتمدين في طهران، الخميس 29 حزيران/ يونيو الماضي.
وفي غياب رد رسمي من المغرب في الوقت الحالي، يرى عدد من المتابعين للعلاقات المغربية الإيرانية، أن تصريحات وزير الخارجية الإيراني، جاءت لجس نبض الرباط.
وتشير تعليقات المتابعين على مواقع التواصل الاجتماعي، إلى أن "قطع المغرب علاقاته مع إيران سنة 2018 كان بسبب خلافات سياسية، على رأسها دعم طهران لجبهة
البوليساريو المنادية بالانفصال".
"اليد الممدودة"
منذ عهد الملك الراحل الحسن الثاني، الذي عمل على تقوية العلاقة الدبلوماسية مع طهران قبل الثورة الإسلامية سنة 1979، عاشت العلاقات المغربية الإيرانية، على إيقاع حالة من المد والجزر.
وقرر المغرب قطع علاقاته الدبلوماسية مع إيران، سنة 1981 بعد إعلان إيران دعمها لجبهة البوليساريو التي تتنازع مع المغرب على إقليم الصحراء، فيما منحت الرباط، مقابل ذلك حق اللجوء السياسي لشاه إيران المخلوع محمد رضا بهلوي.
وعادت المياه إلى مجاريها بين الرباط وطهران، بعد عشر سنوات، عبر افتتاح السفارة الإيرانية بالرباط بشكل رسمي، وذلك بعد تراجع طهران عن الاعتراف بـ"الجمهورية الصحراوية" التي تود البوليساريو إنشاءها.
استمرت العلاقات بين البلدين لمدة 18 سنة، وإثر دعم إيران لجبهة البوليساريو، قرر المغرب قطع العلاقات في سنة 2009، ليُعيدها سنة 2015، ويقطعها سنة 2018، لنفس الأسباب.
وفي ذلك، أعلن وزير الشؤون الخارجية والتعاون الدولي المغربي، ناصر بوريطة، عن قرار الرباط بإغلاق السفارة الإيرانية وطرد سفيرها من المملكة، متهما حزب الله اللبناني بالتورط في تهريب الأسلحة لجبهة البوليساريو، بالقول: "لدينا أدلة على دعم إيران للبوليساريو".
وفي عام 2018، نشر تقرير لموقع "ديفنس بوست" الأمريكي يكشف فيه سعي "إيران لتكرار استراتيجيتها في الشرق الأوسط في قارة أفريقيا وخاصة في المنطقة الكبيرة والمغرب، خلال تسليح وتدريب جماعات شيعية متمردة في بلدان مثل السنغال وجمهورية أفريقيا الوسطى ونيجيريا".
الجانب الديني
التوتر بين المغرب وإيران لم ينحصر فقط على مستوى السياسات الداخلية للبلدين، بل امتد للمستوى الديني، حيث اتهمت الرباط إيران، سنة 2009، عبر بلاغ صادر عن وزارة الخارجية المغربية بـ"تشجيع نشر التشيع في البلاد"، مما يستهدف وحدة المذهب السني المالكي "الذي ينتمي له جل المغاربة".
من جهته، أصدر مجلس العلماء المغربي، فتوى في عهد الحسن الثاني لتكفير آية الله الخميني، وذلك بعد توليه مسؤولية المرشد الأعلى للثورة الإسلامية في إيران.
وفي قراءته، يقول حسن بلوان، أستاذ باحث في العلاقات الدولية، إن "الخلاف الإيراني المغربي معقد وأكثر حساسية ويقع تحت ضغط ثلاثة ملفات ثقيلة، وهي قضية الصحراء والوحدة الترابية المغربية، وكف إيران عن سياسة التدخل المهدد للاستقرار في الشؤون الداخلية لحلفاء المغرب في الخليج، ثم العلاقات الممتازة بين إيران والجزائر على حساب المغرب".
وأضاف، في تصريح لـ"
عربي21"، أنه "إذا كانت العلاقات السعودية الإيرانية قد استطاعت أن تخفف من حدة التدخل في الخليج فإنه من الصعب حاليا تغير الموقف الإيراني من قضية الوحدة الترابية المغربية أو تفكيك تحالفها المتقدم مع الجزائر من أجل إعادة العلاقات المغربية الإيرانية".
وأشار الأستاذ الباحث في العلاقات الدولية إلى أن الدبلوماسية المغربية الجديدة تتعاطى مع مثل هذه الملفات بواقعية أكثر ومن غير المستبعد إعادة العلاقات المغربية الإيرانية، بشروط أهمها:
- حياد الموقف الإيراني من قضية الصحراء المغربية
- كف أنشطة إيران المزعزعة للاستقرار في المشرق والمغرب
- ضغط إيران على حزب الله لفك الارتباط بينه وبين ميلشيات البوليساريو الانفصالية
- الحفاظ على التوازن الإيراني في العلاقات مع المغرب من جهة ومع الجزائر من جهة أخرى
ويؤكد بلوان أن "إعادة العلاقات بين إيران والمغرب مسألة وقت فقط بالنظر إلى التغيرات الجيواستراتيجية التي تعرفها المنطقة والتحديات التي يواجهها البلدان، أضف إلى ذلك التقارب الإيراني السعودي، الذي سينعكس بلا شك بشكل إيجابي على العلاقات بين البلدين".
وفي ختام حديثه، يشير الباحث في العلاقات الدولية، إلى أنه "إذا كانت السياسة الخارجية الإيرانية تجيد الرقص على أنغام التوازنات الدولية، فإن الدبلوماسية المغربية تعرف كيف تستفيد من تموجات الواقع العربي والإقليمي، وبالتالي الوصول إلى تليين الموقف الإيراني بما ينسجم مع مصالح المغرب الاستراتيجية وفي مقدمتها قضية الصحراء".